السر.. في اللوحة! (1)
منى العياف
كنت هناك في قلب «الحدث»، بل أعتذر كنت في قلب «المسرح»، ذلك الذي يشع الآن كراهية وحقدا، مجلس الأمة، وكعادتي لم ألتفت الى ما كتبته الصحف عن الاستجواب ولأنني اعلم جيدا أن كل صحيفة يفرض عليها التناول من زاوية مصالحها فقط، لهذا أذهب لأقيم بنفسي الاستجواب وأصل الى الحقيقة المجردة بأم عيني!
»الكويت للكويتيين» عبارة أصر المستجوب على تدوينها ووضعها على طاولته قبل المضي في استجوابه الذي لم يبدأ أصلا!
هذه اللوحة أشعلت الأجواء وبدت القاعة بعدها وكأنها أصيبت بزلزال مخيف أربكني وشعرت في هذه اللحظة فعلا بأن الكويت لم تعد للكويتيين.
هذه حقيقة، لم تعد، لقد بدا ان هذه الجملة «جرم مشهود» ضبط النائب متلبسا بارتكابه ويجب إخفاؤه وبأسرع وقت، قبل ان تقوم قيامة النواب والتي قامت ولم تهدأ نارها إلا بعد إزالة اللوحة!
في تلك اللحظة وجدتني أستعيد الذكريات المريرة التي صاحبت وقوع الغزو الصدامي على الكويت، داهمني إحساس فعلي بأننا قد لا نكون دولة وانما نحن الكويت أصبحنا المحافظة التاسعة عشرة، تذكرت أزلام صدام في مؤتمر القمة العربي المنعقد بعد الغزو مباشرة والذين طالبوا بعدم تخصيص مقعد للوفد الكويتي، الكويتيون ووفدهم أصبحوا رعايا العراق!
تذكرت مطالب «الاخوان المسلمين» آنذاك حيث أصروا على ألا تذهب قوات أجنبية لتحرير الكويت واستبدالها بقوات إسلامية، وتذكرت ما قاله احد قادة «الإخوان» في الأردن وهو «أبوحمزة النابلسي» بتاريخ 3 يونيو 1991: «ليس من الحق ان يلام الاخوان المسلمون على موقف اتخذته معظم الجماعات الإسلامية الذين يرون ان حرب الخليج ليست إلا حربا ومؤامرة على الإسلام وأن الجحافل الأجنبية جاءت لتنفيذ هذه المؤامرة».
ويتساءل النابلسي قائلا لمحدثه: «ألا ترى ان الإسلام أهم من الكويت وشعبها؟ هل تطالب تنظيما عالميا بأن يترك البلوى الأعم لكي يصرف جهده بالبلوى الأخص ويترك المؤامرة من أجل مشكلة؟!».
أتذكر ايضا انه في الانتخابات البرلمانية السابقة تحديدا جاءت داعية كويتية إلى دار من دور الرعاية بوزارة الشؤون لتحاضر هناك وقالت لهم أبشروا بنسائم الخلافة الإسلامية، وحكت لهم عن تجربتها في اليمن بأنهم يذهبون لنصرة الإسلام هناك!
من المؤكد ان القارئ يتساءل الآن عن ماهية الربط بين كلمة «الكويت للكويتيين» التي أصر المستجوب على وضعها أمامه وبين المد الإسلامي الاخواني في الوطن العربي وهنا في الكويت؟!
شهادتي، هي ما رأيته بعيني وهو ان من اشتط وأزبد وأرعد في اللحظة التي وضعت فيها هذه اللوحة هم المحسوبون على جماعة «حدس» (الصواغ ـ الشخير.. الخ).
وكل منهم عبر عن ذلك بأسلوبه الخاص، هناك من استخدم «عقاله» وهناك من استخدم «ألفاظاً نابية»، والآخرون طالبوا بشدة برفع هذه اللوحة!
يا اخوان، الكويت ليست للكويتيين واتذكر هنا الشهيد «النوت» الذي رفع صورة المغفور له الشيخ جابر الأحمد ودفع ثمن حمله هذه الصورة!
نختلف مع جويهل وقلتها مرارا وتكرارا ولكن ما السر في تلك اللوحة التي اعتبرها البعض مستفزة وغير مقبولة، ولا بد من رفعها في بيت الأمة «بيت الكويتيين فقط»، في الوقت الذي لا يستند فيه دعاة هذا الأمر الى أي شيء مطلقا ولا مخالف للائحة!
في قلب «المسرح» كان هناك نحو 98% من الجمهور من ناخبي الدائرتين الرابعة والخامسة، وكان هناك تحفز وتآمر واضح بين المنصة ونواب بعينهم.
في جعبتي الكثير من الملاحظات وفي فمي الكثير من الماء ولكني سآتي على ذلك في حديث آخر لأوضح لكم ما حدث، وما يضحكني ما يتردد حول «حكمة السعدون» الذي قال للمستجوب لن اطبق اللائحة.
وقال ايضا ان هذا الاستجواب مقدم للمجلس وليس للوزير.. ولا عزاء لك يا كويت!
وللحديث أكيد بقية!
.. والعبرة لمن يتعظ!
أضف تعليق