آراؤهم

طالبان والطالبات

مالالا يوسف زاي، البالغ عمرها 14 عاما، باكستانية اشتهرت كناشطة في حقوق المرأة والأطفال، وقد دافعت عن حقها وحق الفتيات الأخريات في التعليم، الأمر الذي أزعج حركة طالبان وقرروا اغتيال الطفلة، هكذا بكل بساطة.
مالالا التي بدأت وهي في عمر الثانية عشرة الكتابة في مدونتها عن الفظاعات التي كان يرتكبها متشددو طالبان، حينما سيطروا على وادي سوات، حيث تقطن، اعتادت على إخفاء كتبها الدراسية تحت سريرها، تحسبا لعمليات تفتيش مفاجأة يقوم بها عناصر الحركة، تقول مالالا: “أثناء وجودهم هنا، كان مسلحو طالبان يقومون، من وقت لآخر، بالدخول إلى منازلنا، لمعرفة ما إذا كنا نتلقى تعليما أو نشاهد أجهزة التلفزيون”. 
في مساء الثلاثاء الماضي تعرضت الصغيرة لهجوم استنكره العالم أجمع، وتبنته بكل فخر طالبان، حيث أطلقت رصاصتين عليها، استقرت إحداها في رأسها بينما الأخرى في عنقها. وبينما كانت مالالا ترقد في وحدة العناية المركزة، وهي في حالة حرجة، صرح المتحدث الرسمي للحركة، أن الجماعة الاسلامية قد نفذت الهجوم بعدما حذرت الطفلة مرارا وطلبت منها التوقف عن الحديث ضدهم. وأنها ستسهدفها ثانية إن نجت هذه المرة! وختم حديثه بأن الحركة تتوعد أي شخص يتحدث ضد الحركة بنفس المصير.
إن لمن السخرية أن تشكل طفلة صغيرة كل هذا الإزعاج والخوف لحركة سياسية بقوتها وهيكلها وقادتها وعناصرها، وهذا ما يعكس ضيق أفق الحركات السياسية التي تتخذ الدين شعارا. فقد اتهمت مالالا “بالترويج لأفكار غربية ومناهضة الشريعة الاسلامية”، لمجرد دعوتها العلنية لتعليم الفتيات. وقد كانت هذه الأفكار بلا شك بمثابة كابوس مرعب لدى عناصر الحركة الذين لم يتصفوا بربع شجاعة الصغيرة ليناقشوا أفكارها مثلا، بل ذهبوا لقتلها مباشرة، فهم لا يملكون بديلا. أو لا يعرفون بديلا، غير القتل.
ليس من حق أحدنا الظن بأن أفكاره غير قابلة للنقاش أو النقد، وبالتالي لا يمكنك أن تفرض رأيك بالقوة، والادعاء بأنك تملك الحقيقة المطلقة، لا يمكنك أن تلغي الآخر، المختلف عنك، أو تتهمه بالكفر والإلحاد والشرك لمجرد أن عارضك في فكرة. وهذا تماما ما حصل مع مالالا، تلك الصغيرة الشجاعة، التي نسأل الله الشفاء العاجل لها.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.