أقلامهم

ذعار الرشيدي: بهذا القانون لم تقتلوا حرية تدفق المعلومات كما تقتضي أصول الصحافة الحرة، بل قمتم بتحريم الرأي.

قانون «الإعدام» الموحد
بقلم ذعار الرشيدي
مقالتي يوم الاثنين الماضي جاءت بعنوان «التانغو الأخير في الكويت» وفيها تناولت قانون الإعلام الموحد، وذكرت حرفيا أنه سيكون قانونا «رقابيا» وليس «تنظيميا»، وحذرت من أنه سيكون مجرد وسيلة حكومية فاشلة للسيطرة على تدفق المعلومات، بعد مقالتي بيوم صدر«قانون الإعلام الموحد»، والذي جاء في مجمل مواده وغراماته وعقوباته مطابقا لما قلت من أنه سيكون قانون «رقابيا» بشكل «قانوني»، ومع قراءة مواده أجد أنه يستحق وبجدارة أن يتم تغيير اسمه إلى «قانون الإعدام الموحد».
> > >
صحافيا أتحدث، ومن واقع تجربة، بل ومن أساس منطقي أتناول هذا القانون ومواده وغراماته التي تصل إلى المليون دولار، القانون عبارة عن مقاصل علقت لضرب كل ما يتعلق بالحريات، ولا أتحدث هنا فقط عن حرية تداول المعلومات التي تريد الحكومة أن تكون «حنفية» تدفقها بيدها، بل إن القانون يحرم ويجرم حرية الرأي، بحيث يحمي الأشخاص من النقد ومنهم شخصيات عامة مثل «مرشحي مجلس الأمة» و« الموظفين العامين».
> > >
حرية تدفق المعلومات ووصلوها إلى الناس هي أصل فكرة الصحافة الحرة، بل هي أصل تطور أي بلد في العالم، بل إنها أصل الديموقراطية التي تتحدثون عنها، وفي المادة 84 من القانون وتحديدا في البندين (7 و9)، ضرب مباشر لحرية تدفق المعلومات، فالبند 7 يحظر «إفشاء الأنباء عن الاتصالات السرية الرسمية او الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها حكومة الكويت قبل نشرها في الجريدة الرسمية الا بإذن خاص من الوزارة المعنية» وأما البند 9 فلا يقل غرابة عنه بل إنه الكارثة الحقيقية فنصه يحظر: «كشف ما يدور في أي اجتماع أو ما هو محرر في وثائق أو مستندات أو مراسيم أو أي أوراق او مطبوعات قرر الدستور او اي قانون سريتها او عدم نشرها ولو كان ما نشر عنها صحيحا ويقتصر النشر على ما يصدر عن ذلك من بيانات رسمية».
> > >
أولا الأمر في هذين البندين ليس قتلا لحرية الصحافة ولا لحرية تدفق المعلومات ووصولها للجمهور فقط، بل فيه ردة في الحرية التي عرفت فيها الكويت منذ سنوات، إنه قانون الردة، قانون « الإعدام» الموحد.
أما المصيبة فهي أن القانون يذبح «حرية الرأي»، إذ إن المادة 66 من القانون تنص على التالي:«يجب ألا تتضمن التغطية الانتخابية ما يسيء الى المرشحين او غيرهم بصورة مباشرة او غير مباشرة»، بمعنى أن الرأي محرم، نعم، هذا القانون يحرم الرأي.
> > >
أنتم بهذا القانون لم تقتلوا حرية تدفق المعلومات ووصولها كما تقتضي أصول الصحافة الحرة، بل قمتم وبشكل «بايخ» بتحريم الرأي، وكأن قانونكم وعبر المادة 66 هي فتوى لتحريم الرأي، هل يعقل أنه ليس من حقي أن أتناول المرشحين كتابة أو قولا سواء في الصحف أو عبر الإنترنت أو في القنوات الفضائية، هل بلغ بكم الأمر أن تحصنوا المرشحين لمجلس الأمة.
> > >
طبعا الفصل التاسع من القانون وتحديدا المادة 51 في البند «ب»، أتحدى أي قانوني من أي بلد في العالم أن يفهمها، بل وأتحدى عباقرة القانون في العالم أن يفسروها، فالبند «ب» جاء ليتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مبهم رغم أن أحكام القانون في المادة 51 اختصت بتفسير البند «أ» فقط والمختص بالمواقع الإعلامية الإلكترونية وحدد تنظيمها وتبعية ترخيصها لوزارة الإعلام، ولكن دخول البند «ب» في تنظيم مواقع التواصل الاجتماعي كان بلا أي معنى ولا أي ارتباط ولا أي توضيح، وكأن المشرع وضعه بانتظار تعديل محتمل للقانون، أو بابا للتعديل مستقبلا.
> > >
المادة51 تشترط أن يكون عمرك 21 عاما لتتمكن من امتلاك موقع إلكتروني إخباري أو دعائي وأن تكون حاصلا على الثانوية العامة وأن يكون لديك مقر معلوم، ويبدو أن المشرع أو من صاغ القانون، فاته أن النطاقات الإلكترونية لا تخضع إلا للقانون الأميركي، حيث ان النطاقات (العنوان الإلكتروني للموقع) تخرج من الولايات المتحدة الأميركية ذلك أن خدمات الإنترنت عبر العالم مرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية، وتسجيل أي موقع الكتروني في أي مكان في العالم يتطلب موافقة الشركة المختصة في أميركا، وبالتالي فإن خدمة الانترنت عبر العالم تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة الأميركية، هل أنا واضح هنا؟
> > >
أعيد التوضيح للسيد المشرع لعله فاته أن ترخيص القانون الكويتي هو ترخيص لاحق، بل بالأصح غير ملزم، وغير فاعل إلا في النطاق الجغرافي لحدود بلدنا، فجميع النطاقات الإلكترونية تخرج من مؤسسة ICANN الأميركية المتخصصة بتسمية وترقيم المواقع الإلكترونية والمسؤولة عن توزيع تسميات وتسجيل المواقع عبر العالم، ولا يستطيع القانون الكويتي ولا وزارة المواصلات غلق أي موقع، تستطيع حجبه نعم، ولكن غلقه لأ، والحجب يمكن تجاوزه بسهولة اليوم، هنا يتضح أن الهدف من القانون رقابي يستهدف الأشخاص الكويتيين ممن يمتلكون مواقع إخبارية أو إعلامية.