أقلامهم

أنوار الجويسري: الشباب قوة في الحراك لكنهم ليسوا القوة الوحيدة، فما زال للمثقفين والأدباء دورهم.

فواصل فكرية / تطلعات الحراك!
انوار مرزوق الجويسري
العودة للكتابة في السياسة لا أعدّها عودةً حميدةً، لكنّ الحاجة الملحة تدفعني للكتابة، والرسالة التي نحملها تدعونا لحمل هموم المجتمع، فمتى ما كانت كتاباتنا تُناقش هماً مجتمعياً ستكون أقرب للقارئ وأصدق في التأثير وأسرع في الوصول، لذلك كان الاعتقاد أنك إن تُغرّد خارج السرب يعني أنك لا تُساهم في إثراء المجتمع برأيك حال غرقه بالقضايا المهمة، لكن ذلك لا يمنع التغريد خارج السرب من حين لآخر كنوع من التنفيس و التغيير و الاستجمام القرائي. 
إن الأحداث التي شهدناها في المسيرة الأخيرة وعدد من المسيرات المتفرّقة التي تلتها وسبقتها تُعد مؤشرات غير مسبوقة في تراجع الحراك الشبابي وتراجع مستوى الوعي الأمني، فما شهدناه من إلقاء التهم والسجن والملاحقات والمراقبات تنم عن ظهور عقلية جديدة من أصحاب القرار وتسفر عن غضب شعبي بحاجة للتنفيس لا محالة.
المسيرات أداةٌ من أدوات التغيير قد تؤثّر في وقتٍ ولا تؤثّر بآخر، و قد استُهلِكت هذه الأداة على مرّ العامين الماضيين استهلاكاً جعل منها أداةً تضر ولا تنفع، فحاجتنا المجتمعية تكمن في تغيير الأداة من حينٍ لآخر ليكون الحراك المجتمعي على مستوى عال من الوعي يُسهم بالتغيير وبارتقاء الجانب الأمني، قد نستخدم أداةً تتطلب وقتاً أطول للإصلاح، ولا بأس بذلك ما دامت لا تجلب السوء للشباب ولأطراف الحراك.
إن السجن في سبيل الحق شرف وكرامة، لكننا كشعب يعمل بيدٍ واحدة بحاجة ماسة للشباب المخلص خارج أسوار السجون ليبنوا الوطن و يُعيدوا له تنميته، ذلك لأن الشباب قوة في الحراك لكنهم ليسوا القوة الوحيدة، فما زال للمثقفين والأدباء دورهم، وللشيوخ والحكماء أدوار، وللنساء وربات البيوت أدوار أكبر وأكثر، فاعتمادنا الكلي على الشباب وحراكه جانب قصورٍ في الحراك المجتمعي العام، وعلى كلٍ فرد أن يسهم في التطوير والتغيير ابتداء من دوره في البيت وانتهاء بدوره المجتمعي مروراً بدوره في وظيفته وعلاقاته وأعماله التطوعية إن وُجدت.