مليار مسلم يكرهون أميركا.. لديمقراطيتها الحرة..!
عواطف العلوي
نعم، هذه هي الصورة التي بذلت الحكومة الأميركية جهودا مضنية معزَّزة بأقوى التقنيات والأساليب الإعلامية والنفسية والسياسية في سبيل إقناع الأميركيين بتصديقها والإيمان بها، لتوجد لنفسها إطارا شرعيا مقبولا، بل مسنودا من شعبها، لما تقترفه من جرائم وحشية في حق الإنسانية والعدالة، باسم «الحرب على الإرهاب»..!
ولأنها محسودة على منبر «الديمقراطية المتفتحة الحرة» الذي تعتليه فوق رؤوس العالمين.. فقد أخذت على عاتقها عهدا بتحصين هذا المنبر ضد «الإرهابيين»، وبالذات العرب منهم والمسلمين، والذين تَعُد مجرد قيامهم بحفر بئر ارتوازية أو ترميم مسجد في باكستان أو أفغانستان دعما للإرهاب موجهًا ضدها وضد أمنها وضد ديمقراطيتها..!
لكنها في ذات الوقت لا تريد أن تتلوث أرضها (النقية الطاهرة) بانتهاكات لحقوق الإنسان طالما لوت لسانها متشدقة بالدفاع عنها في المحافل والمجالس الدولية، ونصَّبت نفسها حامية للعدل وحقوق البشر في كل أرجاء المعمورة، بل وحقوق البهائم، فذرفت الدموع أربعا أربعا على قطط لا تجد لها مأوى، وكلاب لا تتوافر لها أندية للترفيه، وخرافٍ (تُغتال) بأيدي وحوش قساة يستخدمون «السكين» لذبح حلال بدلا من «الخنق»..!
لذا لجأت «المسكينة» إلى قاعدتها العسكرية في خليج غوانتانامو، التي استأجرتها من كوبا منذ عهد الرئيس الأميركي روزفلت مقابل 2000 دولار سنويا، لتكون مقرا لنفث كل وحشيتها المكبوتة، بعيدا عن سلطة ورقابة القانون الأميركي الحامي لحقوق المعتقلين وأسرى الحرب والسجناء، ولصب جام همجيتها المخفية خلف شعاراتها الزائفة على هؤلاء المعتقلين لنزع اعترافات منهم، على جرائم أدانتهم – دون محاكمة – بأنهم اقترفوها أو ساهموا في تنفيذها ضد الولايات المتحدة الأميركية..!
إنه معتقل غوانتانامو، المكان الذي بات اسمه ولون زي مساجينه البرتقالي عنوانا لرعبٍ تنمحي معه كل القيم والأخلاق الإنسانية، حيث يرزح تحت وطأة ذله وسعار قسوته سجناء يعيشون داخل أقفاص عبارة عن سياج فقط، لا خصوصية فيها ولا حماية من شمس أو مطر، تُسلّط عليهم أضواء الكاشفات كأنهم كائنات غريبة في حلبة عرض، وتلتحم أرجلهم وأياديهم بسلاسل باتت جزءا من أجسادهم اعتادوها على الرغم من ثقلها وقسوتها..!
ورفقا بمشاعركم، فلن أسرد عليكم صنوف التعذيب وألوان الإذلال والضغط النفسي التي تمارَس كل يوم، بل كل ساعة ودقيقة، ضد هؤلاء المعتقلين لسحق ما تبقى فيهم من كرامة أو بشرية، ضاربة عرض الحائط باستنكار وتنديد كل المنظمات الإنسانية والأصوات القانونية داخل الولايات المتحدة وخارجها، والمطالبات المستمرة بإغلاق هذا المعتقل غير الدستوري، حتى أن الرئيس الأميركي نفسه فشل في تنفيذ وعوده التي أطلقها أيام حملته الانتخابية بإغلاق هذا المعتقل في غضون اثني عشر شهرا من توليه الرئاسة، فالمعتقَلون فيه هم أناس (أشرار)، كما يراهم معسكر الصقور في الإدارة الأميركية..!
هل عرفتم الآن.. كيف يعيش فايز الكندري وفوزي العودة، منذ عشر سنوات وأربعة شهور وستة عشر يوما؟!
أضف تعليق