أقلامهم

فهد الصباح: رئيس وزراء شعبي… هل يكون من المريخ؟

رئيس وزراء شعبي… هل يكون من المريخ؟

م. فهد داود الصباح
ثمة شعار رفعه بعض النواب والسياسيين يفرض علينا التوقف عنده مطولا لما يحمله من دلالات اقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة على الكويت ومستقبلها، وهو شعار «رئيس وزراء شعبي»، واذا كنا لن نقف عند الدلالة الشكلية فيه، اي لن نقف عند مصطلح «شعبي» رغم ما فيه من اشارة تنطوي على ما يشبه فصل اسرة ال الصباح عن الناس واعتبارها كأنها ليست من الشعب، إلا اننا سنذهب مباشرة الى الاضرار الاقتصادية المترتبة على هذا الشعار، ومن الاقتصاد تنشأ الاضرار الاجتماعية والسياسية.
ان الطبيعة الثقافية والاجتماعية للمجتمع الكويتي، وبخاصة ما نشأ على هامش الحراك السياسي في السنوات الثلاثين الماضية، والتأثر الطبيعي بحركة الاحداث في المحيط الاقليمي، فرض لغة سياسية لا تتناسب مع طبيعة الشخصية الكويتية التي كانت طوال القرون الماضية تعيش واقعها وتتعاطى مع محيطها من خلال منظومة خاصة بها تشكلت عبر الزمن، وكانت تظهر بوضوح في الاقتصاد، واثمرت بنية اقتصادية متينة استطاعت الكويت عبرها تشكيل حالة مميزة ليس على مستوى الدول المجاورة، بل على المستويين العربي والعالمي، وبناء على ذلك لم تترك الازمات الاقتصادية التي عصفت في مراحل عدة بها ذات تأثير اجتماعي حاد كما هي الحال مع بقية الدول التي تعرضت للازمات نفسها، وهذا الارث لا بد من اخذه بعين الاعتبار عند طرح اي شعار سياسي بالشكل، لكنه في المضمون يتصل بكل حركة المجتمع والدولة والشعب.
من الثوابت المتفق عليها، ليس كويتيا فقط، بل عالميا، هي أن الفساد الاداري ظاهرة طبيعية في كل الدول، وهنا لا نرمي الى التسليم بالامر كأنه معضلة غير قابلة للعلاج، ولكن لشرح ماذا تعني بعض الشعارات الحماسية التي لا تتصل بالواقع ابدا، فعلى صعيد المثال هل يستطيع النواب بما يحملونه من ارث اجتماعي وسياسي أن يختاروا رئيس مجلس وزراء من غير آل اسرة ال الصباح يستطيع ممارسة دوره بشكل صحيح من دون الاضرار بباقي مكونات المجتمع؟ وهل ستختار الغالبية النيابية رئيس مجلس الوزراء هذا منها، كما هي الحال في الانظمة ذات الحكم البرلماني؟ وهل رئيس مجلس الوزراء هذا سيتعامل مع كل الكويتيين بمعيار واحد؟ وهل سيرضى القبليون بان يكون الرئيس من غير القبليين، او من هذه الطائفة او تلك؟ وما شكل العلاقات الاقتصادية في الكويت استنادا الى ممارسة هذا الرئيس؟ بمعنى اخر، نرى يوميا الضغوط التي يمارسها بعض النواب للاستحواذ على مناقصات المشاريع التي تطرحها الدولة، وكيف احيانا يتحول وزير الى ضحية هذه المناقصة او تلك لانه لم يراع خاطر هذا النائب او ذاك وعمل بما نص عليه القانون لكن عوقب على اتباعه القانون عبر الاستجواب.
كل ما تقدم يؤسس لنقاش حقيقي حول مدى المخاطر المترتبة على طرح شعارات سياسية تدغدغ مشاعر البعض والهدف منها تحقيق مكاسب انتخابية واظهار اصحابها بمظهر الابطال، لكنها في الواقع لها اثار سلبية كبيرة على المستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد قبل ضررها السياسي، وهو ما سنتطرق اليه في مقالات مقبلة، لكن قبل ذلك، لنسأل: اذا كان واقعنا الاجتماعي والسياسي على هذا النحو الذي نعايشه فهل نأتي برئيس مجلس وزراء من المريخ ليتناسب مع ما يطرحه البعض من شعارات؟ وهل آل الصباح ليسوا من الشعب، ورئيس مجلس الوزراء المنتمي الى الأسرة الحاكمة ليس مواطنا كويتيا، اي هل هو ليس من الشعب، بعبارة اخرى: أليس شعبيا؟ وقبل هذا وذاك ما مفهوم مصطلح شعبي؟

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.