كتاب سبر

كرامة وطن

نخرج من بيوتنا تاركين صغارنا متجهين نحو العدم نبحث لهم عن قاعدة صلبة تحميهم في المستقبل، يظن البعض ان خروجنا كان ضرباً من ضروب الترَف!!


أيعقل أن يخرج انسان عاقل بالغ رشيد أعزَل ليواجه جنود مجهزة بسلاح ليس له بها من سلطان ليمارس نوعاً من الترَف؟!
أستغرب من نفسي ذلك اليوم ومن الدافع الذي دفعني للخروج كي أقول: (لا)
نعم استغربت فأنا لم أكن من مؤيدي الخروج في مسيرة، ولم أكن من مؤيدي ايصال الرسالة عن طريق الاعتصامات،  وكنت دائماً أؤمن بأن لي من يمثلني وقد أخذ على عاتقه عهداً أن يوصل صوتي ومطالبي عن طريق المجلس وفق الأُطر الدستورية. 


لكن أين هو صوتي اليوم وأين هو من يمثلني؟ أنا لا أبرر نزولي للمسيرة ولا أدين أحداً بنزولي غير التهاون في اتخاذ القرار والتهاون في عقاب من ساعد على انتشار الفساد في بلدي والسماح للسارق بأن يسرق المزيد.. نعم مكتسبات بلدي تُهدر أمام عيني دون رؤية أي تنمية والحالة الاقتصادية متردية، كل شيء يحتاج لترميم وتجديد حتى نفوس البشر التي لوثها الإعلام الفاسد حين مارس على مدى  سنوات ضرب النسيج الاجتماعي وتفتيت واستباحة أعراض وأنساب دون أن يردعه رادع، كل ذلك وغيره من الأمور الدخيلة على مجتمعنا الصغير المتحاب جعلني وغيري ممن يرفض ان يرى الكويت عكس ماعهدناها، نخرج ذلك اليوم لنقولها مدوية: لا للفساد.. لا للعبث بمصالح البلاد.. لا للبطانة الفاسدة.



خرجت وليتني لم أفعل، وجدتني أمام شعورين متناقضين، شعور بالسعادة لرؤيتي أبناء بلدي يسيرون جنباً لجنب غير آبهين لأصل هذا ولا لمذهب ذاك وقد توحدت صفوفهم وكلمتهم، وحزن على من يقف في وجههم ويرفع السلاح في وجوههم.. انهم أيضاً أبناء بلدي وأخوتي.


 
لا أقبل على كلا الطرفين أن يَمسه مكروه لكنني كنت مطمئنة نوعاً ما عندما رأيت التجمع سلمي والهتافات الوطنية استناداً لنص المادة 44 من الدستور والتي تبيح للأفراد التظاهر السلمي، الا انني فوجئت بتفريق تلك الجموع بالقنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع!!


منظر مخيف.. هذا ملقى عالأرض وهذا يركض وخلفه أفراد الأمن،  وعندما سألت جائني الجواب الذي أطبق على أنفاسي فلم أعد أشعر سوى بخفقات ضعيفة بقلبي جعلتني أشعر انني فارقت الحياة.



اتعلمون ماكانت الإجابة!!



ان الخروج في مسيرة غير قانوني! رغم انني ناقشت بنفسي إحدى القيادات في 2 اكتوبر خلال مظاهرة للبدون وهو من ذكر لي المادة 44، وذكر ان لفظ أفراد تقتصر وتنطبق على الكويتيين فقط،  ماهذا التناقض؟!  بالأمس كانت لاتنطبق الا على الكويتيين ولا تنطبق على البدون لأنهم غير كويتيين واليوم هي لاتنطبق على الكويتيين،  اذاً هذه المادة الدستورية تنطبق على من ان لم تنطبق على كل من يعيش على ارض الكويت؟ يمكن تنطبق على سكان كوكب المريخ!!