برلمان

المضاحكة: البلاد تعيش أزمة دستورية والاحتقان السياسي في تصاعد

*الأغلبية البرلمانية تلجأ للإرادة  الشعبية التي اسقطت حكومة ناصر المحمد . 

أكد خالد المضاحكة رئيس مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث “اتجاهات” أن البلاد تواجه أزمة سياسية حادة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد ابطال مجلس 2012  دستوريا، وهي مرشحة للتفاقم مع بقاء المتغيرات الحاكمة لها، والتي تتمثل وفقا لتوجهات الأغلبية في عدم قدرة الحكومة الحالية على الأداء الجيد لشئون الدولة وضعف سمورئيس مجلس الوزراء باتخاذ القرارات وعدم تضامن الحكومة في اكثر من موقع حيث بات ذلك جليا خلال المدة السابقة من عمر الحكومة والتي سبقت صدور حكم المحكمة فهي تبدو أقرب في القيام بالمهام التنفيذية فقط والأنصياع لطلبات الأغلبية. 
وقال المضاحكة أن الحكومة مارست سياسة “الأيدي الممدودة” والأبواب المفتوحة مع  عدد محدد من نواب الأغلبية، منذ اليوم الأول لتشكيلها غير ان اداؤها اتسم بالضعف مع الرغبة في تجاوز المشكلات إلى حد الإقلال من أهميتها أحيانا والابتعاد دائما عن الوصول لنقطة الصدام مشيرا إلى أن  نواب الأغلبية في بعض ممارساتهم اتسموا بعدم التعاون الواضح مع الحكومة والدليل خروج وزيرين بسبب استجوابين من الأغلبية البرلمانية في اقل من 120 يوم مشيرا إلى أن قرارتعليق اجتماعات مجلس الأمة لمدة شهر ضمن قرار يهدف إلى تهدئة التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
 
وأوضح المضاحكة كما أن ملامح الأزمة  سوف تبرز بشكل جلي واضح  خلال المرحلة المقبلة، بعد احتجاج الأغلبية البرلمانية في مجلس 2012 على حكم المحكمة الدستورية الذي قضي ببطلان مجلس 2012 وعودة مجلس 2009 بسبب خطأ بالأجراءات مشيرا إلى أن الحتقان السياسي ذو وتيرة تصاعدية بعد تهديد الأغلبية البرلمانية باللجوء لما يسمى  الأرادة الشعبية التي سبق واسقطت الحكومة السابقة ورئيسها الشيخ ناصر المحمد ، ومنها دعوة البيان الثاني لكتلة الأغلبية للمواطنين للمشاركة بكثافة في تجمع الثلاثاء، الأمر الذي يشير إلى تنامي مدركاتها بعدم جدوى العملية السياسية برمتها.
تحليل علمي
وبين المضاحكة أن التحليل العلمي للأزمة في برلمان 2012 منذ انطلاق اعماله يشير إلى ضعف رئيس المجلس النائب احمد السعدون ومحاولة الحفاظ على كرسي الرئاسة لآطول مدة وجعله غير قادر على ضبط أداء كتلة الاغلبية التى كان لها الفضل في وصوله لسدة الرئاسة كما أن ممارسات الأغلبية البرلمانية وافعالها أعطت انطباعا بأن هدفها الأساسي التطلع إلى السلطة، بمبررات أو بدون مبررات، عبر الدفع بما يتراوح بين سبعة إلى تسعة وزراء في تشكيلة الحكومة المقبلة بل والمطالبة برئيس وزراء شعبي،كما لو أن التعاون النيابي الحكومي مرهون بتواجد الأغلبية البرلمانية على مقاعد الوزراء وهي اغلبية اصلا غير منسجمة. 
وبين المضاحكة أن الأداء النيابي لكتلة الأغلبية داخل المجلس لم يترجم تطلعات قطاعات عريضة من المواطنين إلى التغيير والإصلاح، ولا يوجد برنامج تنموي لديها. كما أن مهامها الأساسية المتعلقة بالتشريع والرقابة اتسمت بالتخبط. فهناك استجوابات سريعة و متعمدة وانحراف واضح عن الاولويات بحيث بات المشهد أقرب إلى الفوضى منه إلى الاستقرار المؤسسي.
السلطة التنفيذية
وعن دور السلطة التنفيذية مستقبلا  قال المضاحكة  تتطلب مجموعة من الإجراءات التي يتطلب السير في اتجاهها، وتتمثل في النقاط التالية:
أولا: التفكير في صيغ قانونية ودستورية محصنة للخروج من ازمة حكم المحكمة الدستورية وعلى الجميع ان يقبل بها
ثانيا: تقديم الحكومة الحالية استقالتها واعادة انتخابات مجلس الأمة ومن ثم  تشكيلها على اسس متينة 
ثالثا: توزير عدد من النواب على اساس الكفاءة والتخصص وليس على اساس المحاصصة وتوفير غطاء نيابي مثلما يطرح البعض 
رابعا: ترتيب أوضاع الأسرة الحاكمة من الداخل.
الأغلبية البرلمانية
اما عن دور الأغلبية فقال تقع على عاتق الأغلبية البرلمانية عدة أمور منها:
أولا: احترام احكام القضاء المحصنة دستوريا
 ثانيا:بدء صفحة جديدة والقبول بصيغ تفاوضية وحلول وسطية مع رئيس الحكومة المقبل، دون تحديد شروط مسبقة للحوار بما في ذلك عدد المقاعد الوزارية الوزارية التي تريد الاغلبية شغلها، وترك الخيار لرئيس الحكومة في اختيار مايراه مناسبا من النواب  وان لايفرض اشخاص بعينهم. 
ثالثا: تبنى الأغلبية البرلمانية نظرة واضحة تجاه المشكلات الداخلية الحالية، تنطلق من فلسفة سياسية وبعد اقتصادي ومضمون اجتماعي، لإصلاح السياسات العامة، من خلال تشكيل مجموعة عمل Task Force تهدف إلى تحديد القضايا الأكثر أهمية للمجتمع والدولة في الحكومة والبحث عن نقاط وسط مع الحكومة في الملفات المحورية أو ما يسمى في العلوم السياسية بـ “فقه الأولويات”.
رابعا: وضع الاستجوابات أو التهديد بالاستجوابات في حجمها الحقيقي، حتى لا تكون انعكاسا للصراعات السياسية القائمة بين بعض الأطراف والحكومة، بما يعطي إشارات إيجابية للحكومة بتخلي كتلة الأغلبية عن نمط الاصطياد أو الاستهداف. 
خامسا: التخلي عن التفكير بمنطق المباراة الصفرية zero sum game، لأن العلاقة الثنائية لا تقوم على طرف فائز وطرف أخر خاسر، وإنما تبني استراتيجية جديدة يمكن إطلاقها خلال المرحلة المقبلة وتبنيها وهي “الكل في واحد”، بحيث يضع الطرفان مصلحة الوطن في المقام الأول.
صيغ تعاون
وختم المضاحكة تصريحة بالقول أن الكويت مقبلة على منعطفات حادة، لكنها قادرة على الوصول إلى بر الأمان، من خلال إعادة صيغة أطر التعاون بين السلطتين والتزام كتلة الأغلبية بأحكام القانون بما يسمح بتحقيق إنجازات كبيرة أو طفرات ضخمة. فالتنمية لا تتحق لمجرد الإطاحة برموز قائمة أو تغيير شامل في تركيبة الحكومة وإنما بتعميق قضايا التعاون وتقليص قضايا الخلاف بين الطرفين. فالمواطنون ينتظرون تحقيق الإنجازات وليس اختلاق الأزمات وتزايد الخلافات، ليصبح شعار الاغلبية والحكومة استعجال الهمم بدلا من زيادة الهموم. عنئذ نكون قد بدأنا الخطوة السليمة في المسار الصحيح.