رياضة

“غوارديولا” بين مجد (برشلونة) وتحدِّي (بايرن)

رافق تعيين المدرّب الإسباني جوسيب غوارديولا مدرّباً لبايرن ميونخ ابتداءً من الموسم المقبل عاصفة إعلامية لم تقتصر على الصحافتين الإسبانية والألمانية، بل تعدت ذلك لتصل إلى كل من يهتم بكرة القدم في أنحاء المعمورة، وكثيرون دخلوا في رسم المرحلة المقبلة للطرفين المتعاقدين، بايرن وغوارديولا، الأول في طريقة لعبه التي سيعتمدها مع بداية الموسم والثاني حول تحدي إثبات الذات خارج ناديه الأم.
غير أنه من المُبكر التنبؤ عن الكيفية التي سيقود فيها بيب فريقه الجديد، وما إذا كان سيتّخذ من فلسفته المعهودة بالضغط العالي وافتكاك الكرة بأي ثمن والتمرير القصير والسريع.. أسلوباً للعب في ألمانيا أم لا.
الأفكار التكتيكية السابقة جزء صغير مما تشرّبه المدرّب الشاب من أسلافه في المدرسة الكتالونية مطلع الألفية الجديدة.. وهو ما برع بشكل مذهل في تطبيقه على لاعبين، منهم من زامله في الملعب كتشافي وبويول.
ومع حصد اللقب تلو الآخر ورفع الكؤوس المحلّية والأوروبية مقرونةً بأداء جعل خبراء اللعبة يصنّفون برشلونة من المحدّثين في لعبة كرة القدم… بدا أن بيب لا يمكن تخيّله خارج أسوار ناديه، ثم تطوّر ذلك إلى شكّ حتى من عشاق الـ”بلوغرانا” في قدرات المدرّب خارج هذه الظروف التي تلاقت لترفعه إلى أعلى قمم المجد.
ثورة الشكّ تلك، وتطوّر أداء الغريم ريال مدريد وانتزاعه لقب الدوري الغالي الموسم الماضي وأسباب أخرى لخصها هو نفسه بالقول ” لقد استنزفت وأنا بحاجة إلى الطاقة” اجتمعت لتدفعه إلى  قرار الاستقالة دون رجعة، ودائماً بشكل عاطفي كما هي الأحداث الكبرى في النادي الـ”كتالوني”.
وحتى اللحظة لا يزال كثيرون غير مصدّقين أن مدرّباً لديه كلّ هذه العوامل والعناصر والأغلبية المؤيّدة من الجماهير يستطيع التخلّي، خصوصاً أنه كان مرشّحاً للسير على خطى فيرغسون في مانشستر..  وتطبيق ذلك في برشلونة لقيادته إلى أمد طويل يُعمّر فيه لأكثر من 20 عاماً على أقل تقدير بحسب ما كرر العديد من مسؤولي النادي الكتالوني في أكثر من مناسبة آخرها -قبل الرحيل- عبر رئيس النادي ساندرو روسيل عندما عرض عليه سلطة قرار على الفريق أوسع وأكبر من السابق وشيكاً مفتوحاً لإقناعه بالبقاء، ولكن بيب كان مصرّاً على التنحّي والسبب المُعلن.. هو الاستراحة وليس سواها.
ولأنه يصعب على مَن تذوّق كلّ هذه الأمجاد أن يهجر الكرة لفترة طويلة، جاءت استراحة المدرّب المُقيم في نيويورك قصيرة لم تتجاوز الأشهر، ليعلن بعدها رغبته في العودة إلى دكّة البدلاء.. كقائد لفريق عظيم.
ومنذ ذلك الإعلان، دارت رحى الماكينات الإعلامية التي ما فتئت تتنبأ بوجهة المدرّب الخجول.. وقد انحصرت في الآونة الأخيرة بقطبي مدينة مانشستر الإنكليزية وتشلسي وميلان.
 
ولكن من حيث لا يدري أحد كان العملاق البافاري يحيك خطته بصمتٍ وتأنٍّ ليحصل على توقيع المدرّب الذي كانت سيرته التدريبية قبل سنوات حتى الأندية الهاوية، بحسب غوارديولا نفسه حين قال: “عندما بدأت مسيرتي في فريقي، 86 أو 87 في المئة من الأندية كانت لا تريد الاستعانة بخدماتي”.
وجاء خبر تعيين بيب خليفة ليوب هاينكس كصاعقة أسالت الكثير من المداد على صفحات الجرائد.. تمحور أغلبها على توقّع الكيفية التي سيلعب بها بيب في أوّل تجربة له خارج بيته.
وخرجت مئات العناوين لتتحدّث عن الفارق بين برشلونة وبايرن وأسلوب اللعب في كلا الدوريين، وعن العناصر الموجودة على أرضية ملعب الـ”أليانز آرينا” ومدى توافقها مع فكر المدرّب الـ”كتالوني”.
ولكن لا يبدو الحديث في الموضوع منطقياً قبل ستة أشهر من نزول بيب للملاعب التدريبية الخاصة بالنادي، لأنه ليس بالضرورة أن يطبّق غوارديولا نهجه الذي عُرف به في نادٍ جديد يملك فكراً مختلفاً وأرضية خاصة به.
ولا أحد يعرف الذهنية التي سيقود فيها المدرب فريقه الجديد دون أن ننسى دراسة إمكانيات المنافسين الجدد في الـ”بوندسليغا”.
ولكن الأكيد أن نادياً يخطّط له كارل هاينز رومينيغه وأولي هونيس يرنو إلى البطولات دائماً…لعل أولاها أمجد الكؤوس وأغلاها، والتي تمثل تحدياً كبيراً للمدرب القادم من إسبانيا.