أقلامهم

الوشيحي: لو كان المذيع الأميركي الساخر بيل ماهر كويتياً ماذا كان سيقول عن شعب لم يحاسب أحداً على “كارثة الغزو والاحتلال”

آمال: بيل ماهر… كويتي
محمد الوشيحي
أواه لو كان المذيع الأميركي الساخر بيل ماهر كويتياً، أو على الأقل عرف بما يحدث عندنا، وعلق عليه في حلقته الأسبوعية، أو حتى في المسرح، كما يفعل في أيام العُطل. ولمن لا يعرف صاحبنا ماهر نقول له: هو ملحد ملعون مُجدِّف، يهاجمه الجمهوريون وحزب الشاي (الحزب الثالث في أميركا والمعروف بعنصريته، ورافع شعار عيال بطنها) ويخشونه لاتساع رقعة جماهيريته، ويتبرأ منه بعض الديمقراطيين لسلاطة لسانه وصراحته الحادة والحارة، التي تحرجهم أحياناً، وإن كانت غالبيتهم تحبه (كان قد وصف مفجري برجَي مانهاتن، من أنصار بن لادن، بالشجعان، رغم كرهه لهم، على اعتبار أن قيادة طائرة للاصطدام بالبرج شجاعة قصوى “يجب أن نعترف بذلك”). ولا أدري كيف كان سيعلق على أوضاعنا المحلية لو اطلع عليها، وماذا كان سيقول عن شعب لم يحاسب أحداً على “كارثة الغزو والاحتلال”، ولا ماذا سيقول عن شعب لا يرى البحر إلا في الخريطة بعد أن استحوذ عليه أحفاد قارون، ولا بماذا سيعلق على شعب يسكت عن خضوع الحكومة وخنوعها أمام شركات الاتصالات (الحقيقة أنها شركة واحدة) ترفض النقل الحر للأرقام، وتتعامل بمنهج السادة والعبيد مع المستهلكين، ولا أدري كيف سيضحك ماهر وهو يعلق على طريقة نصب شركات الإنترنت على المواطن الذي يستنجد بالحكومة ووزير مواصلاتها فيكتشف أن الحكومة التي “يبي منها العون” هي “فرعون”، ولا يمكن أن أتخيل منظر ماهر وهو واقف على المسرح يحد لسانه، الحاد أصلاً، ليتناول (تصلح يتناوش، ويتناهش أيضاً، إذا تغاضى عني حماة اللغة) موضوع رشوة نواب البرلمان، وكيف انقلبت الأمور لتتم محاسبة من اكتشف الرشوة لا من قام بها، هاهاها… يفعل ماهر ما يفعله ويقول ما يقوله في بلد يجهل جزء كبير من مواطنيه أسماء أعضاء الكونغرس بجناحيه (النواب والشيوخ)، وتفشل خمس من متسابقات “ملكة الجمال” في معرفة اسم نائب الرئيس “جو بايدن”، رغم أن الثقافة أحد أهم عوامل الفوز في مسابقة الجمال. ولا عجب في جهل الأميركان سياستهم المحلية، بل والعالمية أيضاً، فهُم يثقون بساستهم ويعلمون أنهم (الساسة) يتعاملون مع الشعب كما تتعامل الدجاجة مع بيضها، إذ تنعزل عن محيطها، وتخسر أصدقاءها، وتتفرغ لبيضها فتبرك فوقه واحداً وعشرين يوماً بالتمام والرفاء والبنين، في حين تتعامل حكومتنا مع الشعب كما تتعامل السلحفاة مع بيضها، تضعه على الشاطئ وتعود إلى البحر لتستأنف حياتها وتترك البيض يواجه قدره ومصيره… إلا أن حكومتنا لم تتركنا على الشاطئ وتعد إلى البحر بل أرشدت “حيوانات الراكون” إلى مكاننا. ولهذا، لهذا فقط، يتابع الشعب الكويتي كله تفاصيل التفاصيل السياسية… ولهذا أيضاً نحتاج إلى أن نفعل ما يفعله بيل ماهر في بعض السياسيين.