آراؤهم

كويتيات فوق الشموخ يَعْلُونَ

دار العروبة ننهل اليوم ودوما من عطائكِ … ونكتحل فخرا بما وصل إليه صيتكِ، وأنت البيت الذي سكناه فسكن فينا … وأنت التي غرستِ في أفئدتنا حبة من نواك.
أيا كويت يا رمز الشموخ دوما، وبشموخك نزداد عزة وكبرياء ..أيا دار السلام وغيري كثير يعرفك … يا من زرعت فينا حب العروبة وحب الاوطان … وبين حروف الضاد سطرت لحمة الأخوة والتعاضد.
نعم أنا شاهد والطفولة وبجانبي تشهد ..فمنذ ربع قرن وفي منتصف ساحة مدرسة أم المنذر الابتدائية كان ذلك الصندوق المربع المثقوب من الأعلى يوضع فوق طاولة خشبية تلفه صور أطفال ببشرة سوداء داكنة تجرد اللحم من أجسادهم ولم يبق إلا عظم متيبس قابل للكسر.
قبل ان يقرع جرس الدخول الى الصفوف نسمع ذلك الصوت الذي تعودت مسامعنا عليه كل صباح وهي “أبله شريفة …أيتها الطالبات حان الان موعد التبرع لمساعدة البلاد المنكوبة … اخوانكم في أفريقيا يتعرضون لجفاف وقحط ومجاعة، وعلينا مساعدتهم.
تسبقنا فرحتنا قبل أجسادنا نحو الصندوق وكل واحدة منا تخرج مصروفها اليومي مغلفا  بشعور جميل  يعطره شذا براءة الطفولة.
 ثم يليه صندوق آخر لدعم أطفال الحجارة الذي نضع فيه التبرعات ونحن نغني مواويل الحنونة والميجنا وأناشيد الفداء التي تذكرنا بافتقاد الوطن  وظلم المعتدي الصهيوني “:
أيا ريح الصبــا
   خذيني لبيت المقدسِ
       وخبريني عن الاحباب
                   بيافا وحيفا ونابلسِ
واليوم يعود المشهد من جديد وترسل الكويت إلى الأردن أمهات تعلو قامتهن لنصرة الضعيف ومساعدة المكلوم…سيدتان فاضلتان وهما: الدكتورة شريفة الخميس والأستاذة كوثر النشمي …وانتن بنات النشامة والأصالة يا كويتيات.
يؤازن أخواتهن السوريات اللواتي التففن حولهما كما تلتف الاسوارة حول المعصم، وقدمتا مساعدات متعددة، اذ فرشن بيوت الجرحى والمنكوبين كما يفرش العشب على الارض ومسحتا بأيديهما على الايتام والمحتاجين مسحة الحب والحنان والاخوة، وقبل ان يحين موعد العودة زارتا عددا من الاسر الأردنية التي وصل العجز بها تحت خط الفقر بدرجات ودرجات، وتفقدتا احوالها وقدمتا لها ما تمكنتا من مستلزمات الحياة الكريمة وبعض الأغطية لتقيه افراد تلك الاسر برودة الشتاء وقسوته.
وهمست احداهن في أذني وقالت: مُديني بأسماء العائلات وما تحتاجه من دعم ومساعدة، وأيتام لرعايتهم وكفالتهم، وطلاب علم خذلتهم الدنيا لتمكينهم من مواصلة دراستهم… وهذا أقلّ ما يمكن ان نقدمه، وحين نعود للكويت سنجمع التبرعات وسنبقى على تواصل باذن الله.
ودَّعتهما والمشهد بقي حاضرا…ثم تناولت القلم والقرطاس لأخط به ما رأته عيناي، وما سجله التاريخ الذي يفتح لك صفحات المجد والعزة…فكيف بربكم لا نستجدي الذاكرة لتلتحم مع الحاضر اليوم ؟