اختيار الوليد بن طلال

بقلم.. عبدالعزيز محمد العنجري

بدا لي اللقاء التلفزيوني لصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال كرسالة طاعة وتبجيل موجهة لجلالة الملك عبدالله حفظه الله فحواها “أنا عصاك اللي ما تعصاك وحطني على يمناك طويل العمر”.. فقد بدا واضحًا أن الأمير الوليد يسعى للتقرّب أكثر من جلالة الملك عبدالله حفظه الله والحصول على إعجابه ورضاه عبر تسويقه لنجاحاته الشخصية وإنجازاته العملية، بالإضافة لتبيان معرفته الكاملة بما تعانيه المملكة والمواطن السعودي من مشكلات يمتلك هو بحسب ما جاء باللقاء حلولًا لها.. فقد أشار الوليد بن طلال “عموديًا” لمعاناة كل من الحكام ثم القياديين ثم التجار والمستثمرين ثم المواطنين ثم المعدومين فالمحرومين.. كما أنه لم يغفل أن يشيد “أفقيًا” بكل دول الخليج العربي عبر ذكره لأمثلة نجاح حقيقية تعتبر مبعث فخر لهذه الدول الخليجية و”حكامها”.. باختصار، لقد كان اللقاء “دعاية” مدتها ساعتان لمنتج يعد بعلاج مختلف الأمراض والأوجاع السياسية اسمه “الوليد بن طلال”.

أنا لا أعتب على سمو الأمير الوليد بن طلال قيامه بهذا “الشو الإعلامي” بل على العكس أشيد بقدرته المميزة على ملامسة ما يريد الناس سماعه من ابن أسرة حاكمة، فنحن بالخليج عمومًا وفي الكويت تحديدًا نفتقر لوجود قياديين بين شيوخ الصف الثاني يمتلكون فن الحديث ومخاطبة العامة ويتمتعون بالوقت نفسه بمهارات الإدارة “الفعلية” لأعمالهم.. لذا فإنني لا أبالي بما إذا كان سمو الأمير الوليد بن طلال قد تحدث بسلاسة وبارتجال عفوي دون معرفة مسبقة بالأسئلة التي ستوجّه له من باب إطلاعه الواسع وثقافته العالية، أو ما إذا كان قد ظهر بلقاء مسجّل تم “تشذيبه” بتخطيط وعناية مدروستيّن.. لأن محصلة لقائه مهما كان هو “إنجاز لا يستهان به ” تعكس شخصية تريد أن تترك انطباعًا إيجابيًا وعقلًا “يفهم جيدًا” كيف السبيل لوصال الشعب.

يعلم سمو الأمير الوليد بن طلال كما نعلم نحن، أن المواطن الخليجي مهما أبدع بإنجازاته ومهما حقق من نجاحات فإنه لن يصل للحكم في زماننا هذا، لذا فإن القيادة السياسية لا تستفيد كثيرًا من مواطنيها إلا بحدود ضيقة أقصاها تعيينهم وزراء أو مستشارين خاصين، وكلا هذيّن المنصبيّن له حدود وبه تحديات تمنع الانطلاق الحقيقي نحو النجاح، ما لم يوجد رئيس وزراء أو ولي عهد أو حاكم قادر على فهم أنماط الشخصيات ويمتلك الخبرة الحقيقية في الإدارة وله قدرة على المواجهة وإبراز رأيه بالمنطق والحجة لا بالعناد والشتم.. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن جلالة الملك عبدالله حفظه الله قد نجح في انتقاء من يوكّل لهم مهام إدارة الدولة لتنفيذ رؤاه التنموية وتحويلها لواقع تنصب فائدته على المواطن السعودي، وهذا الذكاء جعل المملكة العربية السعودية تقفز أكثر وأسرع نحو آفاق جديدة من النجاح خلال فترة قياسية، فهل سيجد جلالة الملك في سمو الأمير الوليد بن طلال ما يعينه على تحقيق مزيد من النجاحات للمملكة والشعب السعودي؟

يعلم سمو الأمير الوليد بن طلال أنه ضمن أمراء الصف الثاني وأن المقارنة ستتم بينه وبين غيره من الأمراء للحصول على أحد الكراسي التي لا يمكن أن يجلس عليها سوى أمير، فأي من هذه الكراسي سيخصص للوليد بن طلال؟ والله الحافظ والمستعان