آراؤهم

إلى المربع الكويتي مع خالص الحنق!

سأكتب اليوم خارجا عن سجيتي، غير ملتزم بما التزمت به من قبل، من اتزان و ترو،  و لكنني مع هذا سأحاول أن أكون راكزا، واثقا، متسنما ذرى العزة والفخر، بعد أن وضع رؤوسنا في الرمال أناس لم يقدروا قيمة هذا الوطن، ولا عرفوا حق الوطن والمواطنة!


فالحالة الكويتية تعيش واقعا مأساويا بكل زوايا الصورة، ومن عمق الحدث السياسي المنبت عن واقعه، وعن سياقه العام، الذي ما عدنا نفرق به بين صالح وطالح وناشط وحانق، وسياسي و أحمق!
منذ زمن ونحن نعيش على كف عفريت من الجان، لا يعرف الله، ولا يريد أن يعرفه، و لا يقيم لخلق الله ميزانا ولا قيما ولا مكانة، ولا يريد لهذا البلد نصحا ولا خيرا!
هناك أربعة أضلاع هي التي تحكم الحالة السياسية في الكويت، منها ما هو طارئ، ومنها ما هو ثابت راسخ، لا يمكن اقتلاعه، لأنه من أصل هذه الأرض وفيها نبتت جذوره.


اعذروني فما عاد الوضع يحتمل، لأننا نعيش في حالة من الخبال في صورة وعي سياسي، وفي حالة من الجنون في صورة صراع، وفي حالة فوضى باسم ترتيب البيت الداخلي و في حالة من الدجل باسم التثقيف السياسي، ونشر الوعي في المجتمع!
هناك دولة لا تريد أن تحيا ولا تعيش كدولة، بل كل همها أن تكون مشيخة وعشائرية وقبيلة يحكمها رئيس، تثور عند الحرب، وتحكمها الأعراف في الصحراء، كما عاش أجدادنا قبل قيام الدولة الحديثة منذ مئات السنين،و هناك شعب منقسم، بين ذل واسترخاء وعبودية وهوان، وبين استنفار لدفع الحالة الغلابة في هذا المجتمع المحطم المسكين!
في أي قرن نحن؟ إننا في القرن الحادي والعشرين، فلا دولة لها أسس الدولة، و لا شعب يعلم ما يريد، ولا حكم يقود نحو بر الأمان، ولا مجلس يقودنا نحو بر الأمان، لعب في لعب، كان المطرب يقول: لعب وجد و حب، أما الجد فقد مات منذ ماتت جدودنا، والحب ما عاد ينفع فينا، لأننا ما عدنا نعرفه إلا في صور العاشقين  الماضين!
أربعة أضلاع، ما لم تتفق وتتكافئ وتعمل، فأقولها بملء الفم ستغرق البلد، بأيدينا، أو تحترق فنيرون لم يمت في وجداننا بعد!


الضلع (الأول) هو الأسرة الحاكمة، التي فقدت هيبتها، و أصبح أسماء أبنائها يتداول، بعضهم بالسباب والشتم، وبعضهم بقلة الاحترام، بل أصبحنا نسمع ونرى صراعا داخليا يطفو على السطح، وشتائم وتصفية حسابات على حساب هذا الشعب المسكين، نحن كشعب ما عدنا نرى أي هيبة تحفظ لهذه الأسرة، فكيف سيحكم أبناؤها، والهيبة والاحترام منزوعان من قلوب الناس؟دعونا نقولها: لا وقت للنفاق، ولا وقت للتربيت على الأكتاف، فهيبة الأسرة من هيبة الشعب والمجتمع والدولة، فكيف يرضى أبناء الأسرة أن تضيع هذه الهيبة في النفوس ويقل الاحترام، فالهيبة لا تأتي الهيبة عبر الأغاني و لا من تملق المتزلفين، والراكضين وراء المال والشهرة،  و إنما بتطبيق القانون على الجميع، دون محاباة ولا تأخير ولا خوف ولا وجل!


و ما ذاك إلا لأن بعض هذه الأسرة لم يعرف كيف يتعامل مع هذا الشعب، لا يزال هناك من يرى الآخرين عبيدا، و أنه يأمر فيطاع، و أن الجميع خول له، وما علم بأن زمن الفتوة والعبيد قد مضى و ولى من دون رجعة، وأن زمن الثورات قد قذف الشجاعة وأمات الخوف في قلوب الناس، وأحيا فيهم العزة و الكرامة و القوة!
نعم! ليست هناك أسرة ليس فيها نزاع و صراع، وليس هناك حكم لا يكون داخله خلاف واختلافات، تلك مسألة طبيعية، لكن أن يخرج هذا النزاع عن الحد، و يجمع البعض شتاتا من الشعب ليكونوا فداوية له، و أن يكون الصراع علنيا وتخريبيا وتحطيما للآخر فهذا ما لا نقبله، ولا يمكن أن يقبله العقل بتاتا!
أقول على الأسرة اليوم أن تنتبه، كي تستطيع أن تعيد  لملمة شتاتها، فالزمن ليس في صالحها، و ما سقطت الدول إلا من اختلاف الأسر الحاكمة، اقرأوا التاريخ واعتبروا يا أولي الألباب!
أقول كفى و رتبوا أوراقكم، و استروا خلافاتكم، بل ادفنوها و حرروا أنفسكم من سلطة المشيخة والأبهة، فكلنا شعب عربي مسلم، ولكن المسئولية ألقت عليكم ما لم تلقه على غيركم، فكونوا لها أكفاء!


و الضلع (الثاني):يتمثل في التيارات السياسية والدينية، التي أغرقت البلاد بمعارك مفتعلة، وبعضها يقاتل بالوكالة عن دول ويجر قضايا ليست من واقعنا، والبعض يجير قضايا الدين والوطن لصالح فئته، ولصالح هويته الخاصة، هذه التيارات التي لم تجلس قط على طاولة حوار فتشخص الحالة الكويتية، وتبز أهم العلل، ومكامن الفساد، ومواطن الخلل، وتعطي الدواء النافع والعمل الجاد والمثمر.


هذه التيارات ركضت وراء سرابات، ووراء أفكار لا تمت إلى هذا البلد بصلة، و إنما رقصت على جراحات الشعب، بل بعضها داس على قضايا الدين والأمة، لأن سادته وقادته شركاء المال في هذا البلد!
فلا السني له أجندات سنية لهذا البلد، ولا الشيعي له مصالح لهذا البلد، ولا الليبرالي يسعى لمصلحة الديمقراطية والعمل الوطني، و إنما الكل صاروا كما قال المتنبي في الشعب(غريب الوجه واليد واللسان)، وأزيد، والفكر والبرنامج!
هذه التيارات التي تتناحر لقضايا صغيرة تكبرها لتجر الشارع وراءها، وتسلو عن القضايا الكبرى، التي قد تحرق البلاد والعباد!
و مع الأسف، سرى هذا الوباء على مجلس الأمة، الذي يعيش صراعا وهميا بين معارضة وانبطاحيين، وأغلبية وأقلية، هذا المجلس الذي لم يستطع أن يجبر الكويتيين على حالة من الحالات السياسية، ويجر الشارع لخصوماته لا خصومات المواطن، ومصلحته لا مصلحة المواطن ولا الوطن، لأنه يطبق أجندات التنظيمات والتجمعات السياسية والدينية، ولا شأن له بمصلحة البلد!
هذا المجلس الذي صنع له وهما أنه يعيش  صراعا خفيا وواضحا بين إسلاميين، وبين ليبراليين وعلمانيين (لم يتجاوز كل منهم اسمه)، وبين سنة وشيعة، كأنه حلبة مصارعة أو ملاكمة!


الضلع (الثالث): التجار الذي يتلاعبون بنا و لا يهمهم إلا ملء الكروش والجيوب، ويتآمرون على هذا الشعب مع طبقات ارستقراطية معلومة!
هناك من التجار من  لديهم استعداد لبيع الشعب في سوق النخاسة، دون مراعاة لشعور، ولا لآدمية، ولا لأي اعتبار آخر، فنحن نعيش لهيب جهنم من هذه الأسعار التي ترتفع أكثر من ارتفاع حرارة الصيف في يوينو ويوليو!
إنهم الضلع الأعوج في البلد، ولكنه الضلع الأكثر تأثيرا وقدرة على تجيير القرار السياسي لصالحهم، والأكثر تأثيرا على عقد الصفقات وإسقاط ورفع من يشاؤون!
التجار الذين لا يراعون متوسط حياة الناس بل عيونهم على ميزانية الدولة، فمتى ما اشتموا رائحة الزيادة لأي فئة، ارتفع عندهم هوس البيع، وانتفخت أوداجهم،و تلمظت شفاههم لبلع اللقمة المتوفرة في يد المسكين والفقير، وقرون استشعارهم تدفعهم نحو الزيادة القاتلة على رؤوس الناس!
لقد كان التجار هم حملة الوعي والمعارضة وأصبحوا اليوم أجشع خلق الله إنسانا!


الضلع (الرابع) : ضلع الشعب، هذا الشعب الذي قدروا على تمزيقه وتفريقه،وجعلوه كسايكس بيكو،كأننا الاتحاد السوفيتي تمزقا أو أضعف! وهو شعب لا يقوى على هذا التمزق ولا على هذا الشتات، وهناك فئة لا أدري من أي الطبقات هي، من فئة (السحالي) العابثين، وتحديدا البرص (البريعصي) النافخ النار على نبي الله إبراهيم عليه السلام، والطفيليات التي لا تعيش إلا على تمزيق الناس وتفريقهم.
هذا الشعب، الذي أضاع بوصلته، فاستغلها التجار والمجلس وقاموا يتنازعونه يمنة ويسرة، الشعب الذي من صدقه وإخلاصه لم يدر أين يذهب، ولا إلى أي اتجاه يمضي!
و من صدق هذا الشعب، وإخلاصه وحماسته، أنه يصدق الثعالب، عندما تخرج في ثياب الواعظين، وملامتي على هذا الشعب، الذي لم يستطع الخروج من شرنقة السياسيين العاطلين، وظن أن الإصلاح لا يأتي إلا من خلال هذا المجلس، ولم يخرج عن الصندوق أبدا!
أما الحكومة، فهي مادامت ليست من اختيار الشعب، فلا حاجة لنا في الحديث عنها اليوم!
فإلى هؤلاء جميعا أزجي حنقي وغضبي، مرددا إلى متى يا أضلاع المربع؟