كنت قد كتبت هذه الدراسة بتاريخ 23 ديسمبر 2011 وكانت عبارة عن مقالات كتبتها حول الربيع العربي قبل أكثر من سنة .
واليوم وبعد أن ظهرت حقائق جديدة أعدت كتابة صياغة هذه الدراسة لكي نرى الوجه الأخر من الربيع العربي .
اوردت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية في تاريخ 19-5-2012 قيام الحكومة الأمريكية سراً بدعم شخصيات كانت وراء انتفاضة المصريين وثورتهم حيث كانوا يخططون لمدة ثلاث سنوات لتغيير النظام المصري.
وقد كشف موقع ويكليكس الكثير من المفاجآت والمراسلات التي تؤكد هذه المعلومات.
في برقية دبلوماسية سرية، أرسلت في 30 ديسمبر 2008، سجلت مارغريت سكوبي، سفيرة الولايات المتحدة في القاهرة، أن جماعات المعارضة وضعت خططا سرية لتغيير النظام قبل الانتخابات الرئاسية التي كانت ستُعقد سبتمبر في عام الثورة .
وتميزت هذه المذكرة ” السرية ” التي أرسلتها السفيرة سكوبي إلى وزير الخارجية الأمريكي في واشنطن العاصمة حول حركة 6 ابريل لترتيب زيارة لكيفية تغيير النظام .
وأضافت “عدة قوي المعارضة” “وافقت على دعم خطة غير مكتوبة للانتقال إلى ديمقراطية برلمانية التي تشمل نظام رئاسي ضعيف وسلطة رئيس الوزراء والبرلمان، قبل موعد الانتخابات الرئاسية عام 2011” وقال المصدر في السفارة أن الخطة كانت حساسة جداً إلى درجة لا يمكن كتابتها.
ومع ذلك أظهرت الوثائق أن الناشط الذي كان في اتصل بالسفارة الأميركية تلقى دعماً مكثفا لحملته الانتخابية المؤيدة للديمقراطية من جانب المسؤولين في واشنطن وساعدت السفارة الناشطين حضور “قمة” للناشطين الشباب في نيويورك، التي كانت تنظمها “وزارة الخارجية الأميركية”.
ولعل الجميع تابع البرامج التي عرضت في بعض القنوات العربية وتكلمت عن دور بعض المؤتمرات في تدريب الشباب على كيفية التعامل مع المظاهرات وكيف تنظيمها وكيف يتواصلون اجتماعيا مع بعضهم البعض وكيف يقاومون رجال الشرطة .
بل كانت هناك مؤسسات أمريكية وأوروبية تعمل بداخل مصر وخارجها على كيف نشر الديموقراطية وماهي مساوئ الأنظمة الحاكمة .
ولعل أزمة المعتقلين الأمريكيين السياسيين والتي سميت بقضية التمويل الأجنبي لهي خير دليل على ما أقصد.
عندما قامت الثورة البرتقالية في اوكرانيا سنة 2004 وانتصرت وجدت أمريكا ضالتها المنشودة فعرفت أن هناك أسبابا لسقوط الدول لكن بشروط معينة وتحتاج إلي تطوير وتعليم فقامت الولايات المتحدة بإنشاء عدة مراكز ومنها مركز هو “Business for Diplomatic Action” وتم تأسيسه في عام 2005 والهدف دراسة هذه الظواهر ووضع خطط ودروس ورؤي لكثير من دول العالم والتي تتشابه أوضاعُها الداخلية مع نفس أوكرانيا أو مشابه لها ومن يدير هذه المنظمة عدد من كبار رجال الاعمال والشركات الامريكية، وتم انفاق مليارات الدولارات لكي تحقق المنظمة اهدافها.
…………
بعد سقوط الدولة العثمانية وظهور دول وممالك وجمهوريات صغيرة وكبيرة والذي تمت بمخطط بريطاني والتي قسمت الدول كلاً منها على حسب بيئته ظهرت مشكلة جديدة حديثة في بعض الجمهوريات والتي زرعت بين الممالك والدول كتجربة ديموقراطية تتداول فيها الأحزاب الحكم كمصر والجزائر وسوريا وحتي العراق التي تنوعت بين الحكم العسكري وحكم الأحزاب وتكمن المشكلة في توريث الحكم في هذه الجمهوريات والذي يؤدي إلي توريث السياسة وهذا يعني ظهور المزيد من الدول الملكية والتي يحكمها أُسر حاكمة.
وكانت سوريا هي أول المحطات ونجحت هذه التجربة في توريث الحكم حيث نجح بشار الأسد وحزبه في إدارة الدولة بنجاح فحاولت مصر وليبيا اللحاق بسوريا ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا لن ترضي بهذه الملكيات الجديدة وإن كان ظاهرها الجمهورية ولكن لم تعجبهم سياسة توريث الحكم وهي أيضاً توريث السياسة حيث كان مثال بشار الأسد واضحا جداً فهو لم يحد عن خط أبيه خطوة واحدة فلم يتغير سوي الوجه وإنما هي نفس العقلية ونفس الفكر.
فبدأت الخطط من قبل المستعمرين الجدد ( بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ) للإطاحة بهذه الجمهوريات أو الملكيات الجمهورية وخصوصاً أنها دول غنية بالنفط كليبيا ودولة كمصر والتي شارفت على الانتهاء من العجز التي تعانيه من عقود حيث أثبتت التقارير الاقتصادية أن مصر سوف تنهي العجز خلال عامين وتدخل في عالم فوائض الميزانيات كما بعض الدول.
تعبت أوروبا من مزاجية القذافي وكثرت مشاكله في الآونة الأخيرة وكان القذافي يهيئ أبناءه وهم نفس فكر أبيهم حيث أن الأولاد تقريباً كأبيهم في افتعال المشاكل والأزمات وكذلك المزاجية في التحكم بثروات ليبيا ونفطها الكثير والغني.
وأما بالنسبة لمصر فكان الرئيس السابق محمد حسني مبارك يهيئ ابنه جمال لحكم مصر والذي وعلى حسب وزيرة الخارجية الأمريكية والتي صرحت بعد أسبوع من ثورة مصر قائلة ( لقد نصحنا الرئيس المصري مرراً ولكنه لا يستمع إلينا ولا يقبل النصح).
للمزيد من المعلومات افتح الرابط وهو مقالتي ( تاريخ ثورة مصر ) (http://mutaralmusiaria.blogspot.com/2011/02/blog-post_7456.html )
قال مايكل شوير.. الرئيس السابق لوحدة ملاحقة بن لادن بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي. آي. إيه” على شاشة التليفزيون الروسي “روسيا اليوم” كلاما خطيرا يتعلق بسياسة بلاده في الشرق الأوسط وحربها ضد الإرهاب.قال ان الولايات المتحدة الأمريكية تعيش حربا ضد الإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001, هي حرب دينية ضد عدو وهمي.
وفي ما يتعلق بثورات الربيع العربي قال إن الإصرار الأمريكي اللامنطقي علي تطبيق الديمقراطية العلمانية في المنطقة سيهدد استقرار الشرق الأوسط، بل والعالم أجمع في نهاية الأمر.
فعلى سبيل المثال لا يتوقع شوير أن تكون هناك ديمقراطية في مصر أو تونس أو ليبيا بشكل مماثل لتطبيق الديمقراطية في الغرب.
،،،،،،،،،،،،
تنبأ المركز الأمريكي” “Business for Diplomatic Action “بحدوث ربيع عربي قادم ولكن لا أحد يعرف متي وأين؟
كانت هناك أسباب داخلية وأسباب خارجية ساعدت على قيام الربيع العربي.
أما الأسباب الداخلية فهي:
بعد توريث الحكم والسياسة في المقالة السابقة جاء دور السبب الرئيسي أو المحرك الأساسي الذي حرك الربيع العربي ألا وهو الفساد.
كان الفساد هو المادة الأساسية التي عزفها الإعلام الغربي للمستعمرين الجدد والتي وجدت لها آذان كثيرة تطرب لها.
وكان الفساد المالي والإداري والفقر وتزوير الانتخابات والظلم وتوزيع الثروات على من هم مقربون لرئيس الدولة والفقر وعوامل كثيرة هي التي حركت الشعوب وهو الذي عزفت علية آلات المستعمرين الجدد.
وأما الأسباب الخارجية فهي تخبط معمر القذافي رئيس ليبيا في عدة أمور منها التحكم بالنفط الليبي وكأنه يملكه وتفجيره لطائرة البان أم الأمريكية وتفجير طائرة يوتا الفرنسية فوق صحراء تينيريه في النيجر في شهر سبتمبر (أيلول) الذي أوقع 170 قتيلا بينهم 54 فرنسيا ومحاولات الإغتيالات وأسباب كثيره.
وفي مصر كان للمد السلفي الديني دور كبير في اطاحة الرئيس المصري السابق محمد حسني كما أشارت جريدة الفايننشال تايمز والكاتب ضياء رشوان يمكنك الرجوع لمدونتي مقالة ( الثورات العربية والمد السلفي ) ولوحظ في السنوات الأخيرة الخصام الواضح بين الحكومة المصرية والأخوان المسلمين ورعاية الدولة للسلفيين وفتح القنوات الفضائية بل حتي الشارع المصري تأثر في المد السلفي وانتشر النقاب واللبس الأفغاني والثوب العربي وانتشار المد السلفي يعني وجود خطر كبير علي إسرائيل وكذلك قيام دولة اسلامية قوية بعد سنين.
ولا ننسي أن هناك سببا قويا لدعم أوروبا للربيع العربي والسبب يرجع إلي أمرٍ لطالما أرق أوروبا لعقود إنه انتشار الإسلام في أوروبا ويرجع ذلك إلي كثرة المسلمين في أوروبا والذين فروا من بلدانهم إما من الفقر أو من البطش والظلم أو من الفساد الذي استشري في بلدانهم العربية ، لذلك حاولت جاهدة أوروبا إنجاح الربيع العربي ونشر الديموقراطية فيه وذلك لوقف نزيف الهجرة إلي أراضيها.
قال برلماني كويتي /ان ربيع الاحزاب الاسلامية وليس الربيع العربي هو القادم للمنطقة بدعم امريكي ومباركة تركية.
وأضاف : وبعد سوريا لتستعد دول الخليج ‘لملكيات دستورية’ على غرار هولندا والنرويج والدنمارك ولتستعد المنطقة من الآن لحكومات شعبية منتخبة فمن غير المقبول الديمقراطية بجميع الدول العربية والعالم أجمع وتظل دول الخليج بدون تغيير .
وأكمل : ومن غير المنطقي والمقبول تدخل دول الخليج لتغيير الانظمة في ليبيا واليمن وسوريا وتظل هي كما هي وراثية ومتسلطة وفاسدة مضيفاً ان البذخ المالي لا ينقذها من التغيير.
اعتبر المؤرخ البريطاني الشهير إريك هوبسباوم أن الحملات الانتخابية للرئيس الأمريكي باراك أوباما هي التي وضعت بذرة الثورات والحركات الاحتجاجية في العالم العربي وقال “ما يوحد هذه الثورات هو سخط شعبي مشترك، وقوى حاشدة من الطبقة الوسطى الحديثة، وخصوصاً الشباب، وكذلك طلاب الطبقة الوسطى، وبالطبع التقنيات الحديثة التي جعلت حشد المحتجين أكثر سهولة اليوم والتي حشدت بنجاح الشباب الذي لم يكن يهتم بالسياسة من قبل، وكان ذلك بشكل كبير عبر شبكة الإنترنت”.
ويرى هوبسباوم أنه فيما يتعلق بهذا السياق لم تكن الاعتصامات تعبّر عن احتجاجات حاشدة، ولكن عن تجمعات من الطلاب وممن لهم ثقافة مضادة( وهنا أفل نجم الشاب المصري وائل غنيم ) .
نعم هناك حلول وليس حل واحد ونبدأ بأبرزها وهو الإعلام ولكن لكل دولة إعلام رسمي ورقابة صارمة علي المرئي والمسموع والمقروء بحيث لا يمكن أن ينتقد الاداء الحكومي ولا يمكن حتي توجيه رسالة إلي الرئيس.
لذا كان لابد من الاتجاه إلي الإعلام الخارجي وأقصد قناة العربية المشهورة والتي رفعت شعار(صوت من لا صوت له ).
كانت هذه القناة الخليجية العالمية هي أول أسباب قيام الربيع العربي فهي أول من وضعت الخطى منذ سنوات وأول من فتحت عيون الشعوب وأول من حركت العقول وقادة العصيان المدني ولا أقول أن معظم تغطيتها صحيحة وواقعية ولكن هذه القناة هي من وضعت بذرة الربيع العربي في أرض ذات خصوبة عالية الفاسد بسبب طرح القناة الجريئة ومما زاد في شعبيتها هو إغلاقها في معظم دول الربيع العربي.
وطبعاً كان لابد من وجود إسناد لهذه القناة يكشف الأسرار والفضائح ويكون صادقا ومعتمدا فتم بعدها إشهار موقع ويكليكس والذي بدأ بعرض الفضائح وهي عبارة عن مراسلات بدأت بالمستعمرين الجدد أنفسهم حتي يبلع الآخرون الطعم.
كذلك لا ننسي دور الخطاب الديني في هذا الربيع فقد كانت هذه القناة الخليجية ومنذ سنوات تلمع الداعية المشهور ( الذائع الصيت ) حيث زادت أهميته بعد هجومه علي الرئيس المصري السابق قبل سنوات مما أدي الي منعه من دخول مصر فكان لهذا المنع دور كبير في بروز هذه الشخصية حيث أن كل ممنوع مرغوب.
ولا شك أن ظهور ملهم الأمة والبطل الذي لطالما انتظرته الأمة رجب طيب اردوغان وتبنيه أهم قضية تمس المسلمين وتؤرق مضاجعهم ألا وهي قضية فلسطين وتحريكه لأسطول الحرية الذي فشل ثلاث مرات في تنفيذ مخططه ولا يخفي على الكل انتماء رجب طيب اردوغان لتنظيم الإخوان المسلمين كل ذلك ساعد العقول الشابة المسلمة على التوجه نحو اردوغان لكي يوجههم ولاشك أن رجب اردوغان هو أول رئيس مسلم يطلب من حسني مبارك التنحي حيث قال” نحن بشر فانون ولن نبقي علي وجه الأرض “، إشارة إلي تنحيه إضافةً لتدخله في معركة ليبيا مباشرةً وبقوة ( وهنا أتت المباركة التركية للربيع العربي. ) .
طبعاً لا ننسي دور الدولة الخليجية الصغيرة الحجم فهي اللاعب الرئيسي في الربيع العربي فبعد دور القناة الخليجية المؤثر وصفت هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» بانها بلغت سن الرشد وتقوم حالياً باستعراض «عضلاتها المالية» للاسهام في تغيير الانظمة في البلدان العربية وتمويل الاحزاب الإسلامية للوصول الى الحكم.
كتب الكاتب جلال عامر ( رحمه الله ) الكاتب السياسي المعروف في تويتر التغريدة التالية : ( الثائر الحق الذي يفطر قبل أن ينزل من بيته ولا يتعاطي (( الكنتاكي )) ثم يطالب بتسليم السلطة إلي هيئة مدنية معينة فيغضب الآخرون لأنهم منتخبون ) إشارة واضحة لدور قوي خارجية كانت تدعم المظاهرات في مصر.
كان للفايننشال تايمز رأي آخر في هبوب رياح الربيع العربي فقد أوردت الصحيفة قصة للشاب المنتحر البوعزيزي ذكرت فيها أنه لم يضرب من قبل الشرطية(فادية حمدي) وأنه لم يتعمد إحراق نفسه بل سكب على نفسه البنزين في محاولة للتهديد وشرب سيجارته ونسي أنه سكب على نفسه البنزين فاحترق ومات.
————-
لم يهرب الرئيس التونسي من بلده كما قيل وأشيع انما ما حصل هو اتفاق بين رئيس الأركان للجيش التونسي والرئيس التونسي بحيث يخرج الرئيس لمدة يومين يقوم أثناءها رئيس الأركان بقمع المظاهرة حتي لا يقال ان الرئيس هو من أمر بقمع المظاهرة.
وبذلك يسلم من نقد الرأي العالمي، وما ان خرج الرئيس التونسي من بلده حتي أعلن رئيس الأركان هروبه. وهنا كانت البداية الفعلية للربيع العربي.
كانت مصر هي وجهة رياح الربيع العربي أو كان المستعمرين الجدد يحاولون توجيهها لتهب على مصر لذلك كان التركيز على مصر أكثر من غيرها من دول الربيع العربي والدلالات كثيرة.
ومنذ أن اندلعت ثورة مصر كان التنسيق بين المستعمرين الجدد والأخوان المسلمين واضح جداً.
وحتي التركيز الإعلامي كان غير معهود على الرئيس المصري والفساد الذي حصل في عهده حيث أن كشف الفساد هو الخلطة السرية للثورات.
وبعد سقوط دول الربيع العربي ستنتهي الجمهوريات الوراثية وسيتم التركيز على الإمارات والملكيات الخليجية وقد بدأ الترويج الإعلامي بالفعل لمن يخلف الأسر الحاكمة في الدول الخليجية حيث كانت بداية نتائج الربيع العربي مذهلة حيث تم عقد صفقة الجندي شاليط مع حماس بنجاح كبير ومبهر وغامض في نفس الوقت وهذه الصفقة ما هي إلا دعاية انتخابية مبكرة إستبقت إنتخابات تونس ومصر وهي برعاية أمريكية للحكام الجدد(الأخوان المسلمين) وهاهم أخوان الخليج المسلمين قد إنتعشوا بنجاح أخوانهم المصريين والتونسيين وعلا صوتهم بالخليج وبدأو بالخروج إلي العلن والتصريح العلني حول إنتمائهم والترويج لحركتهم ومنهجهم عبر وسائل الإعلام.
واليوم لنا أن نسأل :
ماهي أحوال تونس اليوم ؟
وما هي أحوال ليبيا ؟
بل ما هي أحوال مصر ؟
هل فعلاً الربيع العربي خرج من نظريات المؤامرات الغربية ضد الإسلام والمسلمين ؟
تويتر aboabduallh
أضف تعليق