كتاب سبر

نظرات في خطة الائتلاف (3)

نظرات في خطة الائتلاف (3)
بقلم: حسن الأنصاري
إنّي مقتنع أنّ مجلس الأمة بات الملعب الذي تسيّطر فيه السلطة على الشعب وتُحكِم قبضتها عليه، بسبب الدستور الضعيف الذي يعطي مفاتيح القوة للسلطة، وبسبب وضع مجلس الأمّة الخاطئ الناتج عن نظام انتخابي فاشل تم تصميمه على منع وصول أغلبية ببرنامج موحّد تستطيع العمل به، زد على ذلك حق الوزراء المعينين في التصويت! وغيرها من الأمور سأتطرّق لها.
باستقراءٍ سريع للتاريخ السياسي البرلماني في الكويت طوال 50 سنة بإمكانك مشاهدة الخلل الذي يقع والمشاكل المفتعلة المكررة، طوال هذه الحقبة يصارع الشعب الكويتي بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على حقوقه الهامشية في هذا الدستور الضعيف! هذه الدوّامة التي نعيشها أشعلت الشارع الكويتي عام 2011 ونزل للشارع عندما طفح به الكيل من اختطاف مجلسه الضعيف، مجلس القبّيضة والتحويلات، عرفنا موطن الخلل وهو مجلس الأمة، حققنا أهدافًا وشكّلنا ضغطًا وأثرنا حرجًا دوليا وأبهرنا العالم بالنضال السلمي الذي قدمناه في نزولنا للشارع، ففي نزولنا أظهرنا قوة الشعب الحقيقية التي تخشاها السلطة.
لذلك ما يحيرني فعلاً كيف يخطط ائتلاف المعارضة للعودة لمجلس الأمة؟ هل فعلا يتصور أنهم سيحققون تلك القوة داخل لعبة لا تمنحك قوّة فعلية تمرر فيها مشاريعك؟ ألم يصل الوعي السياسي بنا إلى الاقتناع أنّ السلطة تريد عودتنا للمجلس بأي ثمن ونترك الشارع؟ ألسنا مقتنعين أننا بديمقراطية عرجاء؟ هنا تكمن مشكلة عويصة في خطة الائتلاف لأنها معتمدة اعتمادًا كليا على احداث التغيير فقط من خلال العودة الانتخابات، التي من خلالها يتم تشكيل ضغطٍ قانونيّ على السلطة يلزمها بقبول الإصلاحات التي تطرحها، فالإنتخابات هي طريق الإصلاح ووسيلة الضغط معًا، فإذا كان الطريق والوسيلة في أساسهما عيوبا ومشاكل فكيف تعتمد عليهما؟ لماذا يصوّر الائتلاف أنّ الضغط لا يمكن تشكيله إلا من خلال مجلس الأمة؟ إذا كان كذلك فلمَ نزلنا جميعًا في مسيرة كرامة وطن منددين بالمرسوم ومطالبين بالحكومة المنتخبة؟ هل كنّا مخطئين؟ ألم تكن المقاطعة خيارًا فاعلاً لنزع الشرعية من الواقع السياسي المرير الذي نعيشه؟ هل نتخلى عن هذه الأسلحة التي أتعبت السلطة حتى نعود لملعبها ونضفي الشرعية على واقع نرفضه؟ بل لماذا لم نقبل اذاً خوض انتخابات الصوت الواحد لنرفض المرسوم في البيئة “القانونية الصحيحة”؟ هي دائرة لا يمكن للمعارضة أن تخرج منها: فهم يريدون تعديل واقع خاطئ واقرار مستقبل جميل بالحكومة المنتخبة عن طريق نفس الواقع الخاطئ الذين يريدون تعديله، لكنهم يرفضون تعديل واقع خاطئ وهو مرسوم الصوت الواحد واقرار القديم عن طريق نفس الواقع!! إني متعجب فعلا من ازدواجية المعايير هذه.
وكذلك تعتمد خطة ائتلاف المعارضة على حكم الدستورية برفض المرسوم من عدمه، ماذا لو حصّنت المرسوم؟ ما العمل؟ هل يقف مشروع الحكومة المنتخبة؟ بل ماذا لو حصنت المرسوم لكنها أبطلت المجلس وقامت انتخابات جديدة على قانون الصوت الواحد؟ هل تغلق أمامنا وسائل الضغط والإصلاح لأننا نرفض خوض انتخابات الصوت الواحد؟ ما موقف المعارضة حينئذ؟ هل ستخوض الإنتخابات لأنها لا ترى طريقًا غيره للإصلاح والضغط؟ هذه أسئلة لم نجد لها اجابة عند المعارضة.
نظامنا الانتخابي السابق -4 أصوات بـ5 دوائر- يحتاج وقفةً تُعرّي سوءاته كي نزيد الوعي بخطأ اتخاذه وسيلة ضغط على السلطة تحقق فيها مشروعك الإصلاحي، وسيخضع لمِشْرط قلمي في المقال القادم.
تويتر: @ABO_AFNAN