عربي وعالمي

أضرم النار في جسده فأحرق العرش الديكتاتوري
“التوانسة”.. يحتفلون بالذكرى الثانية لرحيل مشعل ثورتهم

تمر اليوم الذكرى الثانية لوفاة مشعل شرارة الربيع العربي.. ذلك هو التونسي محمد البوعزيزي، الذي أضرم النار في جسده في محافظة سيدي بوزيد احتجاجاً على وضعه المعيشي وانتشار البطالة بين أبناء جيله، لتندلع بعد ذلك ثورة الياسيمن التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي وأجبرته على مغادرة البلاد، وكان ذلك دافعاً لامتداد الثورة إلى بلدان مجاورة بدأت بمصر ثم ليبيا ثم اليمن ومازالت مستمرة في سوريا. 
ويحتفل التونسيون اليوم بهذه الذكرى عرفاناً منهم بالتضحية الكبيرة التي قدمها البوعزيزي، وخلصت الشعب من حكم شمولي جثم على صدورهم قرابة ربع قرن.
وكانت الشرطة التونسية قد صادرت عربة خضار البوعزيزي في مثل هذا اليوم, كما قامت شرطية بصفعه على وجهه عندما حاول التظلم أمام مبنى الولاية، مما جعله يحرق نفسه.
وزارت الجزيرة بيت عائلة “الشهيد” في سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، حيث عبرت المنوبية البوعزيزي والدة محمد البوعزيزي عن شعورها بالاعتزاز في هذا اليوم، وقالت “أنا مفتخرة جدا بالشهيد البوعزيزي وبجميع الشهداء الذين أترحم عليهم”.
وبعد التحولات السياسية -التي شهدتها تونس، ومنها تنظيم انتخابات للمجلس التأسيسي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي تصدر نتائجها حزب حركة النهضة الإسلامي، وما أعقب ذلك من انتخاب رئيس للمجلس المذكور، وبعده رئيس للجمهورية الذي عين رئيس الحكومة- تنظر المنوبية بتفاؤل للمستقبل السياسي لبلادها وللمنطقة العربية ككل، “أتمنى أن يكون الحكام (الجدد) فعلا أبناء وطنهم، وأن يحسوا بشعوبهم”.
 
البطالة والتهميش
غياب مثل هذا الإحساس ولسنوات طويلة هو الذي وفر الأرضية لتزايد الاحتقان الشعبي ضد نظام بن علي، إذ سرعان ما انتشرت الاحتجاجات بعد 17 ديسمبر/كانون الأول2010 في بقية مناطق الجنوب.
ورغم القمع الأمني فإن الثورة استمرت، ولم يشفع لبن علي ثلاثة خطابات وجهها للشعب الذي أنهى في 14 يناير/كانون الثاني 2011 حكما استمر أكثر من 23 عاما.
وفي تشخصيه لتلك المرحلة، قال الباحث الاجتماعي خليل رابح “إن حادثة البوعزيزي كانت القطرة التي أفاضت الكأس نتيجة تراكمات عديدة أبرزها سياسة الدولة التي همشت منذ الاستقلال المناطق الداخلية، بالإضافة إلى استفحال ظاهرة البطالة”.
 
ثورات عربية
وإذا كان مُشعل الثورة قد فارق الحياة بعد إحراق نفسه بنحو عشرين يوما، فإن ذلك الحادث حوله إلى أيقونة لثورات الشعوب العربية التي انتفضت ضد حكامها في عدد من الدول العربية وأسقطت لحد الآن -بالإضافة إلى زين العابدين بن علي- نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ونظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه الثورة قائمة في كل من سوريا واليمن، تشهد دول عربية أخرى احتجاجات تطالب بالإصلاح السياسي، كما هو الحال في البحرين.
وأدى زلزال ربيع الثورات العربية إلى تغير جوهري في بنية العلاقة بين الحاكم والمحكوم، حيث بدأت الأنظمة في المنطقة تنشد ود ورضا شعوبها، وأصبحت أكثر إنصاتا لها.
كما غير هذا الربيع العربي المعادلات الإقليمية بعد أن أسقِطت أنظمة اتهمت بالعمالة للغرب، وأعاد رسم الخريطة السياسية من جديد، وإن كانت لا تزال في طور التشكل.