آراؤهم

” الثورات و الغبطة السياسية “

كيف سيذكرنا التاريخ بعد مئة عام أو يزيدون من الآن.؟

بعد تفشي إنفلونزا الثورات السياسية بين الدول العربية والقلق من حمى انتشارها بين دول الخليج، فلا‌بد من وقفات جدية علمية لدراسة الا‌سباب الحقيقية وراء تلك الثورات؟ وهل يا ترى ندرك تماماً مضاعفاتها ؟ وكيف السبيل يا ترى للتعامل معها وإن تعذر علاجها إن نظرة سريعة لما يجول حولنا كفيلة بأن نستدرك أن من أهم أسباب تفشي الثورات هو انفصام لغة الوفاق والتلاق بين الشعوب ومن يحكمها وإنعدام الثقة في القانون الذي من شأنه أن يحميها ويذود عن مقدراتها. أضف إلى ذلك مفهوم “الغيرة السياسية” أو “الغبطة السياسية” !

ففي ظل أخطبوط العولمة متمثلة بتكنولوجيا المعلومات والتواصل الاجتماعي عبر الانترنت ، تجد ان الاجيال الحالية للشعوب العربية تتوق أكثر من أي وقت مضى لمزيد من التقدم والتنمية وتطمح إلى العدالة الا‌جتماعية والمساواة في الحقوق أسوة بالامم والشعوب من حولها.!

فجيل الثورات..جيل صبره قليل..وما عاد يغريه الكلام العليل ولا القنوع بالهزيل من الوعود دونما تفعيل..بل هو جيل رغم رزانة وعيه، وتطور ثقافته، وزيادة الوازع الديني لديه..إلا أنه ساخط على كل استكانة واستهانة بمطالبه وإن شابها التناقض فيما بينها في بعض الامور والنتائج.

إن الاستقرار بين الشعوب وحكامها، يحتم أن يستمر القبول والرضا بينهما، وأن يتوفرر التجانس السياسي وإن اختلفت أطياف شعوبهم ، فالثورات ليست وليدة اللحظة أو الصدفة المحضة..بل ولدت وترعرعت عبر سنوات على القراءة الصائبة نادرا..والخاطئة كثيرا.. من جهة الحكام لشعوبهم ؛حتى أصبح اللبس والتوجس سمتان متلازمتان لهما.

نعم..لا يشكك عاقل بأن كثيرا من بطانة الحكام هم من زرعوا في شعوبهم بذور الثورات لسماحهم بنشر إعلام الكراهية والتحريض  بدلا من تعزيز إعلام  التسامح والمساوة  بين أطياف شعوبهم، ومن هذا المنطلق فإن تعمد بعض الحكام بالتمييز بين أطياف شعوبهم وإقصاء من يخالفونهم سيؤدي إلى زعزعة استقرارهم ومزيد من القصور والنفور.

 لكن..بما أن اليد العليا ما زالت حاليا بيد كثير من الحكام..فأنجع طرق العلاج بل حتى الوقاية هي أخذ المبادرات لتلافي فتنة الثورات ولا يتأتى ذلك إلا بتوسعة دائرة المشاركة السياسية الشعبية في إدارة البلاد وتحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في صناعة القرار بعيدا عن أي صراعات حزبية أو نعرات طائفية يوزِعُها القانون ويسودها الاحترام  بين أغلبية وأقلية.

 إن فصام لغة الوفاق والتلاق وانعدام الثقة في القانون أدى إلى اتساع الهوة السحيقة بين الشعوب الحالية ومن يحكمها ..وهذا يتطلب جديا وجذريا وجود شريحة” رابطة ” تمثل الطرفين من الحكماء والعلماء و السياسيين والمثقفين والاقتصاديين والإعلاميين و مشايخ الدين وغيرهم من المعنيين.

فالثورات عبر الحقب الماضية وخاصة في دول الشرق الأوسط لم تكن دوما مثالية..ودون تدخلات أو دسائس ..ولم تكن دون خسائر مهولة مادية ونفسية، دفع أثمانها وويلاتها أجيال متواترة من الشعوب والحكام..قليل منها نفخر بسرد تشخيصه..وكثير يستحي منا تاريخه..!

إن الشعوب سئمت سياسة المسكنات وتخدير الملمات التي تشقى بمعاناتها..والسياسة الراهنة بحاجة إلى مشرط جراح يستأصل أورام الفساد في أوطانها ويوقف نزيف آلامها..ويا حبذا لو كان أول مشرط فيها قيام الحكام بثورات على بطاناتهم!!

@Yes_But_