سبر القوافي

وطن في (شنطة) !

 كيف يكون الأديب بلا (وطن)  ؟

كيف يكون  الشاعر بلا (وطن) ؟

كيف يكون الفنان بلا ( وطن)  ؟

كيف يمكنك  أن تكتب قصيدة  في  وطن لا يعترف بك كــ (مواطن) 
كيف لــ (طفل) أن يرسم علم وطن لا يحمله في أوراقه الرسمية ؟

أصعب  شيء أن  تكون  أديباً  منفياً  في وطنك  ..
أو  يكون (وطنك) منفيا فيك  !
لافرق بين  (المنافي)  جميعها بطعم الرحيل  ..

 

أولو الفضلِ، في أوطانهم، غرباءُ،

 تشِذّ وتنأى عنهمُ القُربَاءُ

(أبو العلاء المعري)

 

كان في بداياته  يحلم أن  يصبح  مصورا فوتوغرافيا تحقق حلمه أصبح  مصورا محترفا جداً ,

 طرق جميع الأبواب  يبحث  عن ( عمل)  ولكن  دون  جدوى  كان شعارهم المعهود ( لا أمل )

عمل لوحده بشكل  عشوائي  ليجعل الأمل  أمام عينيه   ، و وطنه الذي لا يعترف به  في (قلبه) ,

اجتهد  كثيراً  جداً ولكن لا فائدة  .. هناك باب حديدي مقفل في وجهه , ومازال رغم كل هذه المحاولات يلجأ إلى

والدته  يبحث عن (مصروف)  يغطي أبسط  احتياجاته  اليومية ,

في  وقت العمل  يسمع  بشكل غير مباشر  إهانة لا تقصده  ولكنها ( عادة مجتمع)  يبتلع جرحه  وحرجه

من أجل  حلمه ويسكت  ! 

أما  حياته الأخرى كانت في كاميرته   … كان يشاهد من خلالها  أحلامه :

كان يشاهد شهادته التي لم يحصل عليها ..

كان يشاهد  سيارته التي لم يشتريها ..

كان يشاهد  مقعده في العمل الذي لم يعمل به  ..

كان يشاهد حبيبته التي لا يعرفها   ..

كان يشاهد ضحكات والده الغائب عن جلسات الصباح ..

كان يشاهد ابتسامات أمه التي كانت  تبكي كل يوم على حالهم  ..

 

كان يشاهد في كاميرته  ( زفافه) ويسمع صوت  الزغاريد من حوله  و ابتسامات أصحابه  , كان  يشاهد  نفسه أكثر  من إنسان  … لأنه في الواقع (  إنسان إلا ربع)  !

 

كان  يشاهد آدميته المفقودة في وطن  (يدّعي) الآدمية  .. صبر كثيراً  وبلع الكثير من الأمواس  حتى أثخنت حنجرته  بالجراح  ,  لم  يعد يصرخ  .. لم يعد يبكِ  ..  لم  يعد يحلم  /  يريد أن يرحل  فقط  !

و رحل  .. وعند الرحيل ترك  عند والدته …  (  كفيه ) كي لا يلوُح بهما  كثيراً  لأحلامه  !

و ترك  على رصيف  منزله في  (الصليبية)  :

صور أصدقائه ..

وغضب والده حين يتأخر..

وشقاوة أخوته   ..

و  (وطن)   كان  وطن أو احتمال وطن  … حمله معه  في  (شنطة الرحيل)  .

 

[email protected]