كتاب سبر

ومضة
شباب الأزمة

وسط حال الاختناق السياسي الذي تمر به  البلد نحن أمام نموذج يثلج الصدر ،شباب كويتي مختلف النظرة واثق الفكرة تحرر من القوالب العرقية ولبوس العصبيات، يغض النظر عن إثارة الهويات الفرعية ويتعقل أمام تأجيج خطاب الكراهية وهو يناضل من أجل قضية واضحة الملامح بالنسبة له وهي الحفاظ على المكتسبات الدستورية بما يحقق مبادئ تكافؤ الفرص والعدل ويدفن الزيت قبل أن يسكب على النار لتفويت سعير العنف حتى على الخيار الأمني.
وسط تنامي الأحداث التي استعرت أخيرا ،يفاجئنا ابن وزير بالاعتذار من والده الحكومي لأنه سيقاطع الانتخابات وسيمضي بالمطالبة بكرامة وطن ، على الجانب الأخر يسترعي انتباهنا شاب يعتذر لوالده الذي رشح نفسه للتو من مخالفته بمقاطعة الانتخابات ، شاب من الأسرة الحاكمة يعلن تأييده للمقاطعة مثل أي مواطن من حقه أن يختار بحرية ، هذه النماذج المختلفة وغيرها أفرزتها الأزمة السياسية الأخيرة “مرسوم الضرورة ” وأفرزت ماهو أهم بكثير وهو إن زمن الطاعات السياسية للأب وشيخ القبيلة ولى ، وزمن الخوف من مطاعات السلطة انتهى، فالشباب يفرض نهجا جديدا من التعايش القبلي على درجة من الوعي بحيث أن المرجعية القبلية لم تعد تحدد مساراتهم السياسية لأنها باتت بالنسبة لهم ليس إلا إطار اجتماعي .
 الشباب اليوم مشتعل بالحماس لقيادة حركة الإصلاح بعد الإحباط الذي اعترى الجميع بسبب الفساد والنواب القبيضة والمال السياسي والملاحقات القضائية لمن يرون فيهم ضمائر تحارب الفساد،وملاحقة المغردين لقمع حرية الرأي والتعبير ومشاركتهم في صناعة القرار ،فعلت مفردات الهجاء والنقد التي يوجهها الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المقابل وهي دليل على رغبتهم  المحمومة بالاحتفاظ بحق الرد الفوري إزاء كل فعل وردة فعل حكومي،  فلماذا تتباكى السلطة وتطلب العفو عند المقدرة وتطالب بخفض سقف الحوار معها حتى لو سقط على الرؤوس وهشمها ولم تسأل نفسها عن تدني مستوى بياناتها وتعليقاتها وخطابها الرسمي والإعلامي الذي تحول إلى ما يشبه تراشق لفظي يستدعى التندر عليه من القنابل الذكية في تويتر وغيره .
مايحدث من الشباب تحولات مبصرة وليست عمياء كما يحلو للبعض أن يصفها وهم ليسوا إمعة لتقودهم الأغلبية وليسوا وقودا بيدها ليشعلوا نار الفتنة لكنه زمن الانهماك بالسياسة الذي كان عدوى سرعان ما انتقلت بينهم ورفعت وعي الاستحقاقات وأصابت الجميع بالوعي بالحقوق والتي تراها الحكومة مجرد جرثومة انتشرت وأفسدت عليها مزاجها ، الشباب الذي قاد الثورات في الربيع العربي قادر هنا في الكويت على محاربة صناعة الشلل التي حولته إلى عاطل عن العمل والحلم حيث لا ينال أبسط حقوق المواطنة إلا بالواسطة ، الواسطة التي تعطل القانون وتقفز فوقه بخفة وهو نهج حكومي كرسته الدولة على مدى سنوات طويلة من أجل شراء ولاءات نواب مجلس الأمة وضمان وصولهم لمقاعد التشريع الموافق لسياستها.
وبعيدا عن نواب الأغلبية والكتل المعارضة، كان على السلطة أن تلتفت لمطالب الشباب ، الذين رفضوا تحويل الدولة المدنية إلى نظام عشائري ، ولايبالون بمن يزرع الخوف الوهم في طريقهم من دخولها في إطار إسلامي،  ومن أجلهم كان عليها المضي نحو الانفراج وليس الانفجار وكان عليها أن لا تتشبث بجمرة العناد وتطبق عليها حتى اذا ما احترقت أصابعها طلبت من الشعب مداواتها بالقبول فتضج الأصوات لن نخضع ولن نستسلم، هؤلاء الشباب ليسوا ورما خبيثا في الجسد السياسي ظهر فجأة إنهم أوكسجين العافية من أجل أن نتنفس هواء نقيا فقد تلوثت أجواء الكويت بما يكفي لاختناقنا جميعا .
 @monaAlshammari
monaalshammari@live.com