أقلامهم

ذعار الرشيدي: السجن 300 سنة لعادل إمام ؟ … الإبداع تحت مقصلة الرقابة الدينية

السجن 300 سنة لعادل إمام


ذعار الرشيدي
لو أردنا أن نضع الإبداع تحت مقصلة الرقابة الدينية فنحن هنا سنحكم على 90% من الأعمال الأدبية بالإعدام ونحرف معظم الروايات ونتلف آلاف الأفلام، وهذه حقيقة وليست مبالغة، فمسألة إخضاع أي عمل أدبي: رواية أو مسرحية أو قصيدة أو فيلم سينمائي لمشرط الرقابة الدينية، تعني حتما تقطيع أوصاله وقتله بل وإحراق جثته.
ومسألة إدخال النظرية الشرعية للعمل الأدبي هي مسألة محكومة بالفشل، فلا يوجد عمل أدبي إلا وفيه خروج عن النص، لا تخلو رواية من عرض مقطع كفر على لسان احد أبطال الرواية، او مقطع غارق في الحميمية بين بطل وبطلة الرواية، او حتى حديث انتقادي لرجل دين، او ربما تجربة موغلة في العيب لأحد أبطال الرواية حول تجربته مع حادثة اغتصاب في السجن.
العمل الأدبي الحقيقي في الأصل حر، ومتى ما وضع عليه قيد من أي نوع تحول إلى موعظة كغيرها من ملايين المواعظ، كتلك التي يلقيها أب على ابنه، أو مدرس على تلاميذه أو شيخ على طلبة علمه، العمل الأدبي لابد ان يكون حرا وإلا فإنه سيكون جزء مشابها لآلاف الأجزاء من حوله.
العمل الأدبي متى ما دخل دائرة الرقابة الدينية وبدأ يخضع للأعراف وقانون التقاليد سيكون ماسخا أو مسخا مشوها سواء كان فيلما أو مسرحية أو رواية أدبية.
لذا اليوم هوليوود أصبحت تشكل ثقافة العالم سينمائيا بل وحتى روائيا عندما أحالت روائع الأدب العالمي إلى أفلام عظيمة، وأصبحنا نحن في العالم الثالث، بل في العالم العربي لا نصدر شيئا يحمل أي قيمة أدبية، بعد أن حوصر المؤلفون بالنظرة الشرعية والتقاليد والأعراف المجتمعية القديمة جدا، فقتلت الحرية في قلوب المؤلفين لذا تأتي أغلب الروايات العربية مقيدة محافظة ولكنها تخلو من الإبداع.
لا خيال بلا حرية، ولا إبداع بلا حرية، وليس في ذلك اجتراء على الدين ولا على الثوابت، ولكن الكتابة هي الخروج عن فن الممكن والدخول في عالم المستحيلات، ومن هنا تبدأ انطلاقة الإبداع من الحرية، أما والمؤلف يكتب ويتلفت هذا حرام وذاك عيب وهذه لا تجوز، وألف قيد وقيد فلن يبدع، وسنظل نحن نحرم ونرفض الروايات ونستوردها أفلاما رائعة من الكفار.
توضيح الواضح: فتح بعض المتأسلمين نار المحاسبة بالأثر الرجعي على النجم عادل إمام لأمور ذكرها في أفلام سابقة واستصدروا عليه حكما بالسجن لمدة 3 أشهر، وعليه أعتقد أن الباحثين عن الأخطاء لو يحفظون أفلام عادل إمام كما أعرفها لتمكنوا من سجنه ما لا يقل عن 300 عام، ولكن للأسف وكما ذكرت العمل الأدبي أيا كانت رؤية مؤلفه شيء وتطبيق الرقابة الشرعية عليه شيء آخر.