أقلامهم

بدر البحر: المالكي الذي أصبح رئيسا بدعم إيراني… هل يضعنا على المذبح؟

المالكي هل يضعنا على المذبح الإيراني؟

بدر خالد البحر
كان من المفترض أن نسلط الضوء اليوم على المؤرخين الذين يلوون أعناق الأحداث التاريخية ليتقربوا بها إلى السلطة، وخاصة في سعيهم لاحتفالية 1613م عن طريق إلغاء كل التاريخ المعروف، ليقنعونا بمرويات هزيلة وتواريخ مبتورة لنشأة الدولة، ولكننا سنؤجل هذه القضية، لأن هناك أمورا استجدت على الساحة لا ندري ان كان هؤلاء على دراية بها، فمزاعمهم، بأن الدولة بدأت قبل مائة عام من نشأتها الفعلية التي ستضحك علينا دول الجوار، لن تفيدنا لإزاله الخطر الذي يهدد بقاءنا.
قرأنا في بداية هذا الشهر تقريرا لفرودهام ومورس في صحيفة واشنطن بوست، كشفا فيه تسبب شركة أكسون موبيل في نشوب صراع بين البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق، وبين رئيس الوزراء المالكي، حين تعاقدت مباشرة مع كردستان الغنية بالنفط، مما جعل المالكي، الذي يخشى انفصال الاكراد، يستبعد تلك الشركة من أي مناقصات جديدة في العراق، إضافة إلى سعيه الحصول على طائرات ال‍‍ـ «اف 16»، الأمر الذي عارضه البرزاني خشية أن يستعملها ضد الاكراد! فكيف لنا أن نفسر هذه الاحداث من زاوية مصالحنا كخليجيين؟ نحن لسنا سذجا لنصدق ان «اوكسون موبيل» اتخذت هذا القرار، الذي أغضب المالكي، من غير موافقة الحكومة الأميركية التي قررت بيع ست وثلاثين طائرة للمالكي نفسه، وقد لا يعرف كثيرون أن الشركات الأميركية العملاقة التي تسيطر بنفوذها على الكونغرس والبيت الأبيض قادرة على زعزعة استقرار أي دولة، فهل ستتقاتل أقاليم العراق لتبسط إيران نفوذها عليها بمباركة أميركا؟ وما خطورة ذلك علينا؟
المالكي الذي أصبح رئيسا بدعم إيراني أميركي، يواجه اليوم خصوما في الداخل من الشيعة الحكيم والصدر، ومن السنة والأكراد، وفي الخارج من تركيا وبعض دول الخليج الذين يتهمونه بالطائفية، مما جعله يزور إيران الأسبوع الماضي، ويقابل خامنئي. زيارة المالكي هذه مصيرية، فهل توقيت زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة التي استفزت دول الخليج كانت رسالة للمالكي، ليختار إما المعسكر الإيراني أو المعسكر الخليجي؟ خصوصا أن التوتر تعدى الحرب الكلامية التي اعتدنا عليها، ليتطور إلى مناورات عسكرية خليجية، وإنزال جيش إيراني على الجزر المحتلة. 
ولذلك فنحن لا ننظر إلى الشوشرة التي يحدثها الشعب والهدر للمال العام، وصراخ النواب وصراعهم مع الحكومة، داخل «علبة السردين»، بمعزل عما يحدث إقليميا، لأننا لسنا نحن من نحدد مصيرنا في هذه الدولة الهرمة، فتصاعد وتيرة التوتر في الخليج ليس عاديا، ووضع المالكي الذي يسعى للبقاء في السلطة ليس مطمئنا، وقرار العراق الذي سيتخذه في أي وقت للانحياز للمعسكر الايراني بمباركة أميركية خطير جدا، خصوصا بعد أن أحست إيران من قرب خسارتها لحليفها السوري، مما يجعلها تقدم كل المغريات للعراق بما فيها عرض نائب الرئيس الايراني للوحدة معها، وهو ما يمهد برأينا لاستنساخ لبنان ثان في العراق، يكون فيه الولاء معلنا لإيران، وتستمد كل الطوائف دعما من حلفائها في الخارج، تكون الزعامة فيها لحليف طهران، فهل يضحي المالكي بدول الخليج، ويضعها قربانا على المذبح الإيراني؟!
***
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.