مش عاوزين سبانخ!
د. هيلة حمد المكيمي
يتساءل بعض الاصدقاء المصريون عن سبب توقفي عن الكتابة حول الحالة المصرية لاسيما انني كتبت عدة مقالات في فترة اندلاع احداث 25 يناير من العام الماضي، حيث عادة ما انحاز لاي حركات شبابية، الا انني لم امانع في التعبير عن مخاوفي في تلك الفترة من عبث ايادي الاستخبارات الغربية والتي تحدثت عنها في اكثر من مقال بانها ستسعى للسيطرة على هذا التغيير عبر تشجيع وصول قوات محافظة لا تتمكن من قلب موازين المنطقة، بل ان هذا التغيير دعمته القوى الغربية في مواجهة القوى الصاعدة كالهند والصين والتي بدت منافسا شرسا لها في المنطقة، فقد ذكر ان بعد سقوط ليبيا تبين ان هناك لا يقل عن ثلاثة ملايين صيني يعملون في مختلف الشركات الصينية في ليبيا، كما ان الصين مستثمر شرس للحديد وغيره من مواد اولية في السودان وبقية دول المنطقة.
بعد مرور عام على الثورة والتي انتهت بثورة ثانية قادتها التيارات الاسلامية للانقضاض على ثورة الشباب من اجل المسك بزمام السلطة، فانني لا ارى ما يشجع على الكتابة في ظل هيمنة تيارات اسلامية تسعى لالغاء الاخر. وقد تبين ذلك سواء في جدلية توقيت كتابة الدستور، وقانون الانتخابات، والدعاية الانتخابية التي هيمنت عليها الدعاية الدينية، وتزوير ارادة الناخبين حتى تردد بأن الاسلاميين كانوا يشجعون الناس البسطاء على التصويت من اجل ان يتحاشوا غرامة قد تصل الى 500 جنيه مصري والتي لم تكن الا اكذوبة! وعلى الرغم من ذلك فقد كانت نسبة المقترعين بسيطة ما يؤكد ان الاجواء تهيمن عليها حالة الاحباط واليأس. وبذلك يكون الاسلاميون افضوا بحالة من خيبة الامل هيمنت على الجميع بمن فيهم المراقبون من دول مجاورة، فقد كنا نعول كثيرا على نجاح النموذج المصري من اجل مساعدة مصر في الحفاظ على دورها الاقليمي والاعتزاز بالهوية العربية القومية.
احد الاعلاميين المصريون ضرب «نموذج السبانخ» من اجل ان تصل الرسالة الى ابسط مواطن عربي، فالاسلاميون الان لديهم شبه سيطرة على معظم الدول العربية. ان لجنة كتابة الدستور المصري والتي يترأسها سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب تعتبر سابقة هزلية، حيث لم يرصد التاريخ الديموقراطي ان يتزعم رئيس برلمان منتخب لجنة كتابة دستور جديد، ما يعني أن الدستور لن يترجم ارادة الامة ولكن نصف الامة او حتى ربع الامة، فمخرجات البرلمان لا تعكس بالضرورة الانتماء السياسي بقدر ما تعكس مزاجية الشارع، ناهيك عن تراجع نسبة الاقتراع ومقاطعة الانتخابات من قبل شريحة كبيرة من المصريين.
ولهذا فان تفرد الاسلاميين في كتابة الدستور المصري، شبهها عمرو أديب بمجموعة من الفلاحين الذين اصروا على زراعة سبانخ على الرغم من اعتراضات ملاك الارض، ولهذا يصرخ اديب في وجه الاسلاميين مرددا «مش عاوزين ناكل سبانخ»!.
و انا بدوري اضم صوتي لاديب، واعتقد باننا ايضا في الكويت «مش عاوزين سبانخ»!،
أضف تعليق