خطر مواقع التواصل الاجتماعي
د. سعود محمد العصفور
صافحتُه فأبى إلا المعانقة!
وهاتفتُه فأبى إلا المواعدة!
وكتبتُ له فأبى إلا المواصلة!
شاقَ وتعلّقَ بي كأني معه!
كان الهاتف قديماً يوضع في مكان بارز، ليستخدمه كل أفراد الأسرة، وكان في مقدور كل شخص أن يرد على المكالمة الواردة من دون استثناء، ثم يحيلها إلى الشخص المعني بالاتصال.
لم يكن في مقدور فرد من الأسرة أن يطيل المكالمة، لأن البقية هم كذلك في انتظار من يتصل بهم، وإذا استخدم أحد الأفراد الهاتف في غير الأوقات الاعتيادية شك في أمره، ووضعه بقية أفراد الأسرة في خانة الشك، حتى يثبت لهم عكس ذلك.
أما اليوم، فهاتف المنزل قلما يستخدم، فالجميع يستخدم هاتفه الشخصي النقال، حتى في المكالمات المنزلية الداخلية.
نسب الطلاق بالكويت في آخر الإحصائيات فاقت كل تصور، وأحد أسبابها الرئيسية، ما يطلق عليه اصطلاحاً «الخيانة الزوجية»، وهذا الأمر أصبح هاجساً عند الزوجين على حد سواء، فلم يعد الزوج وحده يخون، بل إن الزوجة كذلك معنية بذلك.
الأمر جد خطير، ولم يعد لهذه المعضلة حل ناجع في ظل تطور وسائل الاتصال الحديثة، التي لم تعد فيها المعلومة خافية على كل أحد.
الخطر في بساطة التداول، يتمثل بالإتاحة الجديدة التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي كالإيميل، والماسنجر، والفيسبوك، والتويتر وغيرها، ففي إمكان كل فرد أن يتواصل مع غيره في كل مكان وزمان عبر الهواتف المحمولة دونما رقيب.
صحيح أن الثقة هي الأساس في التعامل البشري، وقد تكون جواباً لدحض هذا الخطر، لكن الأمر في سياقه الواقعي لا يحقق ذلك، ففي هذه المواقع كل المغريات الكفيلة بإطاحة الثقة المنشودة، والوقوع في مزالق الغواية، وأبسط أمثلتها ما يقع في دائرة الإعجاب والاستلطاف، ثم يبدأ بعد ذلك الخيال، والحب، والعشق، والهيام، وسهر الليالي، واللوعة، والاشتياق، والعزلة عن الناس، في واقع جديد فرضته النتائج المباشرة لمواقع التواصل الاجتماعي التي تتم في نطاق السرية، وتحت راية الحرية الشخصية.
لن يكون الأمر – في كل الأحوال – خارجاً عن الحرام والممنوع، فالتواصل هو تواصل بين الذكور والإناث عبر وسائله المختلفة، فالكلام المباشر، والتحدث بالهاتف، والكتابة – وخاصة في الواتساب والماسنجر والتويتر والفيسبوك وغيرها – هي تواصل شئنا أم أبينا، للشرعيين آراؤهم فيها، لذا لا بد من توضيحها حتى لا يقع الفرد في الممنوع والحرام.
والواقع الحتمي لكل ذلك يتطلب تضافراً في الجهود، من علماء، وحكماء، لتبيان ذلك وخطره على أفراد المجتمع، فلا بد من حلول واقعية تناسب الطرح، أما القول على إطلاقه حراماً أو حلالاً ففيه مجافاة للواقعية، لذا استوجب، وضع ضوابط شرعية وأخلاقية شأنها التقليل من خطورة تلك المواقع.
والامر لا يقتصر البتة على العلماء، والحكماء، بل يتحتم على وسائل الإعلام بمختلف صنوفها، أن تتعرض لهذه المشكلة الخطيرة، وتقيم لها الندوات، والمؤتمرات الثقافية، والتوعوية، من أجل بيان خطر مواقع التواصل الاجتماعي، وتشخيص العلاج، ليس بحجبها، بل بتوظيفها التوظيف اللائق شرعاً وعرفاً وواقعاً.
أضف تعليق