تقدم النائب عبد الحميد دشتي بسؤاله إلى اللجنة التشرعية بشأن المقترح المقدم من اعضاء المجلس بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 بإضافة المادة 111 مكرر و المادة 111 مكرر أ.
حيث تنص المادة 111 على : “يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من طعن علنا أو في مكان عام يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في الذات الإلهية أو طعن في الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عرضه وعرض أزواجه”.
وجاء نص السؤال كالاتي:
رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية
إيماءا للمقترح بقانون المقدم من بعض الأخوة الزملاء أعضاء مجلس الأمة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 بإضافة المادة 111 مكرر و المادة 111 مكرر أ ، يطيب لي تقديم الملاحظات التالية آملا أخذها بعين الاعتبار :
أولا – بالنسبة للمادة 111 مكرر بأن : ( يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من طعن علنا أو في مكان عام يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في الذات الإلهية أو طعن في الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عرضه وعرض أزواجه ) .
ونرى في سياق ملاحظاتنا على هذا النص المقترح الآتي :
1 – أن النص المقترح أورد عقوبتين متشددتين وهما الإعدام والحبس المؤبد مما يخالف أصول التشريع في العقوبات في شأن منح القاضي الجنائي حرية الاختيار بين عقوبتين
أحداهما مشددة والأخرى مخففة. ولكن في ظل النص المقترح فانه قد يدفع القاضي الجنائي اللجوء الى ما من شأنه أن يحقق له حرية الاختيار بين العقوبات، فلا يجد أمامه من مفر إذا أراد تخفيف العقوبة سوا ان يقرر ، الامتناع عن النطق في العقاب طبقا للمادة 81 من قانون الجزاء ، فلا يتحقق مقصود المشرع في التشديد في العقوبة على الجرائم المرتكبة على الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عرضه أو عرض أزواجه .
لذلك فإنه لا يجوز منح الاختيار ما بين عقوبتين متشددتين لأن ذلك وبطبيعة الحال لا يعتبر تخييرا للقاضي الجنائي طالما أن العقوبة في كلا الحالتين مشددة ، فالاختيار بين عقوبتين أمر لازم في أي تشريع جنائي ولكن لا يكون إلا بين عقوبتين إحداهما مشددة والأخرى مخففة .
2 – أن النص المقترح يقضي بعقوبة الإعدام أو المؤبد لواقعة مجرمة واحدة وهي الطعن في الذات الالهية أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عرضه وعرض أزواجه .
والسؤال المطروح – هنا – أنه اذا كانت الجريمة التي سيعاقب عليها مرتكبها هي واحدة وكانت عقوبتها الحبس المؤبد ، فما هي الظروف التي تغيرت حتى يعاقب بالاعدام في ذات الجريمة التي تكون عقوبتها الحبس المؤبد ؟
ونقصد بذلك أنه إذا كان النص المقترح قد قرر عقوبة الحبس المؤبد فما هي الظروف التي لم يذكرها النص وأوجبت التشديد إلى عقوبة الإعدام على الجريمة المتماثلة سواء أكانت العقوبة إعدام أو الحبس المؤبد .
لذلك فإن النص المقترح يجب عليه أن يقرر بأنه إذا ارتكبت الجريمة في ظروف معينة تكون العقوبة الحبس المؤبد وإذا ارتكبت في ظروف أخرى تكون العقوبة الإعدام بالنظر إلى تلك الظروف التي أصبحت مشددة لعقوبة الإعدام .
كما في حالة السرقة التي نص قانون الجزاء في المادة 219 منه على عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين ، ثم جعل العقوبة في 227 منه الحبس المؤبد إذا ارتكبت في ظروف معينة .
لذلك نرى أن يتم التدرج في العقوبة ما بين الحبس المؤقت والحبس المؤبد إلى الإعدام حسب الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما دام أن واقعة الجريمة واحدة ولكن اختلفت ظروفها .
3 – أن النص المقترح لم يتضمن الحكم بالغرامة على مرتكب الجريمة ، وهو أمر لا بد منه لتشجيع الدولة على ممارستها للإجراءات القانونية ضد مرتكب الجريمة وسدادا لمصروفات الكشف عن هذه الجرائم وتعقب مرتكبيها ، لكون هذه الغرامة ستؤول لخزانة الدولة .
كما أن الحكم بالغرامة من الأصول المتبعة في التشريع الجنائي ،لأنها تدخل في باب التدرج في العقوبة وليس في باب الاختيار بين عقوبتين الذي وضحناه في الملاحظة رقم 1 .
لذا فإنه لا بد تحقيقا لأصول التشريع الجنائي أن يتضمن النص المقترح تدرجا في العقوبة يكون فيه الحكم بالغرامة بمبلغ ما .
4 – أن النص المقترح أهمل أهم وسيلة مستخدمة في وسائل التعبير وهي الوسائل الإلكترونية كمواقع التواصل الاجتماعي ( التويتر ) والمنتديات والمدونات سواء العامة أو الشخصية . وهذا الإهمال لتلك الوسائل جاء بالرغم من أن الجرائم التي ترتكب في حق الرسول صلى الله عليه وسلم أو أزواجه لا ترتكب إلا بتلك الوسائل الإلكترونية .
5 – أهمل النص المقترح آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرين ، على الرغم أنهم أفضل الصلاة والسلام عليهم جزءا لا يتجزأ من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن عرضه الطاهر الشريف .
6 – يقول النص المقترح عبارة ( وسائل التعبير عن الفكر ) ، وهو بذلك أهمل وسائل التعبير عن الرأي . لأنه من الممكن أن يطعن المتهم بالذات الإلهية أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عرضه وعرض أزواجه ، ثم يدعي أن ذلك ليس فكره ولكنه مجرد بأنه
قال رأي لفكر غيره ، فيفلت بذلك من العقاب لأن النص المقترح يتحدث عن الفكر وليس الرأي . مما يستوجب ، حذف عبارة ( وسائل التعبير عن الفكر ) .
لذا نرى أن تكون صياغة المقترح للمادة 111 مكرر كالتالي :
( يعاقب الحبس مدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد عن عشرون سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف دينار ولا تزيد عن مائة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من طعن علنا أو في مكان عام يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول باستخدام أي وسيلة من وسائل التعبير في الذات الإلهية أو طعن في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو في عرضه وعرض أزواجه وآل بيته .
وتكون العقوبة الإعدام إذا ارتكب الطعن عن طريق الكتابة أو الرسم أو الصور أو الرموز باستخدام أي وسيلة من وسائل التعبير أو في الوسائل الإلكترونية بأنواعها ) .
ثانيا – بالنسبة للمادة 111 مكرر أ : ( على أنه يجوز تخفيض العقوبة إلى الحبس المؤقت لمدة لا تزيد على خمس سنوات إذا أبدى المحكوم عليه ندمه وأسفه كتابة وشفاهة وتعهد بعدم العودة إلى سلوكه السابق ، فإن عاد إلى سلوكه السابق قضت محكمة التمييز بسريان العقوبة المنصوص عليها في المادة 111 مكرر ) .
ونرى في سياق ملاحظاتنا على هذا النص المقترح الآتي :
1 – تكرار ذات الملاحظات وتماثلها مع التي أوردناها على المادة 111 مكرر .
2 – لم يحدد النص المقترح مكان إبداء مرتكب الجريمة لأسفه وندمه سواء كتابة أو شفاهة ، هل يكون ذلك أمام جهة التحقيق أو المحكمة المختصة .
3 – إن التقرير بجواز إبداء مرتكب الجريمة لأسفه وندمه شفاهة يفتح الباب للتحايل على العقوبة ، لأن إبداء الندم والأسف شفاهة يعد ذلك وفي حكم القانون واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة وسائل الإثبات ، فيسمح ذلك الإثبات بأن يحضر المتهم شاهدين من أقاربه ليشهدا أنه ندم وتأسف على ما قام به دون أن يصل هذا الأسف والندامة إلى يقين الناس الذين استاءوا من جريمة التعرض للرسول صلى الله عليه وسلم .
4 – لماذا يعلق تخفيض العقوبة من الإعدام أو الحبس المؤبد إلى الحبس المؤقت على حكم يصدر من محكمة التمييز بالرغم من وجود محكمة الاستئناف ومحكمة أول درجة . وكما هو مقرر قضاءا أن محكمة الاستئناف عندما تنظر أي قضية أو دعوى فإنها تنظرها باعتبارها محكمة موضوع فينقل إليها الموضوع مرة أخرى وتنظره من جديد .
وبالتالي فإن عدم السماح لمحكمة الاستئناف في إعمال حكم التخفيض يعد افتئاتا على صلاحيات المحكمة وسلطاتها ، مما يعد ذلك تدخلا في عمل السلطة القضائية مخالفة للمادتين 50 و 115 الفقرة الأخيرة من الدستور .
5 – إن حصر صلاحية تخفيض العقوبة إلى الحبس المؤقت في يد محكمة التمييز ، يعد سببا جديدا من أسباب الطعن بالتمييز .
وحيث أن أسباب الطعن بالتمييز محددة على سبيل الحصر في المادة 152 من المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 1980 بشأن إصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية .
فإن تمكين محكمة التمييز من قبول الطعن على سند من أن المتهم قد أبدى ندمه وأسفه ، يجعل من هذا السند سببا جديدا من أسباب الطعن بالتمييز ، مما لا يجوز تضمينه في النص المقترح لكون المقترح يتحدث عن تجريم لواقعة مرتكبة ولا يتحدث عن أحكام تتعلق بقانون المرافعات الذي يختص هذا القانون وحصريا ببيان أحكام الطعن بالأحكام ومن ضمنها الطعن بالتمييز .
6 – لم يبين النص المقترح حالة إبداء المتهم لأسفه أو ندمه خلال مراحل الدعوى المختلفة سواء في التحقيق أو أمام محكمة أول درجة أو محكمة الاستئناف ؟ وهل من المعقول أن ينتظر المتهم وصول القضية إلى محكمة التمييز حتى تخفض عنه العقوبة, دون أن يكون لمحكمة أول درجة أو محكمة الاستئناف صلاحية تخفيض العقوبة إلى الحبس المؤقت بالرغم من وجود ما يثبت أسف المتهم وندمه ؟
7 – أن النص المقترح لم يقضي بنشر ذلك الأسف والندم والتعهد أمام الناس حتى تطمأن النفوس ولا يستمر غضبهم خاصة إذا قامت المحكمة بنظر الدعوى الجنائية في جلسة سرية وهو ما تملكه المحكمة دون معقب عليها مما يحجب معرفة الناس لهذا الأسف والندم.
لذا نرى أن تكون صياغة المقترح للمادة 111 مكرر أ كالتالي :
( على أنه يجوز تخفيض العقوبة إلى الحبس المؤقت لمدة لا تزيد على خمس سنوات إذا أبدى المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ندمه وأسفه كتابة وتعهد بعدم العودة إلى سلوكه السابق في أي مرحلة من مراحل الدعوى ، بشرط أن ينشر هذا الندم والأسف وذلك التعهد بثلاث صحف يومية محلية على نفقته ) .
أضف تعليق