أقلامهم

عبدالهادي الجميل: اذا كانت المعارضة هي المسؤولة؛ فلماذا هذا الهجوم الحاد على الحكومة.

ضحك كالبكا
رسّونا على بر !
كتب عبدالهادي الجميل
 
كانت افتتاحيتا جريدة القبس يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين غريبتين ومتناقضتين إلى درجة قد تسبب للمواطن البسيط اضطرابا حادا في الفهم وتخبّطا في الإدراك خصوصا اذا لم يسبق لهذا المواطن قراءة رواية” الدكتور جيكل ومستر هايد” للكاتب البريطاني  روبير ستيفنسون. تتحدث الرواية عن الدكتور جيكل المعروف بين جيرانه وأصدقائه باللطف والطيبة وحب الخير، ولكنه ولسبب ما، يُصاب بمرض انفصام الشخصية، فيتحوّل ليلا إلى المستر هايد الشرير الذي كان يروّع المدينة ويقتل الناس ويزرع الرعب في قلوب الأهالي، ويعود صباحا الدكتور جيكل الطيّب. الرواية تنتهي بانتصار الخير على الشر ولكن بثمن باهظ جدا.
 افتتاحية القبس يوم الإثنين الماضي كانت بعنوان” التايتانيك” وكان واضحا جدا بأنها تعبّر عن وجهة نظر الـ (نيو ليبرالز)، حيث أنها لم تر تردّيا في الكويت وتراجعا وانهيارا سوى في  تعثّر المشاريع المليارية الضخمة التي أوقفها نوّاب المعارضة لوجود شبهات فساد تحوم حولها. 
أقتبس هنا بعض العبارات من تلك الافتتاحية التي صبّت فيها الجريدة جام غضبها على نوّاب الأغلبية لأنهم قاموا بـ«سلسلة جهنمية» لتقويض ما بناه آباؤنا وأجدادنا في سبيل رفعة هذا البلد، (….) إن نظرة متأنية مع ربط وتوثيق، تظهر بما لا يقبل الشك، أن الأهداف كانت تدميرا ممنهجا للاقتصاد بكل قطاعاته”.انتهى الاقتباس.
حلو الكلام، قبس الـ (نيوليبرالز) لها وجهة نظر محددة وواضحة تنحصر في تحميل نوّاب المعارضة مسؤولية تدهور أحوال البلاد بسبب تدخّلهم في المشاريع الاقتصادية.
لكن لم تمض 24 ساعة فقط حتى أتت افتتاحية يوم أمس الثلاثاء بعنوان” حكومات مشلولة”، بشكل مغاير تماما وبلغة مختلفة لم تستخدمها القبس ضد الحكومة منذ 14 سنة تقريبا، إلى درجة أن من يقرأها سيظن بأنها كُتِبت في اجتماع مغلق لصقور كتلة العمل الشعبي. وهنا بعض العبارات المقتبسة من الافتتاحية..” الحكومات المتعاقبة منذ 2006 تتحمل المسؤولية الأكبر.. بالتواطؤ والضعف حينا، وبغياب الرؤية وانعدام القرار والتخلي عن المسؤولية المنوطة بها كمهيمنة على مصالح الدولة، (….) لم تحرز الحكومة أي تقدم يذكر على صعيد إنجاز التنمية بمختلف قطاعاتها، رغم انها تمتعت بالأغلبية التي كان يمكن أن تستفيد منها لو كانت جادة في مشاريع التنمية والتقدم. فأدرك الناس بالملموس أن فاقد الشيء لا يعطيه”. انتهى الاقتباس.
الحين نعتمد أي افتتاحية؟!
افتتاحية قبس الـ (نيوليبرالز) التي تحمّل المعارضة المسؤولية أو افتتاحية قبس التكتل الشعبي التي تحمّل الحكومة المسؤولية؟!!
اذا كانت المعارضة هي المسؤولة؛ فلماذا هذا الهجوم الحاد على الحكومة، ولماذا الآن بالتحديد، وماهي الرسالة، ولمن يُراد توجيهها؟ واذا كانت الحكومة هي المسؤولة؛ فكيف قبلت القبس أن يصف كاتبها الأشهرعبداللطيف الدعيج؛ من يعارض سياسات سمو الشيخ ناصر المحمد عندما كان رئيسا للحكومة بأنهم “أبناء حرام”؟!!
هل تعاني القبس من انفصام في الشخصية كالذي عانى منه الدكتور جيكل وأدّى به- في نهاية الرواية- إلى قتل نفسه كي يخلّص الناس من شرور المستر هايد؟!