أقلامهم

وليد الرجيب: مسيرة «كرامة وطن» شاركت بها كل مكونات وفئات الشعب الكويتي والدليل أسماء المعتقلين من الشباب.

أصبوحة / الخيال لا ينتج تحليلاً سياسياً
وليد الرجيب
أنا لا أجادل باستراتيجية وحلم «الإخوان» بدولة دينية ولا أجادل بتكتيكاتهم وبراغماتيتهم وقطفهم لثمار حراك غيرهم، فقد شهدت ذلك بأم عيني في «ديوانيات الاثنين» وفي حركة «نبيها خمس»، كما شهد الجميع ذلك في ثورتي تونس ومصر.
والخلاف والصراع الفكريان لا يعنيان عدم احترام وتقدير شخوص المنتمين لجماعة «الإخوان المسلمين» في الكويت، فهم مواطنون وجزء من حراك القوى السياسية بغض النظر عن طبيعتهم وسلوكهم السياسي.
وقد تابعت في الآونة الأخيرة هجوماً مركزاً على إخوان الكويت واتهامهم بمحاولة الانقلاب على الحكم، ولأن هذا الهجوم مرتبك وغير منظم أبرزته التحركات الشعبية المتنامية منذ 2009 وبالأخص مسيرة «كرامة وطن» التي اعتبرها المراقبون الغربيون أكبر حراك في تاريخ الكويت، والذي لا يمكن لـ«الإخوان» بأي حال من الأحوال تنظيمه وقيادته لوحدهم، ولا يمكن وصمه وحصره بالقبلية والاسلامية، بل شاركت به كل مكونات وفئات الشعب الكويتي والدليل أسماء المعتقلين من الشباب، الذي قيل انهم مغرر بهم من أجل أجندات اسلامية وقبلية وانتخابية.
وقد قرأت مقالا للأستاذ مشاري الذايدي نشر في جريد «الشرق الأوسط» ثم نشر في جريدة الوطن يوم الأحد 28 أكتوبر الجاري، فهمت منه أن الحراك الشعبي الكويتي وشعار «ارحل» جاءا متأثرين بثورات الربيع العربي، وأوافقه بأن الحراك الكويتي بدأ قبل الربيع العربي، ولكن أيضاً شعار «ارحل» ضمن حملة «ارحل نستحق الأفضل» رفع في الشارع الكويتي عام 2009 أي قبل «الربيع العربي».
بالطبع أنا أفهم أن يشعر إخوان العالم وليس في الكويت فقط بالنشوة والانتصار المعنوي لسيطرة «الإخوان» على مفاصل الحكم في تونس ومصر، ولكننا يجب أن ندرك أن الظروف الموضوعية والذاتية تختلف من بلد عربي لآخر، وعلاقة «الإخوان» مع السلطات الخليجية تختلف من بلد خليجي الى آخر، فإخوان مصر الذين تنعموا في عهد السادات ناصبوا مبارك ونظامه العداء، وفي البحرين يشكل الإخوان قاعدة اجتماعية للنظام ضد احتجاجات الغالبية الشيعية، أما في الكويت ورغم معرفتنا ببراغماتيتهم فهم مرتبطون منذ السبعينات والثمانينات بحلف وشراكة طبقية ووشائج ومصالح اقتصادية قوية مع الحكومة، منذ أن دعمتهم الحكومة بالضد من القوى الوطنية وقدمت لهم الكثير من التسهيلات، حتى أصبحوا قوة اقتصادية وكونوا امبراطورية مالية ضخمة ولذا فليس من مصلحتهم قطع هذه الأواصر مع الحكومة، فهل يتخلون عن منابع كنوز مثل المناقصات المليونية وبيت التمويل ولجان الزكاة والهيئات الخيرية العالمية وغيرها؟
لم يكن وضع «الإخوان» في الربيع العربي على مسطرة واحدة، فرغم قوتهم في اليمن وهم أقوى من إخوان الكويت لم يكونوا قوة مقررة في الحراك الشعبي، بل نستطيع أن نؤكد أنهم في الكويت ليسوا قوة ضاربة، ولم يبادروا بفعالية شعبية مباشرة، فمجموعة «كرامة وطن» ليس فيها إخواني واحد، كما أن الاعتقالات الأخيرة التي طالت شباباً وطنيين ويساريين وأعضاء في قيادة «الجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الاصلاحات السياسية» وعناصر من الطائفة الشيعية لم يكن من بينهم إخواني واحد.
بل انهم يبدون تردداً في المبادرات والفعاليات الشعبية والسياسية، ويحرصون ألا يكونوا في الواجهة فهم على سبيل المثال رفضوا التوقيع على البيان الأخير للقوى السياسية، فهم ليسوا الأقوى ولا الأجرأ أو الأكثر حسماً للمواقف، ولكنهم بالتأكيد الأكثر قدرة على قطف الثمار.
وأريد أن أوضح هنا أن العالم العربي ليس معزولاً عن العالم وما يحدث به ليس استثنائياً أو خاصاً، فهناك مد ثوري تحرري يجتاح العالم منذ ما قبل الأزمة الرأسمالية العالمية عام 2008، فلنبتعد عن التحليلات المبتسرة والسطحية والمتسرعة فذلك يبعدنا عن فهم الواقع الملموس ويخلق لدينا أوهاماً.