بورتريه

هل يرسو بـ «الإخوان» على عرش مصر؟
مرسي.. حلم «الثورة».. أم لعنة «الفراعنة»

الآن، ومصر تمر بأزهى لحظاتها التاريخية، في عملها السياسي، تلك اللحظات التي تترجمها انتخابات حرة نزيهة سالت في سبيلها دماء الشهداء، لتتحول بعد القليل من الأيام إلى نهر عذب فرات، يطفو على سطحه عرش الفراعنة، في انتظار الرئيس المنبثق عن انتخابات عادلة للظفر بجاهه، ولأن ذلك الرئيس هو رئيس للعرب أيضاً، إذ بحضور “أم الدنيا” يحضر العرب، وإن غابت غابوا، نسلط الضوء على أحد أبرز مرشحي الرئاسة في مصر، والذي كان له نصيب الأسد من إجمالي تصويت المصريين بالخارج، نتحدث عن مرشح حزب “الحرية والعدالة” أو بالأحرى جماعة “الإخوان المسلمين”، إنه الدكتور محمد مرسي.
وقبل الحديث عن مرشح دولة الفراعنة تجدر الإشارة إلى أنها المرة الأولى، التي ينافس فيها جماعة الإخوان على منصب رئيس مصر، في انتخابات عادلة؛ إذ حالت عدوانية الأنظمة السابقة دون وصول هذا الفصيل السياسي ذات الصبغة الدينية لقصر الرئاسة، بل وحرمانه من أي مناصب سياسية عظمى، في تلك الفترة التي امتدت حقبتها بعد الإعلان عن الجماعة لطيلة 5 عقود.
ومع حلول سحابة الثورة على سماء المحروسة وفيض غيثها على أرض النيل، انتعشت جميع الفصائل السياسية بقطراته، لينبثق حزب الحرية والعدالة عن جماعة الإخوان المسلمين، مقتبساً اسمه من ميدان التحرير وشعار الثورة.. “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”، وسرعان ما امتدت جذوره في صلب أعماق مصر ليهيمن على البرلمان، بينما هو الآن في طريقه للظفر بعرش مصر، من خلال مرشحه الدكتور محمد مرسي.
 ومرسي هو المرشح الثاني لجماعة الإخوان المسلمين، لخوض انتخابات الرئاسة المصرية، بعد إقصاء مرشحها الأول خيرت الشاطر، من قبل اللجنة العليا للانتخابات إلى جانب عدد من أبرز المرشحين، لعدم استيفائهم شروط الترشح للمنصب.
عندما نتحدث عن مرسي فنحن بصدد أفضل برلماني عالمي، خلال مجلس الشعب المصري 2000-2005 ، وصاحب أشهر استجواب في مجلس الشعب عن حادثة قطار الصعيد، الذي أدان فيه الحكومة، ما جعل الصحف الحكومية ذاتها تشيد باستجوابه في اليوم التالي.
ولد مرسي في 20 أغسطس 1951 في قرية العدوة، مركز ههيا بمحافظة الشرقية، ونشأ في قريته وسط عائلة مصرية بسيطة لأب فلاح وأم ربة منزل وهو الابن الأكبر لهما وهما متوفيان الآن وله من الأشقاء أختان وثلاثة من الإخوة.
 تفوق عبر مرحلة التعليم في مدارس محافظة الشرقية، ثم انتقل للقاهرة للدراسة الجامعية وعمل معيدا ثم خدم بالجيش المصري (1975 – 1976) كجندي بسلاح الحرب الكيماوية بالفرقة الثانية مشاة، وتزوج في 30 نوفمبر 1978 ورزق ب 5 من الأولاد (أحمد وشيماء وأسامة وعمر وعبد الله) وله 3 أحفاد.
وقد اختير د. مرسي عضوًا بلجنة مقاومة الصهيونية بمحافظة الشرقية، كما اختير عضوًا بالمؤتمر الدولي للأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية، وهو عضو مؤسس باللجنة المصرية لمقاومة المشروع الصهيوني.
انتمى للإخوان المسلمين فكراً عام 1977 وتنظيمياً أواخر عام 1979 وعمل عضواً بالقسم السياسي بجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأته عام 1992، في حين ترشح لانتخابات مجلس الشعب 1995، وانتخابات 2000 ونجح فيها وانتخب عضواً بمجلس الشعب المصري عن جماعة الإخوان وشغل موقع المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان.
وفى انتخابات مجلس الشعب 2005 حصل على أعلى الأصوات وبفارق كبير عن أقرب منافسيه، ولكن تم إجراء جولة إعادة أعلن بعدها فوز منافسه. وشارك في تأسيس الجبهة الوطنية للتغيير مع د. عزيز صدقي عام 2004، كما شارك في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير مع د. محمد البرادعي عام 2010، كما شارك في تأسيس التحالف الديمقراطي من أجل مصر والذي ضم 40 حزباً وتياراً سياسياً 2011.
انتخبه مجلس شورى الإخوان في 30 أبريل 2011 رئيسا لحزب الحرية والعدالة الذي أنشأته الجماعة بجانب انتخاب عصام العريان نائباً له ومحمد سعد الكتاتني أمينًا عامًّا للحزب.
ويأتي إصرار الإخوان على الدفع بالدكتور محمد مرسي، في ظل تخوفات العديد من التيارات الأخرى، من وصولها إلى القصر الرئاسي، ما دفع بعض التيارات الإسلامية التي أبدت عدم توافقها مع سياسة  الإخوان إلى مطالبة الجماعة بالتنازل عن مرشحها لصالح نظيره الإسلامي، الدكتور عبد المنعم عبد الفتوح، الأمر الذي رفضته جماعة الإخوان.
هذا، ويبقى السؤال، في ظل هذا الكم من التخوفات، حال وصول مرسي لكرسي الرئاسة، هل سيعبر بمصر من الأزمة، وهل ستلتئم باقي التيارات وتتوافق مع الإخوان، لبناء “مصر.. النهضة”، أم ستحل لعنة “الفراعنة”، لتغرس مصر في وحل الظلام، الذي قد بنبثق عن الحزبية؟ وتبقى الإجابة في حقيبة الإخوان حال وصولها لمقاليد الحكم.