بوح صريح / التسلح بالعقل لا السكين
عالية شعيب
بعد جريمة «الأفنيوز» بقليل تداول البعض صورا للقطات من افلام وغيرها لأشخاص يمسكون بسكاكين وكتب عليها: أنا ذاهب للأفنيوز. ورغم الحس الفكاهي الدرامي للصور الا أنها تعكس حال الوضع حاليا حيث أصبح من الضروري أن تحمل سكينا لتحمي نفسك وهذا خطأ طبعا.
لانريد ان نكرر ماكتب وقيل من اجتهادات تحليلية نفسية واجتماعية للحدث، فلا الأسرة ولا المجتمع الملومان فقط هنا بل الفرد، الفرد العاقل وحده المسؤول، حين استبدل عقله بسكين. حين غاب المنطق وحكمة التعقل ورقي الأخلاق وحل محلها شريعة الغاب والسمة الانفعالية الحيوانية والغرور، وقانون أن آخذ حقي بيدي بسكين، وأنتهي من الأمر بيدي لا بعقلي.
وقد تذكرت بعض الجهلاء الذين يقولون اخذ حقي ممن يضايقني ويؤذيني فورا وفي الشارع بدل الذهاب للشرطة وعبر قنوات المرور والقانون الطبيعية. الأنانية حين تزيد على حدها تتحول لأنا متضخمة تعطي نفسها حق القيادة والقرار والحكم والتنفيذ فورا وفي لحظة واحدة أثناء الموقف. حينها يكون الانفعال سيد الموقف، الغضب مثلا. لذلك نجد أن الحكمة تقول ان تعد للعشرة مثلا او تبتعد قليلا حتى تهدأ فورة الانفعال ويبدأ العقل بالتحدث، حينها تتروى وترى الموقف بهدوء ووضوح دون ضبابية الانفعال. وبعد الجريمة الشنعاء في الأفنيوز تبعتها جريمة أخرى في احدى محطات البنزين ايضا استخدم فيها السكين وكان سيدها الغضب ومحركها الغرور والأنانية، وفي كلتا الجريمتين نرى في الصور والفيديو المتداول الحشود تتفرج وتصور الحدث وقلما يتدخل أحد او يحاول جديا انهاء الأمر سلميا.
والفضول ظاهرة طبيعية لدى الناس، وهي الرغبة في معرفة ما يحدث من دون التورط بالمساعدة او فك التشابك او انهاء الخلاف. وقد شاهدت منذ أيام في احدى الجمعيات التعاونية شجارا عنيفا لبعض النسوة تطور للتلاسن والتشابك بالأيدي، وبعدها في المارينا ايضا ولكن من دون استخدام السكاكين.
وكلما أردنا التدخل سواء أنا او غيري تمنعنا كثافة الحشود أو الأمن بحجة انتظار المسؤول حتى يصل!!!، ولابد من الاشارة للحالة الانفعالية السائدة سواء في أحداث سابقة كاقتحام المجلس او التشابك المخزي بين بعض النواب او مع رجال الأمن في المظاهرات والمسيرات. هذا مانراه ونسمعه في الاعلام، وهذا هو المتاح كسلوك وقدوة للشباب خاصة الذين صاروا للأسف يعتبرون العنف أمرا عاديا وسلوكا متداولا يحتذى به.
وقاموا بتقليده. اضافة لاعتماد البعض على شماعة العائلة والقبيلة والحظوة للتخلص من أفعاله المشينة. وحتى بعد مرور فترة على هاتين الجريمتين لم يصدر تصريح أو بيان يهدئ الوضع اجتماعيا وقانونيا ويضع النقاط على الحروف.
لا نملك إلا أن ندعو بالرحمة والمغفرة لمن ذهبوا ضحايا تلك الجرائم الشنيعة، وندعو لموقف واضح رسمي حاسم من المسؤولين في الداخلية لردع كل من تسول له نفسه لأخذ العنف سلوكا لحل الخلافات، ونقول العقل بدل السكين، والتحلي بالخلق الكريم بدل العنف والحيوانية.
أضف تعليق