حلم كويتي لن يتحقق أبداً!
ذعار الرشيدي
أمس الاول اكتشفت اننا نعشق تهويل الامور، بل نتفنن في جعل الاشياء اكبر مما هي عليه، الخميس مرت رياح شديدة لمدة ثلاثة ارباع الساعة فجعلوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الخدمات الاخبارية عاصفة لا تبقي ولا تذر، فمنهم من حذر وبالغ في تحذيره، ومنهم من طالب الجميع برفع الاكف بالدعاء، وكأن بركانا في جال الزور سيثور، رغم ان كل ما في الامر سراية عبرت كغيرها من رياح موسم السرايات التي ستنتهي الثلاثاء القادم.
سراية عابرة جعلنا منها بتهويلنا للامر عاصفة تسابق الجميع للتحذير منها، وفي صباح ذات اليوم كان قد شهد مجلس الامة احداثا مؤسفة بتعرض النائب محمد الجويهل لزميله النائب الفاضل والمحترم جدا د.حمد المطر بما لا يليق ولا يجوز ولا يصح، وانتهى الامر بتطبيق اللائحة على الجويهل بحرمانه من حضور الجلسات واللجان لاسبوعين، وقيام المطر برفع دعوى ضده في المخفر وهذا حقه، الى هنا وانتهى الحدث، هذا الحدث جديد على مجلس الامة ومستهجن ايضا، بل مرفوض، ولكنه حصل، اما ان يصور الامر بأنه نظرية مؤامراتية والتحذير من سقوط الديموقراطية وتهدم اركان معبدها، فهذا ما لا يجوز ايضا.
قصف مجلس النواب الروسي «الدوما» بالقذائف ولم تسقط الديموقراطية في روسيا وان كانت ديموقراطيتهم برأيي عربية الهوى، وأعني كما حصل في تبادل كرسيي الرئيس ورئيس الوزراء بين مدفيديف وبوتين، وكذلك لم تسقط الديموقراطية عندما اقتحم اعضاء حزب معارض البرلمان الكوري الجنوبي وحطموا ابوابه لمنع توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الاميركية، فالديموقراطية في كوريا الجنوبية لاتزال بخير، رغم ان نواب المعارضة هناك اقتحموا المجلس وحطموا ابواب القاعة الرئيسية، وتبادل بعضهم اللكمات.
نحن ايضا يحصل لدينا شد وجذب، واذكر انه عندما اقتحم الاعضاء وبعض الشباب قاعة عبدالله السالم ناح البعض نواح الثكالى على الديموقراطية وكيف انها ستنتهي وتموت وتذوي بهذا الاقتحام، رغم ان كل ما في الامر نواب معارضة وشباب غاضب من ممارسات حكومية كانت تقود البلاد الى دمار شامل، لم يكن من الممكن وقفه الا بواسطة ميسم كي الاقتحام والتظاهرات التي انتهت فعلا بتغيير المشهد السياسي الى الافضل كما لا نزال نأمل.
دعونا لا نهول الامر بعد اي حدث سياسي، ونضع الامور في وزنها الصحيح، السرايات السياسية العابرة والمعكرة للاجواء احيانا، طبيعية جدا حتى ان سببت شذوذا مؤقتا في الطقس، ومهما بلغ حجمها يفترض ان مثل هذه الحوادث جزء من التأثيرات الجانبية للديموقراطية، فلا نجعل من الامر مناحة ولا مناسبة للطم وشق الجيوب، كما فعل البعض بعد حادثة الاقتحام، كانت مرفوضة نعم، ولكنها حصلت وانتهت الى ما انتهت اليه، وكذلك حادثة النائبين المطر والجويهل، وقبلها ايضا حادثة الراشد والنائب السابق خلف دميثير، وبينهما حادثة الصواغ والمطوع، نرفض هذه الحوادث، وندينها، ولا نتمناها، ولكنها حدثت، ولكن يجب الا نعلن نعي الديموقراطية، بسبب مثل هذه الحوادث او غيرها، وطبعا يجب الا نسير على اهواء من يريدون تكفيرنا بالديموقراطية، الذين يهولون من هذه الحوادث، ويروجون او يحاولون ترويج اننا سنكون افضل حالا بلا ديموقراطية، وهم المسبب الخفي لبعض تلك الحوادث.
الامر يؤخذ بقياسه الحقيقي، حادثة وانتهت، ولكن قطار الديموقراطية ركب سكته ويسير وان كان ببطء، ولن يوقفه احد، فالقطارات لا تقف بسبب مشاجرة راكبين، وسكة قطار الديموقراطية لا يستطيع اي كان ان يقطعها، يحلم البعض بالتعليق ويتمناه البعض ويسعى البعض لان يتحقق، ولكن احلامهم وأمانيهم وسعيهم ستتحطم على صخرة ارادة شعب لم يعد يتأثر بحديث نافذين جل ما يملكون الآن حلم لن يتحقق.
توضيح الواضح: الديموقراطية هي خيارنا، ويجب ان نعترف بان هنالك اخطاء في الممارسة الديموقراطية لدينا، ولكن الديموقراطية في اسوأ حالاتها افضل مليون مرة ضوئية من غيابها.
أضف تعليق