كتاب سبر

سقوط حر

بعد ان كان الشعب كله يسهر على قناة تلفزيونية واحدة ويقرأ جريدة او ثلاثا على اكثر تقدير ، منّ الله علينا و رفعت الحكومة طاقتها الانتاجية من حرية الرأي والتعبير بفضل قانون المرئي والمسموع وأصبح لكل اربع قنوات مشاهد واحد وكل ثلاث جرائد قارئ .
في المساء اخرج من الديوانية مذعوراً إلى المنزل حافي القدمين كالمجانين وأحد الندماء  يتبعني .. خذ مفتاح سيارتك ، حذاءك ، عقالك ..الموقف لايحتمل دخول البيوت من ابوابها كما جاء في الحديث الشريف ..! فأدخل من شباك المطبخ كالقطط اتفحص الممتلكات وأفراد الاسرة فرداً فردا .
كل ذلك كان بسبب برنامج على احدى المحطات بين مرشحين كلاهما يؤكد ان حرباً اهلية ضربت اطنابها بين فئات الشعب .!
وفي الصباح زوجتي تصرخ ورائي استر عورتك يارجل وانا أهرع إلى الشوارع  وبيدي سلاح ابيض ابريق شاي او حذاء  لايهم المهم ان اقاتل الأعداء دفاعاً عن هذا الوطن وسلامة اراضيه كما نص الدستور ، ابحث عن قتلى لأحصيهم فلا أجد  جرحى لأجهز علىيهم واريحهم من هذه الحياة و القروض ولا اجد ..!
كل ذلك بسبب مانشيت في افتتاحية جريدة اكد من خلاله السيد علي الراشد ان انقلاباً مسلحا تتعرض له اسرة الصباح من بعض الخونة .!
ونظراً لتكرار هذه الحالة وما آلت أليه اوضاعي  المزرية والمثيرة إلى حد الشفقة وما اتعرض له من توبيخ الجيران المستمر لم يعد خبر يثيرني أو اشاعة تستفزني وأصبت ببلادة في المشاعر، لدرجة لو رأيت العدو المحتل يتجول في الشارع مدججاً بالسلاح قلت انها مزحة ثقيله من احدى الصحف  بمناسبة الأول من ابريل …
توقظني  امي .. لص ..لص .. وأرد عليها لن تفقدي شيئا من مقتنياتك انها مجرد مبالغة صحفية ..
وتستنجد زوجتي حريق .. حريق ..
نامي مجرد خبر ساخن ..
ويسألني صديق هل أمنت مستقبل ابنائك عبر الادخار لهم في حساب البراعم ؟
وأجيبه .. تركت لهم رصيدا من التجارب على باب الثلاجة مثلاً.. كتبت مقولة  من لا يقرأ على الاطلاق اكثر ثقافة ممن لا يقرأ إلا الجرائد ( لـ توماس جيفرسون ) وعلى الدولاب بيت من القصيد الصحف مرآة شعوبها ( لـ الرصافي ) وعلى شاشة التلفاز لصقت  صورة جوزيف قوبلز المستشار الاعلامي لهتلر ..
وأتخيل الرجل منا في مرحلة ما بعد التقاعد كلٌ له شهادة مواصفات خاصة كالأجهزة الكهربائية ..
مواطن / يتحمل درجة حرارة 1000 فهرنهايت من الاخبار الساخنة
مواطن / غير قابل للكسر أو الاهتزاز مهما كان حجم الاشاعات والأخبار الملفقة التي يقرأها ..
وأخيراً يتم  بيعنا ونشرنا حول العالم لدول ذات نشاط زلزالي وبركاني بأعتبارنا نموذج فريد وتجربة علمية ناجحة يجب الاستفادة منها لخدمة الانسانية 
درس في الفيزياء..
الاستاذ : من هو المغامر الذي استطاع ان يحطم ثلاثة أرقام قياسية وكسر القواعد الفيزيائية في “السقوط ” الحر متجاوزاً حاجز الصوت بجسده من دون محركات ؟ وقد يحطم سرعة الضوء في السقوط مستقبلاً ؟
التلاميذ : قناة ” سكوب ” طبعاً .
@baderFarhaN1