كتاب سبر

المواطن السوري.. أسعد من سواه!

قبيل حلول الربيع العربي، وقبل تدشين عهد المجازر الجماعية في حق النساء والكهول والأطفال.. قبل أن تمتلئ الشوارع والباحات بجثث الثكالى من الأمهات، وقبل أن تمتلئ بطون الطاهرات من الأباكير بأجنة السفاح.. قبل أن تتهاوى المآذن والتكايا والنواقيص فوق رؤوس مصلي الأديان السماوية، وقبل أن تتزين الجدران بعبارات (إما الأسد أو نُحرِق البلد) .. قبل أن يُصدق المواطن السوري الكَذِبة، وقبل أن يحسن المجتمع السوري الظن في المجتمع الدولي، اجتمع ثلاثة أصدقاء من جنسيات مختلفة في جلسة ودية، فقال أحدهم :
ليتحدث، كل منا عن أسعد أوقات حياته !
فقال الأمريكي :
أسعد أوقات حياتي، تكون خلال عطلة نهاية الأسبوع الـ (week end) ، حيث أعود إلى المنزل، ونكون قد أعددنا لحفلة الشواء في الباحة الخلفية لحديقة المنزل، فـيتوافد إلينا الزملاء والجيران والأصدقاء والأقارب، أو نذهب نحن إليهم، فنمضي أمتع الأوقات في الأكل والشرب والرقص .. ونمضي بعد ذلك إلى مخادعنا لننام سعداء قريري العين والبال.
وقال الفرنسي :
أسعد أوقاتي، هي أيضاً في نهاية العطلة الأسبوع، حيث أعود إلى البيت، وقد فتحته صديقتي قبلي، وملأته بالورود والشموع، فنجلس وننعزل عن العالم كله، لنأكل الجاتوه ونحتسي الجعة ونتراقص على سماع الموسيقى الصاخبة حتى الثمالة إلى أن تنتهي العطلة، ونعود إلى روتين حياتنا اليومي.
وقال السوري :
إن أسعد أوقاتكم تمضونها في الأكل والشرب والرقص ومتاع الدنيا، أما أنا فأسعد أوقاتي أجدها حينما أعود إلى البيت متعباً منهكاً جائعاً لا أملك مالاً على الإطلاق، أفتح باب منزلي، فتبدأ زوجتي بالنعيق، وأولادي بالصراخ، أتوجه إلى ثلاجة المطبخ وأنا على يقين تام بعدم توافر أي نوع من الأطعمة والأشربة بها، ومن ثم أنزع ملابسي كيفما أتفق، وأرتدي البجامة الباليه، لأرتمي على الفراش الأرضي كالبعير حينما يخر ميتاً بعد طعنة الجزار الأخيرة !
فقال الفرنسي ؛
وأين السعادة يا صديقي السوري فيما تقول؟
فقال السوري :
انتظر يا صديقي، لم تأت لحظة السعادة بعد، إذ ما أن أرتمي كالبعير، كما أسلفت، حتى أسمع طرقاً قوياً بالباب الخارجي لمنزلي، ثم يكسرون الباب بقوة ويدخلون .. فيقول أحدهم بصوت جهوري غاضب وهو يوجه السلاح إلى وجهي :
أنت أبو هشام ؟
فأجيب : لا يا سيدي ..أنا خدامك أبو إياد
فيسألني مجدداً : وأين ابو هشام ؟
فأجيبه في حسرة : هو يسكن الشقة التي فوق يا سيدي !
ثم التفت السوري إلى صديقيه وهو يقول :
وهذ هي أسعد لحظات حياتي … حينما لا أكون أنا المطلوب !
FaisaiBnOmer@

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.