أقلامهم

فهيد البصيري: البقر له عزة ومهابة لا يرقى إليها البشر

 احترموا أبقارنا نحترم فئرانكم!

د. فهيد البصيري
الدين هو إكسير الحياة للعالمين، وقد اكتشف الإنسان الأول هذه الحقيقة النفسية وراح يبحث عن إله يحميه، وراح يقدم القرابين للأنهار والبحار، وهام على وجهه في الارض، (وداخ السبع دوخات)، وبعد تفكير طويل وعميق راح يغازل الشجر والحجر والقمر والنجوم إلى أن من الله على الإنسان بالرسالات السماوية حيث جاءت اليهودية ثم المسيحية وأخيرا الإسلام ومحمد خاتم النبيين وطبعا بالنسبة للمسلمين فقط، والدين جزء من تكوين الإنسان النفسي وقد يقبل الشخص المساس بنفسه، ولكنه لا يقبل المساس بدينه، لأنه سر وجوده ومعناه، وحتى من يعبدون القمر والنجوم سخروا من الأميركيين وكفروهم! عندما هبطوا على وجه إلههم ( القمر)، والسائح في الهند يتمنى أن يعامل كما تعامل البقر الهندوسية، فالبقر هناك له عزة ومهابة لا يرقى إليها البشر، ولا حتى رؤساء الدول، ولا ينافس البقر في هذه القدسية إلا الفأر! فهو فأر مقدس وليس مدنس كما يراه الكفار من غيرهم طبعا! فهو فأر مدلل يأكل ما يشاء ولا يعرف شيئا عن مصائد الفئران.
 وعلى كثرة الأديان في الهند واختلاف اللغات واللهجات والطوائف، إلا أن الهنود اثبتوا أنهم هنود وأنهم أذكى وأرقى من الجميع، وأسسوا ديموقراطية من أرقى الديموقراطيات في العالم كفلت حرية هذه الأديان المتناقضة وعلى أساس الاحترام المتبادل وغير المنقوص بين الجميع، واحترموا أبقارنا نحترم فئرانكم.
وسارت الحياة طبيعية وادعة في الهند لا يعكر صفوها سوى متطرف هنا ومتخلف هناك وكلهم مسلمون! ولكن الحياة عندنا في الكويت لم تسر كذلك رغم صغر مجتمعنا وتوحد معتقداتنا، وكأننا نبحث عما يلهينا عن مشاكلنا اليومية، وللأسف الشديد أن من يقف خلف هذا التطرف الحاد هو بعض نوابنا، وكأننا انتخبنا جلادين يبحثون عن الثأر ولا يشفي غليلهم سوى رؤية الدم على أعواد المشانق، ويعتقدون أن في ذلك نصرة للدين وللرسول ولأمهات المؤمنات وللأئمة، وما يغفل عنه هؤلاء وهؤلاء من السنة والشيعة أن الرسول تعرض في حياته لأقسى أنواع الشتم والإيذاء من كفار قريش، ولأنه الرسول فقد صفح وربح، وقصيدة البردة للشاعر كعب بن زهير بن ابي سلمى مشهورة، وهي لم تكن سوى قصيدة اعتذار عن هجوه للرسول الكريم، وقد صفح عنه الرسول بل وأهداه أغلى ما عنده وهي بردته، والقصيدة معروفة ومعانيها واضحة ومنها قول كعب « نبئت أن رسول الله أو عدني،،، والعفو عند رسول الله مأمول».
ولكن الله ختم على قلوب بعض النواب وعقولهم وراحوا يزايدون (ويهايطون) على الملأ وأضاعوا الطريق وأضاعونا من ورائهم، وهذا هو المطلوب بالضبط من وراء هذه القضية، لقد أكلوا الطعم وراحوا خلف سراب ألف وأربعمائة سنة من الخلافات العقيمة ورجعوا بالمسلمين والمواطنين إلى بدايات عصر الرسالة وكفار قريش وحروب الردة، رغم أن المشكلة محلولة في القوانين الموجودة والتي نجترها كل يوم في المحاكم ولا ندري متى سوف تطبق؟!
ونصيحتي للأخوة النواب أن يقرؤوا قبل أن يفتوا، وألا يقاتلوا من أجل القتل، وأن يهبطوا من السماء فنحن لم ننتخب ملائكة، وأن يعقلوا قبل أن يتوكلوا، وأن يتسابقوا على الخير فالشر من مهاميز الشيطان «وإن الشيطان ينزغ بينكم»، «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب».