إلا أنت يا مسلم!
علي أحمد البغلي
لم يهنأ مسلم البراك بانتصاره «الهزيل» قولاً واحداً، في استجواب واستقالة الوزير مصطفى الشمالي، ذلك أن كل ترهات مسلم وعنترياته توارت خجلاً أمام تجاوزات التأمينات الاجتماعية، التي لم يفتح مسلم طوال عمره البرلماني المديد فمه احتجاجاً عليها! مع أنها «جوهر جواهر» المال العام. فأموال التأمينات هي أموال كل الكويتيين قاطبة في القطاعين العام والخاص، والأرامل واليتامى، فهي عصارة عرق جبينهم الذي لم يرف جفن مسلم له.
***
نرجع إلى ما نغّص على مسلم انتصاره المتاهفت، وهو صدور قرار من هيئة تحكيمية عالمية بإلزام شركة الصناعات الكيماوية بدفع شرط جزائي Penalty clause، بما يجاوز الملياري دولار، أي ما يعادل 600 مليون دينار فقط لا غير، وذلك لإلغاء حكومة الكويت عقد شراكة مع شركة الداوكيميكال. وقد شعرت بألم وغصة في قلبي وصدري لا متناهيين عندما وصلني خبر تلك الكارثة، ذلك أني شغلت منصب وزير نفط، كما أني محام قديم!
فالشركة المذكورة وقعت معها في التسعينات بالحروف الأولى عندما كنت وزيراً للنفط عقد المشاركة بمشروع «ايكيويت»، وهو مشروع ترددت بتوقيعه كثيراً، ذلك الوقت، لأن صناعة البتروكيماويات كانت صناعة منتعشة في دول النمور الآسيوية ذلك الوقت، ولم نكن في وارد منافستها، ووافقت على التوقيع على مضض وبعد تردد ودراسات اطلعت عليها بجدوى المشروع.
***
العقد كان مجحفاً للجانب الكويتي وبمعرفة من وقعه ومن أشرف على مراجعته من محامين ومستشارين، كما ذكرت افتتاحية القبس (السبت 2012/5/26)، وأكثريتهم من المحامين من غير ذوي الخبرة والدراية، وإنما تم التعاقد معهم للتنفيع، ولانتمائهم إلى القوى الأصولية التي خربت، وما زالت، البلد، فكيف أوقّع عقداً بغرامة جزائية تبلغ 30 في المائة من قيمته والأجواء السياسية والاقتصادية ملبدة بالغيوم؟!
***
ولكن بنظري أكثر من ينبغي أن يلام بالإضافة إلى من وقّع وراجع وأفتى بصحة ذلك العقد، طرفان لا ثالث لهما:
الطرف الأول، هو مجلس الوزراء الذي كان يرتعد من ظله تحت وقع متشنجي مجلس الأمة الذي أوصى بإلغاء العقد. وكان من المفروض أن تربط توصية الإلغاء بمراجعة ذلك العقد المجحف، لدراسة تبعات الإلغاء الكارثية، وهو الأمر الذي لم يحصل، أو لم يتم الالتفات إليه! كل ذلك لإرضاء أساطين حناجر ومتشنجي مجلس الأمة، ويا ليتهم رضوا؟!
أما المتهم الثاني والأكبر فهو على وجه التحديد أحمد السعدون ومسلم البراك، فهما من رفعا لواء المعارضة الكاسحة لذلك العقد، من دون أي اعتبار لتبعات إلغائه، والغريب والعجيب أن من كان يعارض معهما العقد، لمصلحة خاصة ولعدم «نيله من الطيب نصيب»، كان أحد كبار من ناوأه بالماضي تحت يافطة حماية المال العام!
يا سعدون ويا مسلم، أموال الكويتيين المقدرة بأكثر من 600 مليون دينار، هي برقابكما، وحسبنا الله عليكم ونعم الوكيل!
فرجاء أن توقفا تمثيلياتكما التي انطلت على الجماهير بحرصكما على المال العام، فأنتما والمهملون تحت نظركم ورعايتكم من موظفي الدولة أضعتم من أموالنا 600 مليون دينار! لذلك نقول لمسلم والسعدون: «إلا أنتم رجاء لا تتكلموا عن كارثة الداو، خلوها لأحد غيركم».
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أضف تعليق