أقلامهم

عبدالهادي الجميل: لم أتوقع أن يمتد بي العمر كي أكون شاهدا على انجاز مشروع حكومي في المدة المحددة وبالميزانية المرصودة له

ضحك كالبكا
يا منت كريم يارب!
كتب عبدالهادي الجميل
 
تعوّدت خلال مشواري اليومي، من وإلى مكان عملي، أن أستقل طريق الفحيحيل رغم كثافة حركته المرورية التي لم تكن تتوقف بالكامل، إلّا عند تحويلة “لسان الشيطان” الواقعة بين المنقف والصباحية حيث تُجرى منذ مدّة أعمال إنشاء بعض الجسور الجديدة التي تهدف إلى تيسير التنقّل بين المنطقتين المتقابلتين.
 لا أتذكر متى بدأ العمل بهذه الإنشاءات، لأنني توقّفت، كمعظم الكويتيين، عن احتساب مدّة انجاز المشاريع الحكومية وكلفتها الماليّة، منذ أن أصبحت هذه المشاريع بلا ساعة إنجاز محدّدة، وبلا ميزانية ثابتة لا تعصف بها الأوامر التغييريّة!
صباح الاثنين الماضي توجّهت كعادتي إلى العمل، وعندما وصلت الى موقع الإنشاءات لم أجد التحويلة البغيضة، ووجدت مكانها طريقا جديدا بحارات فسيحة كل واحدة منها” تقول الزين عندي والشين حواليني”، بل ان حتى”عيون القطط” التي تفصل الحارات، وجدتها جميلة وشهيّة وبرّاقة كعيون صبيّة عربيّة كحلاء.
اعتقدت في بادئ الأمر بأنني، بفعل السهر والصوم، قد ضللت الطريق ودخلت إلى شارع التعاون الجميل، لكنني سرعان ما اكتشفت خطأ اعتقادي عندما نظرت مليّا إلى البيوت الواقعة على جانبي الطريق، وقارنتها بمثيلاتها على جانبي شارع التعاون، كان أول اختلاف التقطته عيناي؛ تهالك معظم بيوت المنقف والصباحية مقارنة ببيوت شارع التعاون، كما ان بيوت شارع التعاون تخلو غالبا من عبارة” هذا من فضل ربي” المنقوشة على معظم بيوت فقراء المنطقة العاشرة! نحن شعب مدعوك وشديد الإيمان أيضا، ولهذا نحرص دائما على رفد الكويت بالمطاوعة في كل انتخابات تُجرى عندنا!
إذن أنا بالفعل على طريق الفحيحيل، وفي مكان “لسان الشيطان” الذي كنت قد توقّعت أن يبقى يلوك السيارات حتى يوم القيامة!
 لم أتوقع أن يمتد بي العمر كي أكون شاهدا على انجاز مشروع حكومي في المدة المحددة وبالميزانية المرصودة له دون أي أوامر تغييريّة كما قال الوزير صفر.
هذا الأمر لم يعد يحدث إلّا في الصين التي تقتل المفسدين أو في الدول التي تحترم شعوبها وتلتزم بتعهّداتها لمواطنيها، ودولتنا توقّفت منذ زمن بعيد عن الإلتزام بأي شيء، لأن المحتضر لا يفكر كثيرا بتعهّداته التي قطعها بالماضي!
أطالب فورا بتكريم مقاول المشروع وإطلاق اسمه على المشروع، يستاهل حتى لو يبي يحط له كبائن تحصيل رسوم على الجسور نفس اللي على جسر البحرين.
وأقترح على الحكومة أن تقوم بنقل موقع مدفع الإفطار من قصر نايف إلى براحة قطعة 4 في الصباحيّة المطلّة على المشروع، كي يرى الشعب الكويتي بأن صومه الطويل لم ينته ببصلة، وكي يستعيد ثقته بالحكومة وبالشركات الوطنيّة. الشعب الكويتي شعب بسيط جدا وسهل الإرضاء، فهو يبقى محبا لحكومته وواثقا بها حتى لو سرقت ماله وجلدت ظهره، وإذا ما فقد ثقته بالحكومة، لا سمح الله، فإنها تستعيدها بجسرٍ من الكونكريت!