كتاب سبر

الحكمة ضالة المؤمن

كثيرة هي الأمثال والكلمات التي سمعناها في الصغر  وعلقت في أذهاننا  وما إن أمعنا النظر في محتواها لقينا بعضها لا يفسر الحقيقة وأنا على يقين تام أن من عمل على قول الأمثال واستطرد فيها على حسن نية،  فنلاحظ في بعضها الصفاء في إطار المعنى ،وفي لب الكلام يختلف في ذكر الفصحاء وإمعانهم في المفهوم ، فقول: ” أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة ”  أتى مطابقاً لما أسلفنا ذكره من درر المعاني عند العرب ، فالرجل الكبير هو الذي يأتي بالحكمة لمن هم دون ذلك تقديراً لعلمه وخبرته في الحياة عن الصغير ، وفي الحقيقة ظاهر هذا المثل يدعو إلى احترام الكبير والطاعة له والامتثال لرأيه ، وهذا لا بأس به إذا جاء على صواب ولكن الحكمة يؤتيها الله من يشاء سواء كان كهلاً كبيراً أم شاباً صغيراً .
 
الشاهد على ذلك دخل الحسن بنُ الفضل على احد الخلفاء وعنده كثيرٌ من أهل العلم، فأحبَّ أن يتكلم، فزجرهُ وقال: أصبيٌ يتكلمُ في هذا المقام؟ فقالَ: يا أمير المؤمنين ، إن كنتُ صبياً، فلستُ بأصغر من هدهد سليمان، ولا أنت بأكبر من سليمان عليه السلامُ حين قال له : ( أحطتُ بما لم تُحط به ) ثم قالَ: ألم تر أن الله فهم الحكمَ سليمان؟ ولو كان الأمرُ بالكِبر لكان داود أولى .
 
@AlMujanni
 www.almujanni.com