فيض المشاعر
حي على الانبطاح..!
مبارك صنيدح
هناك من يولد وخصلة الانبطاح السياسي تجري في عروقه وظهره مصاب بحكة لا يداويها الا خيزران السلطة.. وهناك من يولد على الفطرة السليمة فأبواه يبطحانه ويمرغان أنفه في وحل العبودية ويعلمانه اصول الفداوية ولغة عيون السادة فيتحرك ويقف ويجلس وينبطح بنظرة العين فقط ويعبد ما يعبدون وتحول الى مسخ لا هوية له ولا رأي يقتات على الفتات وعصا بيد السلطة.
وهناك من يتعلم فنون الانبطاح السياسي على يد بعض مشايخ (الجامية) الذين لديهم حساسية مفرطة من كلمة حق امام سلطان جائر ويتقنعون بجلبابهم ويضعون أصابعهم في آذانهم من سماع دوي صرخات (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا).. ويغلقون عليهم أبوابهم ويتدثرون بلحافهم وجلا من مسيرات الكرامة وصوتها الهادر ويهمهمون بهمس خفي.. سمعا وطاعة.
وللسلطة بشكل عام دور اساسي في صناعة الانبطاح السياسي بأدواتها بإغراء المال أو المنصب وسقط في حبائلها وفخاخها الكثير ممن يشار اليهم بالبنان ومن تناخ على ابوابهم ركاب الجماهير المؤيدة.. ثم يقلب لهم ظهر المجن ويتنكر لمن صعد على أكتافهم ويغرد في سرب السلطة ويذوب في دباديبها وينغمس في عسلها ويسبح بحمدها.
وهناك من يعتبر الانبطاح وسيلة للاثراء السريع فيمسح الجوخ ويربط وسطه ويرقص على وتر السلطة وتصبح امكانية الانبطاح أكثر مرونة وفقا للمغريات.
والاحباط واليأس من اصلاح المسار السياسي يساهم في صناعة الانبطاح السياسي واطلاق شعارات (اليد اللي ما تقوى عليها صافحها).. (وان طاعك الزمان والا طيعه).. مصطلحات الخنوع والترويض تدفع صاحبها الى تقديم مبررات الانبطاح وتجعله يرضى بالواقع المر والتعايش معه بسلبية ويغفل عن الكرامة والتمتع بالحرية.
واليوم مع مجلس الصوت الواحد هناك من ينادي بحي على الانبطاح ولاتصرعكم الاحلام العقيمة ولا تستأسد هواجسكم باسقاط مجلس الصوت الواحد فدونه (خرط القتاد).. ويعمى بصره وبصيرته عن آفاف فجر جديد يبزغ خلف آكام السحب السود تجرها حبال مسيرات الكرامة من خلفها على صهوة حصان جامح وصهيل زفرات قهر لاذع لتسطع شمس الحياة السياسية بدستورها من جديد.
أضف تعليق