أقلامهم

بدر الديحاني يحذر من أن تصبح الجامعات الخاصة “سوبر ماركت” يمنح شهادات “مضروبة” ووسيلة إثراء سريع لبعض المتنفذين؟

الجامعات الخاصة بين جودة التعليم و السوبر ماركت !!

د. بدر الديحاني
في المقال السابق تطرقنا إلى أهمية قيام الحكومة بتقييم الأداء العام لهيئة التعليم التطبيقي والتدريب من قبل جهة أكاديمية مستقلة ومحايدة من أجل معرفة درجة تحقيقها للأهداف العامة التي أنشئت من أجلها، على أن تنشأ جامعة “جابر” أو غيرها من الجامعات الحكومية الجديدة كهيئات أكاديمية مستقلة لا علاقة لها بكليات “التطبيقي” التي من المفترض أن تطوّر وتعاد هيكلتها لتؤدي الدور المرجو منها ككليات متخصصة، تخرّج العمالة الفنية المؤهلة والمدربة على اكتساب المهارات العالية التي يحتاجها سوق العمل، خاصة في المستويات الإدارية الوسطى.
تقييم أداء مؤسسات التعليم العالي كافة بشكل دوري يجب أن يشمل أيضا الجامعات الخاصة التي بدأت الحكومة في منحها التراخيص منذ عشرة أعوام، ازداد خلالها عددها بشكل ملفت للنظر، مما يجعلنا نتساءل مرة أخرى ما إذا كانت الجامعات الخاصة تنشأ بناء على سياسة تعليمة محددة وواضحة هدفها تلبية حاجات تنموية ملحة، أم أن منح تراخيصها للقطاع الخاص الهادف للربح يتم بناء على دراسات الجدوى الاقتصادية التي يقدمها فقط والتي يعرف الجميع أنه من الممكن التلاعب بها بكل سهولة؟
هذا التساؤل يصبح أكثر أهمية إذا ما عرفنا أن الحكومة قد وفرت للجامعات الخاصة شيئين يجعلان أرباح أي مشروع تجاري لإنشاء جامعة خاصة مضمونة وهما الطلبة والمنشآت. الطلبة يأتون إلى الجامعة الخاصة دون أي عناء من خلال نظام الابتعاث الداخلي الذي يختلف كليا من حيث نسبة القبول وأعداد الطلبة وتخصصاتهم عن الابتعاث الخارجي؛ مما جعل أعداد الطلبة في بعض الجامعات الخاصة يفوق أحيانا طاقتها الاستيعابية، بل إن بعض الجامعات الخاصة تقبل الطلبة في برامج تأهيلية للدراسة الجامعية وهو الأمر الذي يحولها إلى معهد تأهيلي أيضا، الأمر الذي قد يتعارض مع ترخيصها كجامعة. أما المنشآت والمباني فقد سهلت الحكومة للجامعات الخاصة الحصول عليها من أملاك الدولة عن طريق “البي أو تي”، ومنحت بعضها مدارس حكومية لإقامة منشآتها عليها.
من هذا المنطلق فإن ضبط جودة التعليم العالي في الجامعات الخاصة وتقييمه يعتبران غاية في الأهمية، لكنهما لن يتحققا ما لم يتم أولاً وقبل كل شيء التأكد من عدم وجود تعارض مصالح في عضوية مجلس الجامعات الخاصة والأمانة العامة، ثم ثانيا إنشاء جهاز مستقل مختص بمراقبة ضبط جودة التعليم في الجامعات الخاصة وتقييم أدائها العام، مستخدماً المعايير ذاتها المعتمدة من قبل المؤسسات الأكاديمية الدولية على أن يشترط حصول البرامج الأكاديمية التي تقدمها الجامعات الخاصة على الاعتماد الأكاديمي من هيئات أكاديمية عالمية متخصصة، وإلا فستتحول الجامعات الخاصة كما هو الوضع في بعض الدول العربية إلى “سوبر ماركت” يمنح شهادات “مضروبة” ووسيلة إثراء سريع لبعض المتنفذين.