أقلامهم

عبداللطيف الدعيج: تـركــدوا..هل كان في امكان صحفنا نشر بيان القطيع؟

تـركــدوا..



عبداللطيف الدعيج


لا نقول للنواب المنفلتين بالتصريحات ضد الاحكام القضائية، خصوصا النائبين مسلم البراك وخالد شخير، لا نقول الا تركدوا. فالركادة زينة. فلستم المعنيين بالحكم، وهو ليس موجها ضدكم، لستم خصومه، فالقضاء اصلا ليس له خصوم. بس طبعا وين تعرفون هذا وانتم الذين تعديتم على كل الاصول والقواعد القانونية والدستورية واولها حقوق المتهمين وكرامات الناس؟


لا «تتمصعون» وتشطون عمركم على الفاضي، وتقعوا في المحظور او في ما يدفعكم البعض اليه. الحكم موجه ضد حكومة الشيخ جابر المبارك والحكم طعن في مرسوم الحل. ليس طعنا فيكم ولا في توجهاتكم او انتماءاتكم، والحكم هو تأصيل لأول مرة، ربما في المنطقة وحتى العالم لإرادة الامة التي تعلو على ارادات وقرارات الحكام والحكومات. وهو من المفروض ان يكون مفخرة وقدوة ومقياسا لكل من يحترم الدستور ويقدر الارادة الحقيقية للامة، وليست ارادة من يحتل ساحة الارادة.


لقد قرر الحكم ان مجلس 2009 يستعيد سلطته الدستورية «بقوة الدستور». يعني امتثالا ونزولا عند سلطة الامة التي يتغنى بها الكثيرون عندما يصادرون حقوق الآخرين ويهملونها ان هي تعارضت ومصالحهم او حتى طموحهم. يستعيد سلطاته – بقوة الدستور -. هكذا وردت اعتراضية في نص الحكم في اشارة واضحة الى ان احدا لا يملك الاعتراض على الحكم او حتى يتباطأ في تنفيذه. وطبعا المقصود هنا اصحاب السلطة التنفيذية واصحاب الحل والربط، وليس من ضمنهم بالتأكيد نواب الاغلبية او تجمعاتهم او اي ممن اقحم نفسه في الدفاع عما ليس له او التهجم على من لم يتعرض له.



لم يكن لدينا حكومة لتحل المجلس


لقد استندت المحكمة الدستورية في عدم دستورية حل مجلس الامة الى ان حكومة الشيخ ناصر استقالت وقبلت استقالتها قبل حل المجلس. وان المجلس في النهاية تم حله بلا وجود حكومة لان الشيخ جابر المبارك لم يشكل حكومته بعد. قبل سنتين او اكثر عندما كان الشيخ ناصر المحمد رئيسا للحكومة، كتبت اطالبه بان يحل مجلس الامة. وقد لقيت هذه المناشدة سخرية الكثيرين باعتبار ان المادة 107 واضحة بانه «للامير ان يحل مجلس الامة» وليس رئيس الحكومة. والواقع ان الامير يفاضل بين حل مجلس الامة او اقالة الحكومة. لكن يبقى ان من يقرر حل مجلس الامة هو «الحكومة» وليس الامير. فالحكومة هي التي تعلن عدم التعاون واسبابه، وعليه يحل الامير المجلس او يقيل الحكومة. الحكمة هنا هي ان المادة 107 تحظر حل مجلس الامة للاسباب نفسها مرتين. وفي هذا طبعا صيانة لحق الامة وسياج لارادتها، حيث انه اذا قرر المجلس عدم التعاون مع رئيس الحكومة واختار الامير ان يحل المجلس ويعيد تكليف الرئيس الذي رفض المجلس المنحل التعاون معه بتشكيل الحكومة، واذا حدث بعدها وان ابدى المجلس الجديد عدم تعاونه مع الرئيس المعاد تكليفه، فإننا لا نقع في دوامة حل مجلس الامة مرة ثانية بل على الامير في هذه الحالة اقالة رئيس مجلس الوزراء.



الاستفتاء غلط.. ساحة الإرادة صح!


الرئيس احمد السعدون يقول في مقابلة يوم الخميس الماضي مع قناة «اليوم»، ان لجنة التنقيح الحكومية كانت تنوي تنقيح الدستور وعرض الامر على استفتاء شعبي عام. لاحظ استفتاء شعبي عام. الرئيس السعدون «الدستوري جدا» يرفض الاستفتاء العام لان المادة السادسة من الدستور تنص على ان نظام الحكم ديموقراطي، السيادة فيه للامة. وعند الرئيس «الدستوري فوق العادة» فإنه من حظنا ان المشرع الدستوري نص على ان الامة تمارس سيادتها «على الوجه المبين بهذا الدستور»، وهذا الدستور يقرر ان تنقيح الدستور يجب ان يكون بموافقة اعضاء مجلس الامة وليس الامة صاحبة السيادة. لان هذه السيادة محددة ومضبوطة، وممارستها يجب ان تكون وفقا للدستور. طبعا هذا كلام سليم مليون في المائة، ومن حق بل واجب الرئيس السعدون ان يرفض اي استفتاء عام لان مجلس الامة هو الممثل للامة ولا يجوز للامة ان تحكم او تشرع او تقرر بشكل مباشر. هذا عندما يكون الدستور مع هوى الرئيس. لكن… الرئيس نفسه المتمسك بالدستور نفسه، الرئيس احمد عبد العزيز السعدون نفسه يسقط مجلس 2009 ويسميه – شوارعيا – بمجلس «القبيضة» لا لشيء الا لانه وجماعته احتلوا ساحة الارادة!


بوعبد العزيز.. الله بالخير.. استفتاء عام يشارك فيه الشعب الكويتي ترفض نتائجه بينما تقبل بنتائج تجمع غير شرعي لعدة آلاف.. ثلاثة ارباعهم اتوا للطماشة؟! خاف الله.


ان مجلس 2009، هو المجلس الثاني عشر في تاريخ الكويت (انا منذ ان مارست الكتابة لم احسب مجلس 1967) وهو مجلس منتخب من قبل الشعب الكويتي، شئت يا سيد احمد ام لم تشأ. والشعب الكويتي بالآلية ذاتها التي انتخب المجلس فيها من المفروض ان يسقط او يشطب اعضاءه، لا بصراخ مسلم البراك ولا بصفقات عباس الشعبي، ولا بتهديدات مبارك الوعلان.. لا باستفتاء عام ولا بتجمع ناخبي مسلم البراك بساحة الارادة.. بل مثل ما تفضلت حضرتك وفقا للوجه المبين بدستور 1962.


فمن هنا والى ان يكمل مجلس 2009 مدته، فانه مجلس «الامة» وممثلها الشرعي الحالي. لهذا فنصيحتنا المجانية لاحمد السعدون وتوابعه او والله اعلم خالد السلطان وجماعته ان يتركدوا، وان يحضروا اجتماع مجلس الامة الشرعي ويمنحوا فرصة لحكومة الشيخ جابر المبارك لاداء القسم وبالتالي حل مجلس الامة حلا صحيحا كما وعد او اعلن وزير الاعلام. ليس هناك داع للعنتريات ولا للعناد الذي قد يقتل صاحبه. ان لم ينعقد المجلس الشرعي بسبب فقدان النصاب، واذا ما تأكد ان قسم الحكومة ضروري لحله، وهذا ممكن، فان السلطة مضطرة امتثالا لحكم المحكمة الدستورية الى اجراء الانتخابات التكميلية التي قد تحول مجلس الامة الشرعي الى مجلس خمسين «قبيضا» حسب تصنيف البعض. طالما ان «الدفيعة» سيستقيلون وسيقاطعون بالطبع الانتخابات. مجلس يهيمن عليه «القبيضة» سيعدل الدوائر وربما يضع شروطا تقصي نواب الاغلبية وهو بالمناسبة ما كانت تنويه الاغلبية التي لديها اجندة تعديل الدوائر الى دائرة واحدة واعلان الاحزاب والخ.. يعني بالعربي سيتغدون فيكم قبل ان تتعشوا بهم، والعاقل يتمعن في تصريح النائب صالح عاشور جيدا، فلستم وحدكم من ينوي مقاطعة انعقاد المجلس الشرعي. لذا فان نصيحتنا تبقى.. ان الريوق هو المحرك الفعلي للنشاط فتريقوا في اليوم الموعود واحضروا مبكرا جلسة اعادة انعقاد مجلس 2009، واذا لم تف الحكومة بوعد وزير الاعلام وتباشر بحل مجلس 2009 فساعتها نحن معكم في ما تقررون.


لا شيء تغير ولا شيء يدعو الى هذه الضجة وهذه النغمات العدائية المفتعلة. ان الحكم كما بينا، طعن في مرسوم الحل وفي الادارات والقرارات الحكومية وليس في نواب الاغلبية او من يواليهم. واذا كانت الاغلبية قد اتت بفعل انتخابات حرة ونزيهة وتعبيرا حقيقيا عن ارادة الناس فلماذا الخوف.. ولماذا الجزع من العودة مرة ثانية الى الناس انفسهم؟ ام ان انتخابات الثاني من فبراير قد تم التلاعب بها وان مناورات البعض قد اخذت الكثيرين على حين غرة كما جرى في الانتخابات الفرعية للجماعات الدينية في الدائرة الاولى التي اقصت نواب العوازم؟!



شلون نجدف وأنتم من كسر مجاديفنا؟


جماعة المقاطعة او القطيع العربي حمقانين على الصحافة الكويتية لانها امتنعت عن نشر بيانهم كما يدعون. اولا وحسب علمنا فان الاخوان او «حدس» عندهم جريدة، والسلف عندهم جريدة والتكتل الشعبي عنده قناة بعد. وفي امكانهم وبالذات الاخوان بما يتوافر لهم من مال الزكوات والتبرعات، خصوصا بعد احداث سوريا هذه الايام ان ينشئوا صحفا ومجلات وقنوات وكل ما يشاؤون من وسائل الاعلام، ورجاء لا يقولون لنا انهم لا «يقمرقون» خمسة او عشرة في المائة من حصيلة التبرعات، علما ان هناك احتمالا كبيرا في ان تكون الخمسة او العشرة في المائة هي التبرعات والباقي لهم. لكن هل في امكان صحفهم ومجلاتهم وقنواتهم ان تكون وسائل اعلامية ناجحة تغنيهم عن الطرارة وعن ترجي هذه الصحيفة او تلك الوسيلة الاعلامية؟! بالطيع لا والفين لا. فوسائلهم لا يمكن لها ان تكون ناجحة جماهيريا لانها لا يمكن ان تقدم شيئا تهواه وتتطلع إليه الناس. لا مصداقية ولا ترفيه ولا تثقيف عصري، اللهم الا شرح ممل عن طبيعة عالم الامس الذي اندثر او العالم الآخر الذي لم يره احد بعد. لهذا هم يحتاجون الى صحف الغير ووسائل اعلامهم.


لكن هذا ليس مشكلة فهم عندهم هيمنة وسيطرة على مجمل وسائل الاعلام. حتى في هذه الصفحة التي من المفروض ان تكون الصفحة الليبرالية – صفحة وليست صحيفة – الوحيدة في الكويت الجماعة متقاسمينها معانا بالتساوي. لكن يبقى السؤال الوجيه وجيها: هل كان في امكان صحفنا نشر بيان القطيع؟


لأ.. وايضا والف لأ. ليس لان صحفنا لم تشأ ذلك او ان الجماعة ليس عندهم واسطة ووسائل ضغط فاعلة. ولكن لان البيان نفسه ملغوم، وعلى قولة المصريين «يودي في داهية». فالبيان يتعرض للسلطة القضائية، والبيان ماخذ راحته في القسوة على السلطة والاسرة الحاكمة، والبيان قاطع الامل في النظام العام ومعلن التمرد عليه. اي من هذه «تودي في داهية» واصحاب صحفنا قلوبهم ضعيفة. ومرد الضعف ليس ذاتياً مع الاسف، ففيهم البواسل والشجعان و«القواطي» بعد، تماما مثل جماعة المقاطعة. لكن اصحاب الصحف عندنا ليس لديهم من يحميهم، ولا احد يشدون الظهر فيه. فنوابنا وقوانيننا الاعلامية، سجن مطول وغرامات باهظة وهذه الايام بفضل نواب القطيع اعدام بعد. فما لهم والطلايب.. خصوصا ان البيان تافه ومن ناس فاضيين، ليس من المفروض ان يكون لهم ردة فعل، وان كان فليس بهذه القسوة وبهذه الطريقة. فالحكم القضائي كما اسلفنا ادانة للفتوى والتشريع وللحكومة وليس له علاقة بمجلس 2012 ولم يأت على ذكره اصلا. بالفعل لم يذكر مجلس 2012 في الحكم.


لكن ايضا… كل هذا رغم خطورته ليس مهما. لان الاخطر من كل هذا ان جماعة القطيع ما غيرهم فتحوا شهية الحكومة ووزارة الاعلام على رفع الدعاوى واغلاق الصحف وتسكير القنوات ايضا. وهنا الغرابة وهنا الغباء، وهنا الصفاقة والتبجح ايضا.. يطالبون وزارة الاعلام بتسكير الصحف ومطاردة الوسائل الاعلامية وفي الوقت نفسه يولولون ويتباكون لانهم لم يجدوا من ينشر بيانهم الملغوم.


 عيب، او ربما ذرة من العقل فالظاهر انكم مجنن. انتم لم تطالبوا وحسب، بل هددتم واستجوبتم وزير الاعلام في الحكومة السابقة لانه لم يسكر قنوات الاعلام الفاسد حسب زعمكم. واول استجواب لكم في مجلسكم المنحل كان لوزير الاعلام لارغامه على اغلاق الصحف وتسكير القنوات التي تباكيتم لانها لم تنشر بيانكم! بل أغرب من كل هذا ان عضو الجماعة النائب محمد هايف يطالب وزير الاعلام بالتعامل مع صحيفة «الدار» ليس لانها نشرت ما يكره او يحب، بل لانها لم تنشر نعيا للامير نايف!


***


• رابط مقابلة السعدون واذا لم يعمل فرجاء ابحث عن «أول تصريح للعم أحمد السعدون بعد حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس أمة 2012 سيكون لنا فعل وليس ردة فعل فقط 21 يونيو 2012».


..https://www.youtube.com/watch?v=au5i3ql2mZo