عيب
إقبال الأحمد
قدر ما أنعم الله علينا بنعمة التفكير والإنجاز، ومن خلال انجازات من تفوق علينا بالفكر وجاء لنا بثورات العلم، وآخرها تقنية وتكنولوجيا الاتصالات، حيث تتصل بمن تريد وأنت في سريرك، وتشاهد الافلام والاحداث وانت متمدد على كرسي مريح، وتتبادل الحديث والدردشة مع اصحابك واهلك وانت في مكانك، وتطمئن على اولادك كل صباح وانت في بلد آخر، وتتابعهم وهم يستعدون للذهاب الى مدارسهم في بلدهم بالصوت والصورة، الا ان كل هذه التقنيات تتحول الى نقمة اذا ما اسيء استخدامها كما يحصل اليوم.
ومن الحكمة ان يفكر كل انسان في تداعيات ما يقوم به، اذا وضع نفسه في مكان الآخرين الذين قد يلحقهم الضرر من سلوك يقوم به ولو كان بحسن نية.
مع ازدياد حفلات الاعراس او اي احتفالات اخرى، وبخاصة عندنا في الكويت، بدأت تنتشر ظاهرة لا اخلاقية تخترق خصوصية الآخرين.. وخصوصا من قام بدعوتهم ليتشاركوا معه الفرحة.. فقد لاحظنا جميعا ان صور اصحاب الحفلة والمدعوين اليها تنتشر كما النار في الهشيم بين الناس والكل يعلق ويفتي.
هناك من هو محجب من العرايس او المعازيم، وبحكم ان المكان يخلو من الرجال فالكل يأخذ راحته في اللباس او الرقص تعبيرا عن فرحة المناسبة، الا انك تصاب بالغثيان من توزيع مشاهد الرقص التي تشارك فيها بناتنا بكل براءة، والتي تفاجأ الواحدة منهن بأنها في كل هاتف وتحت يد من «يسوى او من لا يسوى».
أين الضمير واين الشعور بضرورة احترام خصوصيات الآخرين؟ كيف يسمح الانسان لنفسه ان يكون جزءا من شبكة توزيع مقاطع الفيديو لزفة العروس المحجبة وهي غير متحجبة، او للفتيات في ملابس السهرة وهن يرقصن في حفل خاص، لو ان كل واحدة او كل واحد تصل اليه صورة او مقطع من حفل خاص قام بالغائه فورا دون اعادة ارساله مرة اخرى لأي كائن من كان، لاستطعنا محاصرة الموضوع وتقليل دائرة الانتشار قدر ما نستطيع.
ولكن للأسف قلة من الناس تعي هذا الموضوع، فقد اصبح موضوع التصوير والتوزيع جزءاً من حياتنا اليومية، وباتت متابعة تلك الحفلات، بفضل مجموعة غير واعية من النساء والفتيات لخطورة الموضوع، امرا سهلا للكثيرات من النساء اللاتى يغرمن بمتابعة كل صغيرة وكبيرة في تلك الحفلات، وهن ممددات في بيوتهن، ثم تقوم كل واحدة منهن بتوزيع ما يصلها الى الحبايب حولها، لتنتشر بعدها الى الابعد ثم الابعد، وينتهي بهذه الصور والمقاطع الى اناس لا علاقة لهم بالموضوع ابدا، وحينها قد يساء استخدام كل هذه الصور والمقاطع.
قدر احترام اصحاب الحفلات لنا وتكريمنا بدعوتنا لمشاركتهم فرحتهم، علينا احترام خصوصياتهم والتوقف عن تصوير الناس، والاكتفاء في حال الرغبة بتصوير الديكورات او الكوشة، اما البشر فعلينا ان نكون بعيدين عنهم حفظا واحتراما لخصوصياتهم كائنين من كانوا واينما كانوا.
من الصعب جدا التحكم بالموضوع.. كأن يتم جمع الهواتف النقالة قبيل الدخول لصالة الافراح…ولكن اذا ما بدأت كل واحدة منا بنفسها ونصحت من تمون عليها، فبالتأكيد ستخف هذه الظاهرة يوما بعد يوم، لان من ترفع هاتفها لتصور الاخريات دون علمهن، ستجد من يلتفت اليها ويقول لها عيب.
أضف تعليق