كتاب سبر

فتش عن الفساد

يشتكي البعض من ان مجلس الامة تحول الى مخفر  تحقيقات 
و اصبح ينافس السلطة القضائية في مهامها بل ذهب البعض الى القول بأنه تجاوز صلاحياته وسلطاته واخترق مبدأ الفصل بين السلطات .. طبعاً الاصوات التي تردد هذا الكلام هي نفسها الاصوات التي كانت تدافع عن الحكومة السابقة وتجمل سيئاتها 
وهي الاصوات نفسها التي تغيظها الاغلبية في مجلس الامة الحالي …
 
ولكن لنفكر قليلاً في الامر ،اولا لا يختلف اثنان – محايدان على الاقل و لا تحركهما المصالح الفئوية الضيقة – على ان المجلس 
واعضاءه ورثوا شركة كبيرة من الفساد ، و هو فساد استثمر في كل مفاصل الدولة ، و ان المهمة الرقابية هي اساس عمل مجلس الامة و الغاية التي من اجلها ينتخب المواطن ممثليهم في البرلمانات الديموقراطية … فذلك الوسيلة نحو تحقيق العدالة 
وصيانة الوطن ، و بالتالي فان التقاعس عن هذه الوظيفة و التهاون فيها انما هي خيانة لثقة المواطنين و للبلد … 
 
وعليه فان محاولة إضعاف الجانب الرقابي لمجلس الامة بغض النظر عن حجم هذه المهمة و ما تستهلكه من اعمال المجلس انما هي بطريقة غير مباشرة مناصرة للفساد و دفاع عنه ، و بخاصة حينما يطال التحقيق رؤوساً كبيرة رعت الفساد واشرفت عليه …
 
في ظني ان لجان التحقيق الحالية مهمة جداً لأنها للمرة الاولى تستهدف رموز الفساد وتفكك بكل صبر واناة مؤسسة الفساد الكبيرة .. واعتقد بأننا جميعاً مطالبون بأن نقف مع هذا الجهد الكبير الذي يقوم به لجان التحقيق فنحن نعلم انها معركة كبرى يخوضونها على اكثر من جبهة و ضد اكثر من طرف ، ولذلك فان الاصطفاف معهم وشد ازرهم انما هو محافظة على مستقبل البلد … ويكفي اننا التقطنا اولى ثمار هذه الجهود بأن كشف انصار الفساد عن رؤوسهم وسقطت عنهم ورقة التوت ، والى ان تظهر الحقيقة فاننا جميعاً غلباً وغالباً يتوجب ان نكون مع الاغلبية ومع الشرفاء في جهودهم الخيرة …