سبر القوافي

هنري زغيب شاعر الحب والهوى

شاعر … وقصائد 

هنري زغيب  شاعر لبناني كتب القصيدة الكلاسيكية والتفعيلة والنثر الجمالي 

ولد في جونيه، تخرج من الجامعة اللبنانية كلية الآداب وحصل منها على ليسانس في الأدب العربي. درس لمدة 7 سنوات الأدب العربي والترجمة والتعريب وتاريخ العلوم عند العرب والفلسفة العربية في أكثر من معهد.

 1972 بدا الكتابه الصحافيه في جريدة النهار، وبعام 1975 كتب في مجلة الصياد وتراس خلالها تحرير القسم الثقافي.

1976 انتقل إلى مجلة الحوادث حيث استلم رئاسه قسم التحرير الثقافي فيها وبقي فيه لمدة أربع سنوات

1979 تفرغ للكتابه في جريدة النهار فقط ولا يزال حتى اليوم فيها، وعنده زاويتان أسبوعيتان زاوية (أزرار) وزاوية (كومبارس).

 1988 سافر إلى الولايات المتحدة ألقى خلالها سلسلة من المحاضرات والأمسيات الشعرية وصدر له في واشنطن كتاب مختارات من قصائده في اللغتين العربية وترجمتها الإنكليزية. 
عمل بالتدريس الجامعي في الولايات المتحدة وذلك في جامعة جورج تاون في واشنطن وفي جامعة فلوريدا. 

عام 1994 عاد إلى لبنان نهائياً وأسس لجنة الأوديسا الشعرية الأدبية واستأنف إصدار مجلته الشعرية (الأوديسا) التي كانت تصدر في بيروت بين الاعوام 1982 و1984 وكان قد أوقفها عندما سافر إلى الولايات المتحدة، وهي مجلة شعرية لا تنشر إلاّ القصائد الجديدة أو دراسة عن الشعر، لا تنشر قصة ولا مسرحية ولا مقالة فقط مخصصه للشعر.

مؤلفاته

أول كتاب نُشر له كان عام 1970 وهو قصة مترجمة واستمر بعدها بمجال ألترجمة
“لأنني المعبد والإلهة أنتِ”، أول مجموعة شعرية صدرت له كانت عام 1981
“إيقاعات”، 1986
“سمفونية السقوط والغفران”، 1992
“من حوار البحر والريح”، 1994
“صديقة البحر”، 1997
“أنت ولتنته الدنيا”، 2000


 من مجموعة “أنت ولْـتَـنْـتَهِ الدُّنيا” دُعَــــــاء
رَبِّ، رُحماكَ، يا وَليَّ الجَمالِ
صُغْتَها صِنْوَكَ: اصْطِفاءَ الخيالِ عِيدُها اليومَ؟ عِيدُك اليومَ!
هاني كُلَّ يَومٍ أَفيكَ فيهِ حَلالي يا إلهي، وأَنْتَ أَكْمَلُ وَجْهٍ،
صُغْتَ في وَجْهِها ضِياكَ يُلالي
فأنا، في بَهاكَ،
أَصبَحْتُ من شَمسٍ أَراها
وغيرَها؟ من ظِلالِ.
رَبِّ، شَأْ
يَنْهَمِلْ نَقاها بِقلبي
فَنَقَاها غَدَا رَبيبَ الكَمالِ أنا عُمْري صَومَعْتُهُ في يديها
أنا “كَرْمَلْتُ” في رُؤاها خَيالي وتَنَسَّكْتُ في مَداها سَعيداً
فانْخطافي انْتَشَى بِأَهْنَإِ حالِ إنها نَبْضَتي لِنَهْدَة قلبي
إنها قُوَّتي لِـكُلِّ احْتِمالِ فاحْتَضِنْها يا ربِّ
أَلْقَكَ فيها
أَنْ إِليها إِليكَ تَوقُ مآلي إنَّ عُمراً مَنَحْتَني
لم يَكُنْ عُمْري سِوى
يومَ شِئْتَها في ابْتِهالي صالَحَتْني مع الوجودِ!
فشُكْراً يا إلهي على عَظيم المَنالِ!
 “صديقة البحر”
هي هذي حكايتي و”صديقة البحر”
إنها حكايةُ عمري
إنها حكايةُ حبّي الذي يساوي عمري
قبلَها كنتُ أعيش
منذ هي، صرتُ أحيا
بها ابتدأَتْ حياتي الحقيقيَّة
وبين يديها تنتهي…
بدونها لا حياةَ لي
لولاها لَجِئتُ الحياةَ، وعقيماً رحلْت
اللهُمَّ اشهدْ أنني شهدتُ
لمجدكَ العظيم في حبيبتي
للجمالِ فتعبدَكَ مخلوقاتُكَ
للكمالِ فتعرفَكَ
للحُبّ فتقَدِّسَ فيضَ عطاياكِ!!!
ويا حبيبتي
يا “صديقةَ البحر”،
أنتِ دمي
حتّى آخرِ كلمةٍ من دمي
فاشهدي أنّني وَفَيْت:
في أول “نحن” سأَلْتِني أن أَكتُبَكِ
أن أَكتُبَني
أن أَكتُبَنا…
و… ها إني كَتَبْت.

من مجموعة “تقاسيم على إيقاع وَجهكِ”

هُبَّ
هُبَّ من نَومِكَ الهَنِيِّ وَلُوْعا
حِبَّني… حِبَّني… وَزِدْ بِي وُلُوْعا
صَوتُك الْهاتِفُ ارْتَجِلْهُ نَجِيِّي
هَمْسُكَ العِشْقَ خَلِّهِ مَسْمُوْعا
لا تَنَمْ… عُد إلى نُذورِك واصْرُخْ
أَنَّني حُبُّكَ الوحيدُ نُزُوعا
قُلْ بأن لَم تَشِفَّكَ امْراَةٌ قَبْلي
وأَنْ لَم تُحِسَّ قَبْلِي خُشُوعا
قُلْ وإِذ طاعَتِي تُذيبُكَ، تَرقى
قِمَّةَ الحُبّ طاعةً وخُضُوعا
حِبَّني… حِبَّني وَفَتِّح شَرايِيْنِي
بِضَوْعٍ أُريْدُه أن يَضُوعا
وإذا ضاعَ صُغْ لِضَوْعٍ جَديدٍ
كُلَّما قُلتَه أَعِدْهُ شُرُوعا
جُنَّ بِي بَعدُ، جُنَّ، عَنْدِلْ ضُلوْعِي
وَلأَصُغْ من صَداكَ فِيَّ ضُلُوعا
قُل وَقُلْ بعدُ لا تَوَقَّفْ فإن تَغْصَصْ
فَقُلْها الصلاةَ فِيَّ ركوعا
قُلْتَها؟؟؟ الآن نَمْ هَناً وانْتَظِرْني
أتَصبّاكَ ذاتَ يَأْتيكَ صَوتِي:
“هُبَّ من نومِكَ الهَنِيِّ وَلُوعَا”
من مجموعته الشعرية “من حوار البحر والريح”

شاعرَ الحب
حلّتْ بنا نكبةٌ جارَ الزمان بها
وطعنة الجرح ليست في تسامينا
يا شاعرَ الحب
لا تقلقْ على وطن الجمال والحب
واخلدْ فيه مفتونا
بلادكَ البَدْعُ
لن تغفو على وجعٍ
أقسى التوجُّعِ زهوٌ في تباكينا
نحْييك؟
أم أنتَ في ذكراك تحْيينا
يا شاعر الحب
ضيَّعْنا الهوى فينا
فاغفر لنا أننا جئناك مفتقداً
ما نحن نحْييك لكن… أنت تحْيينا.
ذاكرة البَجَع
ماذا أقول
وأرضي كلُها وجعُ
وشعبيَ / الجُرحُ جيلُ لفَّهُ الهلَعُ؟
ماذا أقول سوى
مِن بعدِ كنتُ أنا كنّارة الشرق
صرتُ الشرقَ ينصدعُ
طويتُ أشرسَ أعوامٍ على زمن “الموت الكبير”
وآبى الموت بي يقعُ
لأنني وطنٌ تعلو به قيمٌ
ما مسَّها المنتهى
في بَدْعها البدَعُ
لأنني “يوسف” الإخوانِ
أجملُهم أنا وأصغرُهم
يا عارَ ما صنعوا
قدَّمتُ قلبي لأسقي كل ذي عطشٍ
راح العطاش بقلبي بعدما جرعوا…

من مجموعته الشعرية “منصّة”

الشاعر وكلماته
يا ساحرَ الكلماتِ الغِيْد تَفْتِنُها
مَن غيرُ أنتَ يُدانِيْها فَتَضْطَرِبُ؟
أنتَ المُرَقِّصُها تِيْهاً ومُخْصِبُها
نَسْلاً من البَدْع تيَّاهٌ بِه العُجُبُ
أَنتَ المُمَوسِقُها بِالطِّيْبِ عَنْدَلَةً
لِجَرحةِ الآهِ منها يَطْرَب الطَّرَبُ
أنتَ المُغَنِّجُها فَالزَّنْد مَملكةٌ
أنتَ المُطَوِّعُها تَنْصاعُ، تَلْتَهِبُ
أَنتَ المُمَوسِمُها خِصْباً فَأيُّ جَنىً
إِن لم تُبَيْدِرْهُ حَتَّى مِنْكَ يَذَّهِبُ
يا ناحتاً في رُخامِ الضَوْءِ بَوْحَ رؤىً
وَكُلُّ رُؤيا على كفٍّ لَها نُصُبُ
يا راسِماً في الحُرُوْفِ البِيْضِ شَعْشَعةً
فالخَطُّ في الكِلْمَةِ الهَدْلى لهُ خَبَبُ
يا عاشقَ الكِلْمَةِ الهَيْمَى وسَيِّدَها
أنتَ المُلَعِّبُها بالعُجْبِ تَنْسَكِبُ
تُمَسْرِحُ الرؤيَةَ الوَسْنَى فتُلْبِسُها
وَجْهاً، قِناعاً، بِحُكْم الدَّوْرِ يَنْقَلِبُ
فاعْصِف بِها بَعدُ أَخْصِبْها تَلِدْ دُرَراً
وأَجْرَأُ القَوْل إِنّ الشِّعرَ يُرْتَكَبُ
من مجموعة “تقاسيم على إيقاع وَجهكِ”

كامِلاً حُبّي
كامِلاً حُبّي… أو انّي لا أُحِبُّ    واحدٌ، لا صِنوَهُ للكون، رَبُّ
أَنتِ؟ فَلأُغْلِقْ على كلِّ صدىً    منبعَ الصوتِ، فـلا يَنْمُ مَصَبُّ
كان عُمْري قبلَكِ: الوهْمُ غشى    فوق عينَيَّ تَهاويْمَ تُصَبُّ
منذ أَنّي – مطلعَ العمر- فتًى    نَهِمٌ للحُبِّ فالآمالُ قُرْبُ
كنتُ إمّا ومضةٌ تَحفزُني    أُشعِلُ البَرقَ جنوناً ويهُبُّ
يَمتطي لَهْفي جُموحٌ… وأنا    بِي من اللهفةِ ما يشتاقُ شعبُ
فإذا أَلْمَحُ ومضاً… خِلْتُهُ    عصفَ برقٍ بعدَهُ الرعدُ يَدُبُّ
حاجةٌ كانت لِشِعري، أن أَعي    بي حناناً يَحتويني فَأُحَبُّ
ومراراً خُيِّلَت لِي عصْفةٌ    وهي لا… لكنني للعصف أحبو
فأُوافينِي الى موعدِها    واهِماً أرسُمُ ما قد أَستَحِبُّ
وإذا ما ألتقيها والِها   ً قلتُها: “هذي”… وأَمضي: “أنا صَبُّ”
غيْرَ أنّي، آجلاً، أكشفها    لَحظةً زوغى مداها الومض يكبو
راوَدَتْنِي متعةً أو قلَما   ً وإذا حفنةُ ريْحٍ ما أَعُبُّ
بِتُّ في صحرا ربيعٍ مُجدِبٍ    أصعبُ الوهمِ ربيعٌ وهو جَدْبُ
تَحتويني خيبةٌ… يَجرَحُنِي    طيفُها أَسْرَعَ من ومضٍ ويَخبو
أَنْكَفي: هل بعدُ بِي إشراقةٌ    لو أتَى فَجْري؟ وهل بِي بعدُ قلبُ؟
فجْأَةً أنتِ!!! وَشَكٌّ مَضَّنِي:    أتكونينَ كما هُنَّ… وأصبو؟
جِئْتِنِي أنضرَ من حُلْمٍ إذا    راودَ العشاقَ هاموا وأَحبّوا
كان في عينيكِ حزنٌ منهَكٌ    وأنا يَأْسُرُنِي حُزْنٌ يَلَبُّ
كِدتُ أرتَدُّ… فَدَوّى في دمي    أنْ: هو الْحُبُّ الذي رؤْياهُ حُبُّ
وإذا بِي بعدَ ظُهر العمر في    صَحوةٍ من خيبةِ الوهم تَدُبُّ
وإذا مستقبلي يومِئُ لي:    معكِ البدءُ… وعمري بكِ حَسْبُ
وجِهاتِي… صِرتِها خامسَةً    فَمَداري أنتِ… فيكِ الكونُ رحْبُ
غرقت خلفي جسوري وعَلا    نَـوَّ أمواجيَ عمقٌ مُسْتَتِبُّ
لَم يَعُدْ لِي غيْرُ أنتِ الغدُ بِي    كلُّ آتٍ أنتِ… ما إلاّكِ درْبُ
كانَ ما كانَ… فيا سعدي!!! وها    عُمُري – مُذْ صِرْتِهِ- عُمْري الأَحَبُّ
فاشْهَدي: أُقْسِمُ بالْمابعدِ أنْ    كاملاً حُبّي… أو انّي لا أُحِبُّ!