آراؤهم

ديناصورات الكراسي

عندما كنا صغارا وأطفالا لا نعلم شيئا عن هذه الدنيا ، كنا نحلم في يوم من الأيام بان تكتمل فرحتنا ونكبر ونندمج مع هذا العالم الغريب أو تأخذنا الأحلام والخيال البعيد بأنه سيأتي يوم ونكمل دراستنا التي كنا نحلم بها  ، ونتخرج من الجامعات المرموقة التي ينعم بها بلدنا بدون مشقة ، أو واسطات بذيئة ، وكنا نحلم في يوم من الأيام بان نعمل ونتوظف في إحدى الدوائر الحكومية العامة أو بإحدى المؤسسات أو الشركات الخاصة بدون أن نخضع للاختبارات الطائفية أو المذهبية أو القبلية ، وهذا كان حلمنا عندما كنا صغارا ، ولا يخفى على احد كم كنا سعداء في هذا الحلم الجميل الذي يراودنا والذي تربينا عليه منذ الصغر ، فكم كنا نتفاخر مع بعضنا البعض من منا سيصبح مهندسا أو مدرسا أو محاميا أو دكتورا أو ضابطا ووو ، فكان هذا الحلم هو الدافع إلينا لكي نتحمل كل المضايقات والأحزان التي نراها أو بمعنى أخر نتلقاها من أهالينا الكرام ، مع انها جميلة ، فكانوا قساة علينا ويطعمونتا هذا المنهج الدراسي الذي باعتقادي لا يتغير أبدا والمأخوذ من مناهج أشقائنا في الدول العربية والذي باعتقادي اصبح مملا وشديد التعاسة ، ولكن بأحلامنا وأمالنا في المستقبل بان نصبح في يوم من الأيام شخصيات بارزة وقيادية تخدم وطنها بكل إخلاص وجدارة ومفعمة بالحرية والديمقراطية والاحترام المتبادل وهذا كان هو حلمنا الجميل .
ولكن يا للأسف  والحسرة على أحلامنا التي ضاعت هباء وعلى آمالنا التي كنا نحلم بها مرارا وتكرارا ، فاصطدمنا بواقع مر وقاس لا يعرف الرحمة أو المنافسة الشريفة ، واقع يأكل المبدعين والمتميزين ويرميهم فوق الأرفف المتجمدة ، واقع مرير يهضم حقوق الشباب الذي طافته الفرصة في نيل المنصب أو الترقية في الحصول على المكان المناسب ، فكم رأينا أناسا دار بهم الزمن وهم يتمسكون بكراسيهم ولا يتحركون مكانا ، خائفون أن يأتي احد ويحل مكانهم فيرمونه بأتعس وأخبث المكائد والدسائس ليبعدوه حتى لو وصل بهم الأمر إلى إلحاق الأذى به ، أليس هم من نعتمد عليهم ويوجهوننا إلى الطريق الصحيح ، أليس هم من نشاورهم ويأخذون بأيدينا إلى بر الأمان  أليس هم من يساعدونا في إبراز دور النهضة العلمية التي يحتاجها وطني بتنميته المتطورة ، ولكن للأسف هم ديناصورات الكراسي المتحركة والفاسدة فعشقهم أن يموتوا على هذه الكراسي العفنة ولا يهمهم تطور البلاد ونهضته العلمية والحضارية فنراهم صباحا يدقون المسامير على كراسيهم ويتثبتون بها ولا يحركون ساكنا كأنهم حجر في مواقعهم التعيسة ، فيا ليتهم هم أصحاب المبادرات أو الاقتراحات البناءة ولكن للأسف فعقولهم تحجرت ومكانهم الصحيح هو المتاحف الأثرية .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه  هو ؟ من الذي يريدهم ويريد بقاءهم في تلك الكراسي العفنة تاركا خبرات الشباب الذكية والمتطورة والتي تريد أن تخدم البلد بتكنولوجيا حديثة ومتميزة ، أليست قيادتنا العليا هي المشكلة في هذا العفن الاثرى الذي طاف عليه قرونا ، فما المشكلة في تنحى أو بمعنى أخر تقاعد هؤلاء المسئولين على أن يحل مكانهم شباب يطمح لإدارة أو منصب ولكن وبكل بساطة وصدق لقد طاف عليكم الدور أيها الشباب ، فمتى يحين دوركم في قيادة البلد أم إنكم ستبقون في مكانهم إلى ابد الآبدين  أو الى أن يموت إحدى الديناصورات الموجودة على إحدى الكراسي التي تراكم عليها الزمن !!
اصحي  يا حكومة من نومك العميق واتخذي  موقفا شريفا مرة في حياتك في إبعاد هؤلاء الواقفة عقولهم والفاشلة في الإبداع فهم جبناء ويدركهم الخوف من أصحاب القيادة والذين هم افشل منهم في إدارة العمل .
فعلى كل وزير أن يتحمل ما يحصل له فليس كل مرة تسلم الجرة وان يبتعد عن المحسوبيات والواسطات وان يضع الرجل المناسب في المكان المناسب وان لا يبخل بنصائحه وإرشاداته عن مواطنيه وموظفيه  بصورة خاصة وان يبدأ بتنظيف وزارته من هؤلاء الديناصورات التي اكل الدهر عليها وشرب ويضع في المقام الأول العمل والإخلاص في حب الوطن فقط ، وذلك حتى يحلم أطفالنا بمستقبل بدون خوف أو تشكيك في مواصلة تطلعاتهم المستقبلية وخالية من الديناصورات المتعفنة . 
 
adel_alqanaie@hotmail.com