وصفة حكم للإتحاد”المُخلّج”
خلود عبدالله الخميس
يقول جهاد الخازن «تحدثت مع سارة لي وتسون مسؤولة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش وقالت لي من حق الشعب أن يطالب بإسقاط النظام، فقلت لها نعم من حقه إن جاء بالأغلبية، ولكن يسقط النظام من أجل أن يأتي بنظام ديمقراطي، لكن هؤلاء لا يرغبون في نظام ديمقراطي، بل إن بعض القيادات الشيعية في البحرين تابعة لإيران وتريد تطبيق نظام ولاية الفقيه في المملكة» هذا تصريح الصحافي اللبناني لإحدى الصحف الخليجية! وانتهى قوله وبدأ قولنا.
لقد ربط حق الشعب البحريني في تقرير شكل نظام الحكم بالأغلبية والديمقراطية. بالطبع فهذه هي المعادلة الغربية، ولكن هل هو مؤمن بهذين السببين لتغيير الأنظمة في أي نظام؟ أم أنه إيمان خاص صممه ليتلاءم مع مملكة البحرين خاصة؟ هو أعلم بما يؤمن به من عموميات وخصوصيات. فالصحافيون والكتاب على مر الأزمان والأزمات ممنهجون تبّع، غالبهم للأسف، ولا دين لهم ولا رب. وقبلتهم العملة!
أما إن كان ذا مبدأ، لا يحيد عنه، يرتكز على دعم تغيير الأنظمة شرط تحقيق «الأغلبية والديمقراطية» و «ليست لديه كتابة موجهة» كما يقول. فما الذي يمنع أن تقرر غالبية الشعب البحريني أنها تريد نظاماً يتبع ولاية الفقية، هذا إن كانت غالبية فعلاً، وإن كانت أيضاً تريد نظاماً دينيا؟ أيضاً الإجابة لديه هو. فهو يقول «أنا أعرف الوضع البحريني جيداً منذ كنتُ مراهقاً»! حقيقة كان كلاماً ضعيفاً غير مقنع ولكن متوقعاً. وذكرته مثلاً لرأي سأطرحه اليوم.
أيّ حكم ليبقى، يستخدم مثلث المثقف المؤدلج، الكاتب الممنهج والسياسي الفاسد، المثقف المؤدلج، لا يمكنه أن يكون مفكراً عادلاً. ولكنه منظر منافس؛ لذلك لن تجد من فكره حياداً وحقا لتثق بطرحه. والكاتب الممنهج، الذي يقول للرأي العام كيف يرى الأحداث، بسلسلة من التحريضات المدفوعة وهو أيضاً يحث الشارع للتحليل كما يشاء عرّابه!
أما السياسي الفاسد، الذي لا يهتم إلا باستمراره في منصب «السياسي» غالباً هو رديف للسلطة لارتباط بقائهما نفعياً!
إذاً العوامل الثلاثة مرتبطة ببعض: المثقفون، كُتاب الرأي والساسة، وهم أضلاع مثلث القرار لتشكيل المجتمعات والدول؛ لذلك تستخدمه الأنظمة القائمة لصنع «لوبيات» تعزز بقاءها وتدافع عن وجودها، وإن كان وجوداً مُفترى وبقاء مُغتصَبا!
فطفت على السطح حقيقة أن الأزمة التي يواجهها السواد الأعظم من الأنظمة أخلاقية. وبعيداً عن الأديان التي يتحسس منها عبدة القوانين والدساتير. فإن النظام الوحيد الذي يمكنه الصمود هو الحكم بالأخلاق.
في قرن منفتح تكنولوجياً بشكل مرعب. فلا خصوصيات فيه أبداً. ووسائل التواصل التكنولوجي المسماة بـ «وسائل التواصل الاجتماعي» هي «الجاسوس المشروع» لتتبع أفكار البشر ومنهجيتهم في اتخاذ القرار وأيديولوجياتهم وانتماءاتهم وهواياتهم ونقاط ضعفهم واستعدادهم للخيانة العظمى سواء للوطن أو للنظام!
وتبني فلسفة الحكم بالأخلاق ليس ضمن أجندة الأنظمة المنخورة الأساسات التي لا يتعدى المواطن باعتبارها الأجير! ولا تتورع عن التبعية للمنظومة العالمية وهم أقرب أحفاد لـ «سايكس بيكو» من ذوي القربى المصلحية في تشرذمهم!
لذا، فنحن في أمسّ الحاجة لإعلان «الاتحاد المخلّج» وهو تعبير ابتدعته لوصف «الاتحاد الخليجي المزمع» وهذا ليس صنعاً للعجلة، بل عكس لمفعول «نظرية التجزئة الاستعمارية» الممنهجة المؤدلجة ضد المسلمين منذ قرون، وأوجها ما اتفقت عليه الروم رغم اختلافاتهم، ونتج عن هدم آخر خلافة إسلامية في الدولة العثمانية بمعاولنا. فهل من ذوي أبصار يعتبرون أن القصة واحدة والوجوه تتغير فقط؟!
وأن الأحداث تمشي بدوائر تبدأ من نقطة تعود إليها طبقاً لجدول زمني ولكن بمطية مختلفة في كل مرة لا بخط مستقيم بدايته معلومة ووجهته مجهولة؟! ختاماً، لقد طرحتُ في هذا المقال أفكاراً يمكن أن تكون فرشة لطريقة حكم مختلفة لقيادات الأمة الإسلامية قد يعود بعض ماء وجهها المهدور. هذا إن أرادوا البقاء كأصلح وليس كواقع وفرض.
ووصفاً لواقع لا كِبر ومدح للذات. لو كنتُ أوروبية أو أميركية أو من أي مكان غير هذه البقعة لاتخذت السلطة إلى كل سبيل فقط لأفكر لهم، ولكننا قوم كانت نصائحنا بجملٍ وتُشترى، وأضحت بنعلٍ تُلطم بها عقولنا!
أضف تعليق