أقلامهم

محمد السبيعي.. قضية البدون وحكاية حلم لم يتحقق بعد

حكاية حلم

محمد عبدالله السبيعي

يحكى أن هنالك أباً متقاعداً لا يملك من قوت يومه إلا اليسير، لديه ابنة رائعة الجمال والخُلق، إلا أنها قاربت سن اليأس لكثرة عرقلته لمشاريع زواج مضت، ووضْعِه عصاه في دواليب الطامعين.
ولغاية في نفس يعقوب- وإن عرف السبب بطل العجب- فإنه يرى فيها مشروعاً تجارياً ناجحاً يغدق عليه أموالاً طائلة، ولن يتنازل عنه إلا بعد آخر قطرة، ولسان حاله يقول: “أنا أولى بهذه الخيرات، تلك ابنتي من دمي ولحمي، لن أدعها لقمة سائغة للأغراب، سأظل أحلبُ ضرعها حتى ينضب، ثم أتركها لهم”! حينئذ لن يرغب فيها أحد… يا لشدة قساوته!
هو يمثل تلك الحكومة بمعية بعض أعضاء مجلس الأمة بنسب متفاوتة، أما الابنة فهي “البدون الكويتيون”!
كثيرون استعرضوا عضلاتهم الخطابية في تلك القضية، متناسين قول الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً”.
عانى البدون أكثر من 30 عاماً من التسويف والمماطلة، تدحرجت قضيتهم ككرة ثلج، استفحلت واستفحل معها الألم والمعاناة، وجوه عابسة تقابل تلك الحالمة، تصر وتماطل بتلك القضية تفتح الباب على مصراعيه لتهرب أحلام “البدون” مطلقة صرخة مدوية “أنا لديّ حلم”، لا يمت بصلة لحلم “مارتن لوثر كينغ” الذي تحقق رغم صعوبته. أما “البدون” فمازالوا في بوتقة الحلم يسعون منذ عقود طويلة إلى إثبات هوية انتمائهم إلى هذا الوطن… يا لها من مفارقة عجيبة!
نعيش زمناً تتجلى فيه الغرابة، يحاسب طفل بذنب لم يقترفه أبداً، حاملاً أخطاء غيره لا يعرف أرضاً غيرها! يعيش في عالم المجهول: “لا أمان”… “لا شهادة ميلاد”… و”لا تعليم”… و”لا زواج”… و”لا شهادة وفاة”… و”لا حياة”، فهي في نهاية الأمر “مسرحية رعب” يتجلى فيها القهر وإهدار الكرامة لتكون فصول مسرحية كاملة بلا اجتزاء.
لكننا نلمح هناك في ذلك الأفق بصيص أمل يقترب شيئاً فشيئاً يخترق ذلك النفق المظلم، اقتراح بمشروع قانون أشير إليه في ندوة “البدون قضية وحل”، وهو أمر لا يحتمل التأجيل، نحمل مسؤولية ذلك باستعجاله ليتضح لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
ختاماً… كل الشكر والامتنان لمجموعة الـ(29) لفتحهم هذا الملف الشائك واضعين تلك التصورات والحلول، مظهرين مدى إبداع تلك الشريحة وقد كانت ومازالت في طي النسيار