آراؤهم

أعذرني لافروف فأنا لا أصدقكَ!!

كأن السيد لافروف وزير خارجية روسيا لم يسمع بقصة الذئب وليلى، وحتى لا يكون للافروف عذراً بعدم سماعه بهذه القصة أرويها له كما روتها لنا جدتنا.. القصة تقول: أنه في صباح أحد الأيام.. استيقظت ليلى من نومها مبكرة وهي متلهفة للذهاب إلى المدرسة.. إنه يومها المدرسي الأول وسوف يقام احتفال برفع العلم في ساحة المدرسة.
تناولت إفطارها على عجل ودست كتبها ودفاترها الجديدة في حقيبتها المدرسية وانطلقت الى خارج المنزل مسرعة.. ومن فرط لهفتها للوصول مبكرة ولقاء أصحابها وأحبابها قررت أن تسلك طريقاً مختصراً يتفرع من الطريق العام عبر الغابة.
وفي الطريق.. قفز أمامها أحد الذئاب قائلا لها بخبث: إلى أين أنت ذاهبة يا حلوه؟
قالت ليلى بكل براءة: إلى مدرستي.
قال الذئب: وأين هي مدرستك؟
أشارت ليلى بيدها قائلة: هناك.. في نهاية الشارع.. اسمحلي لقد تأخرت.
وانطلقت ليلى بخطواتها الصغيرة إلا أن الذئب سبقها إلى المدرسة ودخل إلى حجرة المديرة وبحركة سريعة واحدة التهمها ثم تنكر بملابسها وجلس محلها.
وصلت ليلى الى المدرسة فرحة وفكرت أنه لابد من إلقاء التحية على المديرة أولاً.. فهي طيبة كثيراً ولطالما ذكرتها بجدتها الحبيبة.
دخلت ليلى إلى حجرة المديرة ونظرت باستغراب إلى المديرة.
 قالت ليلى: ستي ستي..  لماذا أذناك كبيرتان جداً؟
قال الذئب “مقلداً صوت المديرة”: حتى أستطيع أن أسمع شكاوي جميع المظلومين وكل من يستغيثون بي يا حبيبتي ليلى.
قالت ليلى: ستي ستي.. ولماذا عيناك كبيرتان جداً؟
قال الذئب: حتى أستطيع أن أرى كيف يتم تطبيق الديمقراطية والحرية في كل مكان يا حبيبتي ليلى.
قالت ليلى: ستي ستي.. ولماذا فمك كبير جداً؟
قال الذئب: حتى أستطيع أن أتكلم عن حقوق الإنسان والإنسانية وأنادي بها بأعلى صوتي يا حبيبتي ليلى.
وعندها.. وعلى حين غفلة.. قفز الذئب من وراء المكتب وابتلع ليلى بلقمة واحدة.
لافروف كيف تريدنا أن نصدقك بدعواك أن روسيا هدفها حماية الشعب السوري ومساعدته في تحقيق أمانيه وتطلعاته، وليس التمسك بأي شخص في النظام ولو كان بشار الأسد نفسه، وهذا الذي تنفي تمسكك به يذبحنا من الوريد إلى الوريد منذ تسعة عشر شهراً، ويدمر بيوتنا وينتهك مقدساتنا ويدك مدننا وبلداتنا وقرانا بأسلحتكم الفتاكة “قنابل فراغية، وقنابل عنقودية، وبراميل متفجرة” التي تقدمونها له عبر جسور بحرية وبرية وجوية متواصلة بحجة أنها تنفيذاً لعقود أبرمها الاتحاد السوفيتي السابق وتنفذونها أنتم بعد تفككه، وتحمونه دولياً بإشهار حق النقض “الفيتو” كلما اقترب المجتمع الدولي من إصدار قرار باهت بإدانة النظام على جرائمه لثلاث مرات، وهي سابقة لم يستخدمها الاتحاد السوفيتي السابق خدمة لكل حلفائه في العالم، وكان في حينها دولة قوية تنافس أمريكا على زعامة العالم، بينما أنتم دولة من الصف الثاني إن لم تكن من الصف الثالث.. والأخيرة أخلاقياً وإنسانياً، وتدعمونه إعلامياً عبر فضائياتكم وصحفكم فتسوّقون ما يلفقه إعلامه الرخيص من كذب ودجل وأباطيل ومفتريات، حتى ليخيل للمتابع لبرامجكم السياسية التي تكاد تقتصر على القضية السورية، أن سورية المحكومة من الأسد هي محمية من محميات بلدكم التي تستعمرونها منذ عهود وقرون ظلماً وعدوانا واحتلالاً غاشماً، وتطبقون فيها عن طريق عميلكم بشار ما قمتم به في الشيشان والأنغوش وغيرها من جرائم ستظل وصمة عار يحمّلها نظامكم لشعب روسيا المقهور كحال شعبنا لسنين طويلة.
لافروف.. لقد قلت بالأمس أنت ورفيقك وزير دفاع روسيا اناتولي سيرديوكوف، الذي أقاله اليوم الثلاثاء 6 تشرين الثاني بوتين لأسباب تتعلق بالفساد المالي، أن بشار الأسد باق ولن يترك الحكم، والآن تناقض ذلك بقولك أن روسيا ليست متمسكة ببشار الأسد، ومن جهة أخرى تطالب المجتمع الدولي بالضغط على المعارضة لتقبل الجلوس على طاولة المفاوضات التي ستكون برعاية بشار الأسد، ثم تقول أنك تدعم مبادرة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، وتعتبر أن من أخطاء مؤتمر جنيف أنه لم يدعو إيران والسعودية لحضوره.. وكل الذي قلته في مؤتمرك الصحفي في القاهرة يشير إلى تخبط وعدم تركيز وفقدان توازن وارتباك، يعيدنا إلى ليلى عندما كانت تسأل الذئب الذي تقمص شخصية مديرة المدرسة: لماذا أذناك كبيرتان جداً؟.. ولماذا عيناك كبيرتان جداً؟ ولماذا فمك كبير جداً؟ وأعتقد أنك تحفظ الإجابة على تساؤلات ليلى عن ظهر قلب!!
لافروف.. أنتم تسيرون في الطريق الخطأ وتراهنون على “البغل” الخطأ فلم يسجل التاريخ منذ الأزل هزيمة شعب يثور كي ينتزع حريته، ولعل الثورة الفرنسية وثورة أجدادكم البلاشفة وثورة ماو في الصين – حليفكم في الفيتو – وعشرات الثورات الشعبية التي نقلها لنا التاريخ عبر مسيرة الحضارة الإنسانية يؤكد إلى ما ذهبنا إليه، من أن الشعوب ستنتصر في النهاية مهما امتلك الطغاة من أدوات القمع والقتل والتدمير، وما جيشوا من حلفاء وعملاء وشبيحة ومأجورين، فدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة!!