كتاب سبر

كده!

“سكان المريخ نزلوا على الأرض!”…خبر عاجل بثته قناة ” السى بى اس” الأمريكية في العام 1938 عبر برنامج حرب العوالم الذي يقدمه اورسون ويلز, ويلز هذا الذي نجح من خلال برنامجه في إثبات سطوة البروبجندا الإعلامية إلى درجة انها احدثت رعبا في المجتمع الأمريكي لم يخطر حتى بخيال اليابان الإمبراطورية وألمانيا النازية وروسيا الشيوعية بجلالة ترسانتهم ” العسكرية ” !! 

ابتكر ويلز مسرح المعجزة وهو طريقة فنية تشبه المسرحيات وتحتاج مثلها كذلك إلى سيناريو وممثلين ومؤثرات لخلق واقع من خلال حدث خيالي قد لا يصدقه العقل عادة ولكن مع عبقرية ويلز سيبصم بالتأكيد عليه بالعشرة !!

ابتدأ ويلز برنامجه “عادي جدا “إلى أن قطع رتمه خبر عاجل يذيع خبر سقوط وابل من النيازك على منطقة جروفيرز في نيوجرسى بعدها بثت الموسيقى الهادئة ليستمر بعدها ويلز في ” عاديته” وبعد دقائق قطع البث مرة أخرى ليذيع خبرا عن اشتباكات ساخنة بين شرطة نيوجرسى ومجموعات غامضة مجهولة ثم عاد البث مع المزيد من الموسيقى والإعلانات !

 

هنا التصق المشاهدون بمقاعدهم وقد أحسوا بالإثارة حتى التعرق!, وتوالت الأخبار بسرعة بيان هام من سكرتير الخارجية (ممثل طبعاً) حول الغزو المرّيخى جاء فيه ” الأمة تتعرض لخطر داهم انتشر المريخيون فى جميع المدن الأمريكية وأبيد الآلاف بفعل الأشعة الحارقة للمريخيين ” صرخات مكتومة هنا وهناك من متصلين ( ممثلين”) يروون الفظائع المريخية، قطع نحيبهم خطاب الرئيس الأمريكي (ممثل ايضاً) وهو يصرخ ” واويلتاه عليك يا امتنا العظيمة استباح ” الشت ” من أهل المريخ أرضك ” صرخات أخرى لأناس تستنجد تقف لها كل شعرة في رؤوس المشاهدين استعدادا .. وانتشر الرعب وتزايد شهود العيان (حقيقيون وليسوا ممثلين ) الباكين أمام كاميرات وكالات الأنباء حالفين براس روزفلت بأنهم شاهدوا المريخيين عيانا جهارا !! المطاعم والفنادق أخليت ومحاولات للانتحار وتهادى خارج مدن أمريكا طابور طويل كأنه توأم لأفعى يتكون من مركبات الفورد والدوج الهاربة خوفاُ وهلعا من الرعب المريخى الابن ستين ” دوج” !!.

الطريف أن رئيس الأركان الأمريكي استدعى قوات الاحتياط واتصل بقواده ليدعوهم لاجتماع أزمة! ..باختصار كانت ليلة سوداء “ولا أروع ومرعبه جدا رقصت فيها أمريكا على وقع دفوف الإعلام و”هزت” حتى الصباح .

مرور قرن على هذه الحادثة لا يعنى ان الزمن يستطيع ان يحجب وراء ظلال ماضيه حقيقة ان البروبجندا الإعلامية ما زال لديها الاستعداد والضبط والربط لأن ” تطلع قرون ” لأى مجتمع متى ما ” حطته براس برامجها ” وما يحدث وراء كواليس إعلامنا هو المثال الأقرب لذوى كل لب !!

” كلونا البدو “..” الحضر شربوا مروقنا ” …” الشيعة موالين للولى الفقيه ” ..”.السنة موالون لفقيه الوالى ” ….” أجندات خارجية ” ..” الكويت ستنتهي في 2020″ ..” راح نفلس وماكو رواتب” ..” البدون سيغيرون ” خشة” النسيج الاجتماعي للأبد ” ….”مزدوجين”…” .”..” صفويه ” ..”وهابيه” …” طراثيث ” .ووووو الخ

كل ما سبق يصلح كحلقة ويلزيه تضاهى قوة تفجيرها اشاعاتها ” الاشعة الاثيريه ” لقنبلة ويلز المشهورة ,و” الغثاء” المترجم من قبل واقعنا الاعلامى والمحشور ما بين سطوره اعلام هابط “ببراشوت ” المال السياسى او اعلام مرتفع “مزاجه ” من تعاطى الجرعات الزائدة للطائفية والقبلية والفئوية هو حقيقة ويلزيه تهز مجتمعنا هزا على “وحدة وطنيه ” ونص دستورى .

ولكن هل يا ترى هذا الفن الويلزى ناجح لان جمهور مواطنينا عاوزين “كده”.. أم أن ” كده” له فيهم مأرب أخرى نرجو أن يهشوا عليه يوما بعصاة وطنيتهم فيطفئوه إلى الأبد ؟!

اعتقد ان ” كده” الأولى هي الأقرب فليس هناك ” ميكرفون ” من غير نار “الأكثر مشاهدة”, الراعية الرسمية لجمر المكائد التي تحض على “الغسق والفجر” الذي يتكلل بهما جبين شمس نهارنا ,,واعتقد أيضا ان من يمشى وأمامه وطنه سيبحر في النهاية على متن سفينة الكويت نحو بر الأمان اما الذئاب التي تهرول عبثا وورائها طوفان مصالحها ظانة ان هناك ” حيلاً ” ستعصمها من ” الفناء” فلا استطيع ان أقول لهم إلا قد خاب ” ثناكم” فان كانت الأعمار بيد الله فهو سبحانه من جعلنا خلائف في الأرض وجعل ” إعمار ” أوطاننا بيدنا.لا بيدكم ولا بيد ” الميديا ”

شعب الكويت فيم الخصام وانتم الخصم والحكم , تذكروا رعاكم الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. فغيروا بارك الله فيكم عبر ” ريموت كنترولكم” ” قنوات ” الفتنة ” وصموا أذان عقولكم عن ضجيج حروف صحفها واستمتعوا فقط بليلة الدخول إلى دفء أحضان كويتكم بارك الله لكم فيها وبارك لها فيكم وبالرفاه والبناء.

@bin_hegri