سبر القوافي

وادي النقم

لم تكن ميساء تعلم بأن الوظيفة الجديدة التي حصلت عليها ستكون مفتاح السعادة التي ستعيشها في المستقبل القريب …..ولا يهم على حساب من هذه السعادة المهم عندها أن تلحق بركب السعداء……..وستتنفس الصعداء لانتهاء مرحلة العنوسة الجبرية التي عاشت فيها …….لقد كانت ميساء فتاة لم تكمل دراستها الجامعية …..بسبب حادث سيارة كان بمثابة منعطف أليم في حياتها……حولها لوحش آدمي….وقانا الله من شره .
 لقد تركت دراستها الجامعية….. ولم يعيرها أحد اهتماما……بأن يساعدها أو يشجعها على استكمال دراستها…..أو يسأل عما سيؤول اليه مستقبلها بعد شفائها من جروح الحادث…..والذي ترك آثارا سيئة على وجهها ……والذي لم يكن جميلا كما كانت تتأمل ….بل عاديا فزاده الحادث قبحا …..لقد نسيها أهلها….. وتناست هي…أيضا كونها طالبة جامعية ….يتعين عليها أن تذهب لتؤجل الدراسة حتى يكتب لها الشفاء…. ورضيت بنصيبها وجلست قابعة في منزلها مع عائلتها……شغلها الشاغل هو خدمة اخوانها….. وتربية الصغير منهم …ومعاونة الكبير…..فقد كانت أمها …سيدة كسول ….تعتمد عليها في كل شيء….لتعيش حياتهـــــــــــا في متابعة التلفاز ومسلسلاته تاركة العبء الأكبر على كاهل ميساء……….فهي الوحيدة في البنات التي لم تتزوج بالرغم من اقترابها من السادسة والثلاثين …..بل من أنقذها من مصير العنوسة المؤلم هو حصولها على دبلوم في السكرتارية ووجدت من أوصلها الى مجال العمل……….انه خالد أخو زوج أختها ..سبيكة….وبالنسبة اليها ..كان طوق النجاة.
لقد دأب خالد على الاهتمام بها وخاصة في أوقات انشغال زوجته والتي كانت تعمل في وظيفة مرموقة ولديها من الآولاد خمسة… مما جعلها تقضي معظم أوقاتها في العمل واذكاء طموها المهني وعند العودة للمنزل الاهتمام بأطفالها هو شغلها الشاغل…. والتي قاربت احداهن الى الدخول للمرحلة الثانوية ….مما جعلها بعيدة عن زوجها والذي وجد في ميساء ضالته المنشودة وخاصة أنها كان بدأت تنصب شباكها حوله.
لقد كانت بالرغم من وضعها المستكين حية رقطاء قادرة على اجتذاب البشر بنعومة حديثها وأسلوبها الشاذ……فقد كانت تتصف بالمكر والخداع والطموح الأسود……..بغض النظر على حساب من…….ستحقق طموحاتهـــــا الجرداء…. لذا…نجحت في استمالته وأن تجعله يتزوجها في عجالة……..وبعيدا عن أعين زوجته وأولاده…. وعن أعين والديه أيضا…… الا من بعض المقربين من اخوانه….وبهذا ظفرت به…… وبالرغم من ذلك …لم تتخل ميساء عن طبيعتها السيئة……وخصالها الغير حميدة …..وقانا الله من شرور هذه النماذج الجائحة…فقد ظلت تنشر خيوط العنكبوت حول كل ما يقترب منها …….لتفترس كل من تقوده قدماه الى شبكتها العنكبوتية الغادرة…….ولكن……هيهات …..فعلى الباغي تدور الدوائر …….وعقاب الأقدار أقسى من كيد الأشرار  ….فقد ابتلاها الله بما جعلها تسكن وادي النقم وحتى النهاية……غير عقاب الله في الدار الآخرة… يقول الله عز وجل في سورة الأنفال‏:‏ ‏{‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏ ‏[‏سورة الأنفال‏:‏ آية 30‏]‏ فلابد للإنسان أن يتوخى الحذر….. ولا يزهو بقوته …..وألا يأمن مكر الله……فاتقوا الله عباد الله
Email: ad.me123@yahoo.com