– السفير سليمان: انتخابات للمرة الأولى وآفاق سياسية واقتصادية واسعة
– حسام فتحي: عرس ديمقراطي والشعب الآن يقول للحاكم “أتينا بك لتخدمنا”
– ايمن بكر: شبكة المصالح الكثيفة المعبرة عن النظام السابق لا تزال صلبة
– حسن الصادي: الإستتابة الإقتصادية لرجال الأعمال الذين إستفادوا من النظام السابق
أكد المشاركون في ندوة “مصر.. من الرئاسة الي المستقبل” ان هناك تحديات كبيرة ستواجهها مصر خلال الفترة المقبلة خاصة في ظل افرازات ثورة 25 يناير التي غيرت الكثير من المفاهيم واتاحت الفرصة للمواطن المصري للمشاركة للمرة الأولى في عملية انتخابية حقيقية لاختيار الرئيس ، وعبروا عن املهم في ان يوفق المرشح الأصلح في الوصول الي مقعد الرئاسة.
وأعرب السفير المصري عبد الكريم سليمان عن تفاؤله بنتائج الانتخابات الرئاسية المصرية مشيرا الى ان “الانتخابات تقام للمرة الأولي منذ 7 آلاف سنة” ، معربا عن أمله في ان تحقق الأهداف وان يتم اختيار رئيس يأخذ بيد مصر الي الأمام والى النهضة والتطور والعزة.
وأضاف في تصريح للصحافيين: هو احساس جميل نشعر به لان هذه هي المرة الأولى التي ينتخب فيها المواطن المصري رئيسه . كان يقال ان الانسان لا يختار الام أو الاب أو الرئيس، أما الآن فلأول مره يختار المواطن الرئيس بنفسه وان شاء الله سيكون اول رئيس منتخب في تاريخ مصر، يحقق لها المجد والعزة والكرامة .. أنا مستبشر خيرا بالمرحلة القادمة وهناك آفاق سياسية واقتصادية كبيرة، ومصر بوتقة بمجتمعها وتقاليدها واصولها، لذا نستبشر بالرئيس القادم خيرا ونأمل في ان يسير بمصر الى الوضع المأمول على الساحة العربية والاقليمية والدولية .
وأعرب عن سعادته بحضوره حفل اطلاق كتاب “لو دامت لغيرك” متمنيا لكاتبه كل التوفيق والسداد ، وان تكون له المزيد من الأعمال الأدبية التي تثري الساحة الثقافية، وتكون قيمة مضافة في المكتبة العربية .
وكانت الندوة التي اقامتها جمعية الصحافيين الكويتية تزامنا مع صدور كتاب “لو دامت لغيرك” للكاتب الصحفي الزميل حسام فتحي مدير تحرير جريدة “الوطن” ومدير مكتب مؤسسة “أخبار اليوم” في الكويت ، قد سلطت الضوء علي أهم التطورات التي شهدتها مصر منذ ثورة 25 يناير وابرز السيناريوهات المتوقعة بعد انتخابات الرئاسة ، بمشاركة كل من الدكتور أيمن إسماعيل بكر استاذ مساعد الادب العربي والنقد في جامعة الخليج والدكتور حسن الصادي رئيس مستشاري هيئة سوق الكويت للأوراق المالية ومدير مركز التعليم المهني والمستمر في جامعة الخليج.
العرس الديموقراطي
استهلت الندوة بكلمة للزميل حسام فتحي قال فيها ان الجميع يعيشون العرس الديموقراطي المتمثل في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر في تاريخها الطويل معربا عن امله في أن ينتهي هذا العرس بخير وان يولي الله الأصلح للفترة القادمة .
وقال ان ما حدث في مصر بعد ازاحة رأس النظام السابق، أحدث نوعا من التغيير الجوهري في العقد الاجتماعي بين المواطن والحاكم ، فقد كان الحاكم يأتي ويقول أتيت اليكم لأحكمكم ، اما الآن فالشعب المصري يقول للحاكم أتينا بك لتخدمنا ، والفارق بين الحالتين كبير. واضاف ان المخزون الحضاري الضخم الذي اظهره المصريون للعالم خلال الانتخابات الرئاسية من انضباط في التصويت والاختفاء المفاجئ والغريب لظاهرة البلطجة وغياب الأمن ، يطلق علامات استفهام ويعطي مؤشرات ايجابية ، فما يحدث في مصر هو سير في اتجاه واحد لا مجال فيه للعودة الي الخلف تحت اية ضغوط، وان اي حاكم سيأتي سيعاني خلال سنوات الحكم من رقابة شديدة من كل أطياف المجتمع المصري التي لن تقبل بأقل من الحصول علي ما تستحقه مصر . ونوه بضرورة النظر بعين التقدير والاعجاب والاحترام الى توجه اكثر من 25 مليون انسان الى صناديق الاقتراع متحدين الطوابير الطويلة وسوء الطقس رغبة في المشاركة في اختيار الرئيس القادم.
وعن كتابه قال : استوحيت عنوان الكتاب ” لو دامت لغيرك” من المقولة الشهيرة علي برج الساعة في قصر السيف ” لودامت لغيرك ما اتصلت اليك” والمعنى واضح وهو انه مهما طالت فترة الحكم فلابد وأن تكون لها نهاية ، وفي حالة الرئيس مبارك الذي دامت فترة حكمه 30 سنة كنا نتمني أن تكون النهاية أفضل ، ولا يوجد منصف كان يتمني ان تكون نهاية حكم رئيس مصر بهذا الشكل ، كنا نتمني ان تكون النهاية افضل للضابط والمقاتل والطيار ورئيس مصر، ولكن للأسف عندما تزيد المدة عن حدها ، تأخذ منحى مؤسفا.
واضاف: الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات التي بدأت كتابتها قبل ثورة يناير وتحديدا في ديسمبر 2010 ، وتم انتقاء مجموعة من تلك المقالات وجمعها في كتاب بمثابة يوميات لثورة 25 يناير .
وردا على سؤال عما اذا كانت هناك اعمال ادبية الى جانب المقالات اليومية قال: ان من تدركه حرفة الصحافة اليومية لا يتفرغ للرواية او القصة ولكن قريبا سيكون هناك كتاب مختلف عن مجرد تجميع المقالات وسيكون هناك أيضا كتاب باللغة الانجليزية.
صناعة دولة حديثة
وتحدث بعد ذلك الدكتور ايمن بكر فقال : حينما تصل الديموقراطية الي مكان فإنها تخلق الوعي الذي يليق بها ، ولا يمكن اعداد اي شعب للديموقراطية بكلام نظري فالديموقراطية يتم تعلمها عبر التجربة الديموقراطية نفسها وعبر التجربة والخطأ ، واننا في السنة الاولي للديموقراطية وسنتعلم من أخطائنا وان أخطأنا الاختيار هذه المرة فلن نخطئ في المرة القادمة ، والمؤكد اننا لن نعود الى ما قبل 25 يناير، فالسلطة سيتم تداولها في مصر، ومع تداول السلطة لا خوف علي التجربة الديموقراطية في مصر.
واضاف ان ثورة الشعب المصري تأخرت 10 سنوات على الأقل وهي السنوات التي استفحل فيها الفساد في مصر حتي وصلت آلياته الي حدود غير مستوعبة ، مشيرا الى ان منظمة الشفافية العالمية في مصر قبل الثورة وصفت الفساد في مصر بأنه غير قابل للسيطرة ، وان الثورة التي قام بها شباب مصر حركة تليق بمصر بوصفها دولة لها تاريخ وحضارة عريقة وتستهدف اللحاق بركب الدول الديموقراطية. وان ما حدث هو ازاحة لرأس النظام ولا نستطيع ان نقول ان ثورة بحجم ما حدث يمكن لها ان تكتمل او تصل الي غايتها في عام او عامين والتاريخ شاهد على ان الثورات تستمر سنوات حتي تستطيع اقتلاع النظام القديم الذي تجذر وتشعبت جذوره في المجتمع ، والتخلص من إنعكاسات الماضي وإقتلاع الجذور القديمة للفساد وهو ما يحدث الأن في مصر. وشدد على ضرورة عدم الرجوع إلى الوراء ، والمضي قدما لبناء مصر الجديدة ، دولة مدنية عصرية ديموقراطية رغم كل ما يشوب عملية التحول من احتمالات سيطرة تيارات الاسلام السياسي على مصر.
واشار إلى أن شبكة المصالح الكثيفة التي تعبر عن النظام السابق والتي لا تزال صلبة وقائمة وتفشي الأمية وإرتفاع معدل الفقر الذي وصلت نسبته الي 40% بحسب تصنيفات الامم المتحدة ، إضافة إلى ثقافة الفساد المستشرية، عوامل تعيق التحول الذي يطمح اليه الشعب المحب لوطنه ، ومن الصعب تحديد اتجاه مسار الدولة وإن كانت تسير في الجادة الصحيحة لتحول ديموقراطي صعب سيشهد ارتفاعات وانخفاضات في اتجاه المستقبل.
ومضى قائلا ان صناعة دولة حديثة في مصر أمر حتمي في ظل ما تمتلك من مقومات وموقع جغرافي وإمكانات مادية كبيرة وثروة بشرية خلاقة قادرة على النهوض بها من الحالة التي هي عليها لوضعها في المكانة التي تستحقها، وانما ستمر به الدولة يرتكز على تاريخ عريق يعزز إعادة صناعتها بالشكل الذي تستحقه .
الوعاء الضريبي
وتحدث الدكتور حسن الصادي مركزا على الشق الاقتصادي فقال ان اقتصاد مصر بعد الثورة وبعد الانتخابات الرئاسية سيكون أفضل بكثير جدا مما كان عليه في الأزمنة الماضية نتيجة لاختفاء مجموعة من المؤشرات السلبية التي كانت تصاحبه وتعرقل انطلاقه الى الامام والتي كانت تتمثل في مجموعة من القوانين المجحفة بالمنافسة وبالحياة الاقتصادية في مصر ، اضافة الي تكلفة اداء الاعمال المرتفعة عن مثيلاتها في الدول الأخري نتيجة للرشاوى التي تدفع لرجال الحكم والسياسة والتي ستختفي جميعها . واضاف ان الوعاء الضريبي سيكون أكبر مما هو عليه الآن نتيجة لاحساس المواطن المصري بأن ما يتم دفعه من ضرائب سيتجه الي التنمية الاقتصادية وبالتالي سيعود عليه بنفع أكبر وسوف تكون هناك نهضة اقتصادية . ودعا الي صفاء النفوس حتي تستطيع مصر الانطلاق.
ومضى د. الصادي قائلا: لم يكن أحد يتصور أن تنتهي الثورة بما إنتهت إليه بمن فيهم الاخوان والجيش والشعب ولو كان يعلم انها ستنتهي الي ما انتهت اليه لما نزل الي ميدان التحرير ، فقد كانت هناك حسابات خاطئة وقرارات متأخرة ، إلا أن الله أراد لهذه الحركة أن تنجح . وشدد على ضرورة عدم جلد الذات والتركيز على محاسبة الماضي حيث ان الأهم من ذلك هو إصلاح وبناء الدولة .
وإعتبر الصادي ان جميع المصريين شاركوا في ما وصل اليه الحال في مصر سواء بالمشاركة الفعلية او بالسلبية ، وان الجميع تحول اما راش أو مرتش لقضاء مصالحهم سواء كانت تلك المصالح كبيرة أم صغيرة ، والشعب لم يكن فاسدا أو مرتشيا بل تم افساده عمدا في ظل الإدارة السيئة للنظام السابق حتى لا يستطيع أن يتكلم ، لافتا الي انه “ليس كل من هو ضد الاخوان او السلفيين في مصر فهو من الفلول”.
ورأى أن ما يحدث في مصر الآن ليس حكما إنما هو نوع من التحكم الذي يمارسه البعض باسم الدين ، مشيرا الى أنه دعي من أحد التيارات المتحكمة لتقديم رأيه في بعض القضايا المالية الاقتصادية فإكتشف أن هذا التيار لا يمارس السياسة وإنما أتى لممارسة ” البزنس ” . وأكد أن مصر هي الدولة الأقوى إقتصاديا في المنطقة العربية بما تملك من قوة بشرية تمثل الثروة الحقيقية لصناعة الأمم متى توفرت لها الأجواء الملائمة والطبيعية وتم توظيفها بالشكل الصحيح، متوقعا أن يكون مستقبل الإقتصاد المصري بعد إنتهاء حقبة نهب الثروات مشرقا .
ولفت الي ان ما حدث في مصر هو ان الدولة تركت للشعب مسؤولية توزيع الدخل بيده معتبرا ذلك اكبر كارثة يمكن ان تحدث لثقافة شعب وأدبياته واخلاقياته ، اذ يترك للعامة ان يعيدوا توزيع الدخول بينهم ، لافتا الى ان ذلك يكون عن طريق الرشاوى والسرقات ليكون الجميع راشيا او مرتشيا وسارقا او مسروقا عن عمد ، وبالتالي لا يستطيع احد أن يتكلم.
وتساءل الصادي عن طبيعة علاقة الإقتصاد المصري برجال الأعمال الذين إستفادوا من النظام السابق وما اذا كان سيتم الانتقام منهم أو التعامل معهم بشكل آخر ، مشددا على أهمية إعطائهم فرصة “للإستتابة الإقتصادية” للإستفادة منهم مع إلزامهم بتقديم كل ما يمكن تقديمه للدولة . وقال أن الفرص الإقتصادية والإستثمارية في مصر كثيرة وكبيرة لرؤوس الأموال الخليجية ، والسوق المصري هو الوعاء الأفضل لإستثمار الأموال الخليجية الذي سيحقق مكاسب عديدة للدول الخليجية بالدرجة الأولى .
“لو دامت لغيرك”
يضم كتاب “لو دامت لغيرك” بين دفتيه نخبة من المقالات المتنوعة التي ركزت على الشأن المصري وتوثيق ما قبل الثورة بأيام الى ما بعدها بعام مع تحليل ورصد واقعي ليوميات العام الأول من الثورة المصرية. كما يحتوي الكتاب استعراضا معلوماتيا وتحليلا موضوعيا لأبرز الاحداث المهمة والمحورية التي شهدتها مصر على مختلف الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وانعكاساتها المتوقعة على المستقبل وذلك بأسلوب ساخر وعميق. وسيخصص العائد المالي للكتاب للمساهمة في دعم علاج الأطفال المصابين بالسرطان في مصر
“ناصري ساداتي مباركي ملكي”
وصف امين سر جمعية الصحافيين الكويتية الزميل عدنان الراشد الحوار بالممتع وبأنه كان” ناصري ساداتي مباركي ملكي” معربا عن امله في ان تعبر مصر هذه المرحلة بأمان وتستعيد قوتها ، معتبرا انها بوصلة العرب والمسلمين ، ودعا الجميع الي التحاور الهادئ بعيدا عن العصبية ، وتقبل الرأي والرأي الأخر والابتعاد عن التشج في الطرح . وهنأ الراشد الزميل حسام فتحي بصدور كتابه الجديد متمنيا له كل التوفيق ومواكبة الاحداث المصرية بكتب تثري الساحة الفكرية.
“دكتاتورية الجموع”
أشار وزير الاعلام الأسبق سامي النصف الى البعد عن الموضوعية وبيع الاحلام الوردية بعد ثورة 52 ” بداية التحول الحضاري الأسود” ، لافتا الي انه لا يختلف اثنان على الفساد الا ان هناك ايضا انجازات على المستوى العام في مصر ، مشيرا الي ان الوضع بحاجة الي الموضوعية والتصالح ضمن الوضع المصري وقال ان العسكر هم ايضا أبناء مصر رافضا “دكتاتورية الجموع” ، معبرا عن الخوف على مصر من هذه الدكتاتورية . واضاف ان الكثير من البرامج الاعلامية في مصر الآن فيها الكثير من الضرر بمصر ، وان ما اسماه الاعلام المصري بمليونية الاخوان لم يتعد الحضور فيها عن 15 الف مواطن ، ونبه الى ان كلمة “مليونية” ترعب المواطن والمستثمر في الداخل والخارج .
سراق ومرتشون ؟!
اعترض الزميل مختار عيس بحدة على ما وصف د. حسن الصادي للمصريين جميعا بالسراق والمرتشين ، مؤكدا ان التاريخ لن يعود الي الوراء واننا ماضون على درب المستقبل مهما كانت الصورة ضبابية. وحذر من فئات وشرائح صاحبة مصلحة في اجهاض الثورة المصرية العظيمة “التي يعول عليها الدكتور حسن في اتهامه لنا كمصريين بطريقة تعميمية لا تليق بأستاذ جامعي ، وتساءل: كيف يطلق هذا الاتهام البشع الذي لا يمكن ان يرضي به مصري؟!
أضف تعليق