كتاب سبر

زهايمر

عندما شخص الألماني لويس زهايمر داء الخرف وصفه بأنه حالة مرضيه تبدأ بفقدان الذاكرة وتنتهي بانعدام الإحساس بالألم لفقدان المريض لحواسه.


وحقيقة لابد أن تقال أن الفرد إن كان ” زهايمرياً” فتلك مصيبة ولكن أن يصبح شعب زهايمرياً فالمصيبة أعظم !! ..فذاكرة الشعوب هي ” الهارد ديسك” الذي يفتح ” الويندوز ” المطل نحو المستقبل , والذاكرة الحديدية تنفع المؤمنين بأوطانهم دوماً وان فقدت فقد ” تزهايمر ” جو المستقبل وتلبد بسحاب صيف الانهيار العقيمة !! .


نحن كشعب لا نملك مع شديد الأسف ذاكرة حديديه !! بل نملك مجرد ” حديده ” وصلنا إليها بعد أن فرطنا بكل ما ورثناه من ذكريات الأجداد والمؤسسين والشهداء  ..باختصار ” تزهايمرنا ” وقعدنا !! واكتفينا ” بالتحلطم ” و” الحلطم” فقط كمؤنس لذاكرتنا الصدئة. !!


وليت أمرنا ” المتزهمر” اقتصر على ” حديده” ذاكرة وشوية تحلطم !!! بل تبين بعد الأحداث الأخيرة  إننا وصلنا إلى مرحلة متقدمه من ” التزهمر”  فقدنا فيها كل حواسنا والدليل أننا صرنا لا نشعر بالألم !! ..فنضرب ” بالألم ” على خدنا الأيمن فندير خدنا الأيسر لنضرب ” الألم ” تلو ” الألم ” !! ونحن نصرخ ليس من فرط ” الألم بل من تفريطنا ” بفلاش “ضوء ذاكرتنا المخزن فيه كل ملفات وصور إرادتنا !!


طوال الشهور الأربع الماضية ذهب صراخنا مع الريح العقيم ليس من فرط ” الألم هذه المرة  بل بنيولوك صراخي جديد كان صراخنا فيه على قدر ” الألم” من تفريط الأغلبية بما عاهدتنا عليه أيام الانتخابات وعدم امتطائها لسروج أمواج الزخم الشعبي نحو تعديل الدستور لمزيد من الحريات وتعديل نظام طابور العملية الانتخابية نحو الدائرة الواحدة والسعي نحو إصلاح القضاء والعمل على استقلاله وإقرار قانون تجريم الكراهية وحل جذري لمأساة البدون الذين سقطت ” حياتهم” سهوا من متاع وطنهم ولا زالوا يبحثون عنها من البحيث إلى الوفرة .!!


هذه الأوليات التي كنا ننشدها في ساحة الإرادة ونحن نرتجز : تلك أولوياتنا فأتونا بمثلها // إذا جمعتنا وإياكم يا أغلبيتنا المجامع ..فترد علينا الأغلبية : آيا شعب فلا تعجل علينا // وانظرنا نخبرك اليقينا …بانا نورد ” اللجان ” بيضاً // ونوردهن سوداً قد روينا !! حتى وقع المحذور وطارت طيور ” المحاكم” بأرزاقها وصرنا نتباكى على ” الأوليات ” المسكوبة !!


نسيتموها ونسينا نحن فوق البيعة فصار حالنا وإياكم كحال أبو جعفر المنصور وأهل مدينة الرافقه التي أمر ابنه  المهدى ببنائها بعد فراغه من بغداد ولما أراد أن يحصى عدد سكانها قال للمهدي وزع على أهلها خمس دراهم وسجل من يستوفى منك الدراهم في سجلاتك فتهافت الناس على الدراهم حتى استوفى المهدي عددهم فعاد المنصور وقال لابنه : الآن خذ منهم جباية أربعين درهما لتغطية تكاليف  بناء المدينة فجبى منهم المهدي الأربعين درهما حتى قال شاعرهم : يا لقومي ما لقينا // من أمير المؤمنينا ….قسم الخمسة فينا // وجبانا الاربعينا …ونحن كاهل الرافقه تماما ً قبضنا القليل من الأمل في فبراير  ودفعنا الكثير من الألم في يونيو !!


أخيرا نظراً لظروف حل المجلس بعد حكم المحكمة الدستورية  لن نضرب أكثر بقلبنا ” المليان” فلأجل عين الكويت ألف عين تكرم واليوم يا أغلبيتنا لا تثريب عليك وابشري” بالدعم ” ولكن غداً سنقول ” والنعم” لكل من وافق مقام فعله داخل المجلس  مقاله في الندوات أما المتخاذلون من ” المتزهمرين ” أهل الكلام دون الفعال من النواب فيكفينا أن نقول لهم أن من يصاب بالزهايمر يوصف بأنه مجرد “خرفان” .!!