أقلامهم

محمد الجاسم: حبس “نهار الهاجري” يكشف الخلل كبير

مكمن الخلل 

محمد عبدالقادر الجاسم
«.. وأرجو مخلصا أن يعاد النظر في قانون الإجراءات الجزائية الراهن لأن الزمن تخطاه كثيرا، ولم يعد صالحا لمواكبة اندفاع الحياة الاجتماعية المتطورة وارتقاء الفكر القانوني لا أسلوبا ولا موضوعا..».
«.. وإذا كانت كرامة الإنسان وحريته قد حققتا تقدما مدهشا في الكثير من البلاد الأجنبية، فمن حق الحقيقة عليّ، أن أقرر أننا، في بعض أقطارنا، لا نزال نفتقر إلى تفهم أعمق لهذه المفاهيم السامية. وفي بعض التلميح غنى عن كثير من التصريح. وبدافع من شعور مشوب بالقلق، أتمنى مخلصا ألا يكتفي طلبة الحقوق بحفظ حالات الحبس الاحتياطي وإنما عليهم أن يتشبعوا بالقيم السامية التي ترمز إليها كرامة الإنسان، ويكيفوا سلوكهم القضائي على أنوار مفاهيمها العليا، فلا يستخفون بحقوق الأفراد وحرياتهم، فلا يمكن أن يبنى وطن عزيز الجانب على أنقاض كرامات وحريات مداسة بالأقدام».
ما سبق منقول من كتاب «الوسيط في الإجراءات الجزائية الكويتية» للمرحوم الدكتور عبدالوهاب حومد، وقد صدر هذا الكتاب قبل العام 1977 وكان أحد المقررات الدراسية في جامعة الكويت.
حبس المواطن نهار الهاجري احتياطا لمدة 21 يوما إثر اتهامه «بجريمة» حرق العلم الإيراني، يكشف بجلاء أننا في حاجة شديدة جدا إلى إعادة النظر في نظام الحبس الاحتياطي، بل وفي نظام الإجراءات الجزائية برمته، وأكثر من ذلك، نحن في حاجة ماسة إلى مراجعة وضع النيابة العامة ومنهجها في التعامل مع التحقيق عموما.
 
أما النقاش الحالي المتصل في حبس المواطن نهار الهاجري، فهو في معظمه غير ناضج إطلاقا يركز على الجانب السياسي أكثر من الجانب القانوني أو الفني. إن قرارات النيابة العامة بالحبس الاحتياطي في القضايا التي يهتم بها ويتابعها الرأي العام ليس إلا «نافذة» تتيح للناس التعرف على مسلك النيابة العامة عموما في استخدام سلطتها في الحبس الاحتياطي، ومن حق المجتمع أن يناقش هذا المسلك وأن يقيمه شريطة أن يكون هذا النقاش أكثر وعيا وإدراكا بالأوضاع القانونية والمهنية التي أقامت وشيدت هذا المسلك المنتقد. 
وفي ظني أن الخلل كبير جدا في النصوص القانونية، وهذه مسألة مقدور عليها، إذ يمكن إعادة النظر في تلك النصوص وتعديلها، إلا أن الجانب الأهم في الخلل هو ما أشار إليه الدكتور عبدالوهاب حومد رحمه الله، فنحن في الكويت نحتاج فعلا إلى تكريس مفهوم الحرية وحقوق الإنسان، كما أننا في حاجة إلى تخفيف أثر العامل السياسي في مناقشاتنا والتركيز على الجانب الفني المهني الذي يقود إلى الإصلاح الحقيقي.